تسفي بارئيل يكتب في هآرتس: إسرائيل في خندق واحد مع مصر والسعودية ودول الخليج

الجمعة 1 أغسطس 2014 09:08 ص

تسفي بارئيل، 1 أغسطس 2014، هآرتس - ترجمة: الخليج الجديد

يجب على إسرائيل الاستفادة من تحالفات إقليمية معادية لحماس.

نبدأ بنظرية مؤامرة صغيرة لا ترتبط ظاهرا بما يجري في غزة. سزجين تنريكولو، نائب رئيس الحزب الجمهوري المعارض في تركيا، رفع هذا الاسبوع استجوابا في البرلمان طالب فيه بالتحقيق في ما اذا كانت هناك صلة بين تبرع الملك السعودي بمبلغ 100 مليون دولار لجمعية خيرية تضم في عضويتها بلال اردوغان، ابن رئيس الوزراء التركي، وبين تراخيص البناء التي حصل عليها. في العام 1984 اشترى الملك السعودي تلة جميلة، تطل على البوسفور، وأراد أن يبني عليها مبان فاخرة. ولكن تراخيص البناء، بزعم المعارضة، تلقاها بعد شهرين من تحويل التبرع الكبير في نيسان 2012. ولا تمنع شبكة العلاقات الباردة بين السعودية وتركيا، وشخصيا بين الملك عبدالله ورجب طيب اردوغان الاسرة المالكة من عقد صفقات ممتازة مع تركيا.

يتبين أن الميل الى تقسيم دول المنطقة بين مؤيدي حماس ومعارضيها، حيث توجد تركيا في هذا التقسيم المتصلب في جانب “الاشرار” والسعودية مع “الاخيار” يحتاج الى إعادة تصويب. صحيح أن تركيا والسعودية هما خصمان مريران في كل ما يتعلق بحماس. فالسعودية، مثل مصر، ترى في الاخوان المسلمين وفروعهم مثل حماس أعداء يضعضعون “النظام العربي” التقليدي، ولكن في نفس الوقت تجدهما تتعاونان ضد نظام بشار الاسد في سوريا. فتركيا تسمح للمعارضة السورية بالعمل بشكل حر من اراضيها. اما السعودية فتمول قسما هاما من أعمال هذه المعارضة. وقد اكتوت السعودية من حماس، عندما تبدد اتفاق المصالحة الذي اقترحته في 2007 بل ووقع من فتح وحماس، فور التوقيع عليه. ولكن السعودية ساعدت ايضا حماس على مدى السنين قبل احتلال غزة.

عندما تفحص حماس شبكة بيت العنكبوت العربي التي تجدها مطالبة بان تسير في داخله بحذر، لا يمكنها أن تستثني من حساباتها امكانية أن توافق السعودية على تمويلها، اذا ما سارت حسب الاملاء المصري. وتلميحات بذلك سمعت في موعد قريب من التوقيع على اتفاق المصالحة بين فتح وحماس، ومؤخرا أعلنت السعودية بانها ستتبرع بأكثر من 50 مليون دولار للنازحين في غزة. وفي 2009، عندما كانت حماس تحكم القطاع، أعلن الملك عبدالله بانه سيتبرع بمليار دولار لرفع الحصار عن غزة. فهل السعودية “خيرة” أم “شريرة”؟

لم تطلق السعودية تصريحات رسمية كثيرة منذ بدء القتال في غزة، واكتفت بالتأييد العلني للمبادرة المصرية. أما غزة بحد ذاتها فليست في بؤبؤ عين المملكة، ولكن عندما تحول حماس غزة الى أداة لعب بين الدول المتخاصمة، فان السعودية تستيقظ.فالعلاقات الوثيقة بين قطر وحماس؛ وقرار حاكم قطر قبل سنتين التبرع بـ 400 مليون دولار لاعادة اعمار غزة بموافقة مصر؛ ومساعي قطر لادخال مصالحة بين الاردن وحماس، والملجأ الذي منحته قطر لرئيس المكتب السياسي لحماس، خالد مشعل، لم تزعج السعودية. فقرار مشعل قطع علاقاته مع سوريا، كان ينسجم مع السياسة السعودية. كما أن هذه القطيعة أحدثت أزمة عميقة في العلاقات بين ايران وحماس وبذلك قطع أحد اذرع التأثير الهامة التي كانت لايران في الساحة الفلسطينية.

ما أزعج السعودية كان دعم قطر للاخوان المسلمين في مصر وهجماتها على نظام عبدالفتاح السيسي العسكري. عندها ثارت السعودية وعملت على قطع العلاقات بين قسم من دول الخليج وقطر.

قطر هي دولة طموحة تسعى الى التأثير على خطوات سياسية في المنطقة. هذه إمارة مفعمة بالتناقضات، اذا ما فحصناها حسب مقاييس غربية. ففي اراضيها توجد القاعدة الامريكية الاكبر والأهم في الخليج، ولكنها تحقق ايضا أجندة اسلامية قريبة من أجندة الاخوان المسلمين. وحظيت قطر في الاسبوعين الاخيرين بوابل من الاتهامات من جانب اسرائيل، لدرجة انها وصفت كدولة داعمة للارهاب. ولكن قطر التي أمرت في 2009 المندوب الاسرائيلي بمغادرة اراضيه، واصلت ادارة الاتصالات المباشرة بل والعلنية مع مندوبين اسرائيليين كبار، وفي نفس الوقت تبرعت لحماس وللاخوان المسلمين في مصر.

لقد أدارت قطر بشكل تقليدي سياسة خارجية مستقلة لا تراعي بقدر كبير سياسة الدول العربية الاخرى. وتمتعت بهذه السياسة اسرائيل التي رأت في قطر نموذجا لعلاقات سياسية تتطلع اسرائيل الى تحقيقها في علاقاتها مع الدول العربية.

وبالمناسبة، فان حماس لم تهتم بشبكة علاقات قطر مع اسرائيل، بالضبط مثلما لم تتأثر بحقيقة أن مصر، في عهد حكم مرسي، واصلت تعاونها العسكري مع اسرائيل. فحماس ليست منظمة استراتيجية يمكنها أن تؤثر على سياسة دول عربية تجاه دول اخرى. وهي ملتزمة بايجاد الخط الذي يناسبها حتى لو كانت هذه دولة شيعية مثل ايران، دولة مؤيدة لامريكا مثل قطر أو دول غير عربية كتركيا وماليزيا والاستناد الى تبرعات دول اوروبية. وحتى المصالحة مع فتح وتشكيل حكومة الوحدة الفلسطينية هي جزء من تلك الاضطرارات التي قد لا تنسجم مع ايديولوجيها النقية، ولكنها تتيح وجودها. وفي نفس الوقت، وبالذات لان حماس اصبحت بؤرة جذب لروافع التأثير الدولية، فانها تمنح اسرائيل فرصة لبناء قاسم مشترك مع دول عربية وغير عربية حسب خريطة التأييد أو المعارضة لحماس.

هكذا مثلا وجدت اسرائيل نفسها حبيسة مع مصر وعلى اي حال مع السعودية ومع دول اتحاد الامارات في بوتقة المعارضة لحماس. تركيا، التي تدهورت علاقاتها مع اسرائيل منذ حملة “الرصاص المصبوب” اصبحت عدوا. ولكن هذه منظومة هشة وغير مستقرة من شأنها فور القتال في غزة ان تتفكك. فاذا ما تبرع الملك السعودي بـ 100 مليون دولار لجمعية خيرية تركية، وبالمقابل تعد قطر باستضافة منتخب اسرائيل في مونديال 2022، فان معنى الامر أن الخريطة السياسية في المنطقة كما ترسمها اسرائيل اليوم من شأنها أن تكون فرصة عابرة اذا لم تستغل لخطوات سياسية.

  كلمات مفتاحية

«هآرتس»:مصر تنتظر ثورة ونسبة الـ96% التي فاز بها «السيسي» يخجل منها «مبارك»

يديعوت: عداء أنظمة عربية للإسلاميين فرصة تاريخية ونافذة مفتوحة أمام (إسرائيل)

«ذي ماركر»: وصول «السيسي» للحكم وفر 40% من النفقات الحربية الاسرائيلية