من يفوز في الصراع المحتدم حول كعكة النفط الليبي؟

الأحد 14 يونيو 2020 10:03 م

كيف سيتم تقسيم كعكة النفط بعد التسوية السياسية النهائية للحرب في البلاد؟

سؤال فرض نفسه على مراقبي الشأن الليبي خلال الأيام الماضية بعد توالي هزائم قوات "خليفة حفتر" غربي البلاد، وفقدانه السيطرة على قاعدة الوطية الاستراتيجية ومطار طرابلس وترهونة، وظهور مؤشرات على فقدان الجنرال المتقاعد لثقة حلفائه إقليميا ودوليا.

فالدول التي تقف خلف "حفتر" تريد الحصول على حصة من ثروة ليبيا النفطية، لكنها ضغطت على زر التوقف بعد هزائمه الأخيرة، وهو ما ساهم في نجاح تركيا التي راهنت على دعمها للطرف الذي يحظى بالشرعية الدولية، وبالتالي باتت مرشحة للحصول على نصيب الأسد في أي اتفاقات مقبلة بشأن التنقيب عن الثروات النفطية، حسب تقدير نشره موقع "أويل برايس" الأمريكي.

وتعود قصة الصراع الحالي على النفط الليبي إلى 12 سبتمبر/أيلول 2016، عندما تمكنت قوات "حفتر" من السيطرة على كامل الحوض النفطي (4 موانئ)، وطرد "إبراهيم جضران"، رئيس حرس المنشآت النفطية من المنطقة، بغرض الاستئثار بكعكة النفط كاملة تقريبا، لكن قرار مجلس الأمن رقم 2362 حال دون ذلك، وظلت جميع حقول وموانئ ومنشآت النفط في ليبيا تحت السيطرة الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط في طرابلس (مقر حكومة الوفاق).

وتشرف المؤسسة على عمليات الإنتاج والصيانة والخدمات والتصدير في قطاع النفط والغاز، وتنسق مع المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق حول عقود التنقيب والاستكشاف مع الشركات الأجنبية العاملة في ليبيا.

وتعود أموال النفط بعد تصدير شحنات النفط والغاز إلى مصرف ليبيا المركزي، ثم تصرف الجهات التنفيذية، المتمثلة في حكومة الوفاق، أجزاء كبيرة من هذه الأموال على بنود الميزانية العامة للدولة في كل عام.

وفي عام 2018، اضطر "حفتر" إلى تسليم المؤسسة موانئ التصدير في منطقة الهلال النفطي بعدما فشل في تصدير النفط جراء رفض المجتمع الدولي أي محاولة بيع خارج شرعية حكومة الوفاق بطرابلس.

وفي مايو/أيار 2019، نقلت تقارير إعلامية عن مصادر ليبية مقربة من لجنة الطاقة والموارد الطبيعية بمجلس النواب في طبرق (شرق)، الموالي لـ"حفتر"، أن مساعي حثيثة تقودها الإمارات في واشنطن لإقناع الأخيرة بجدوى بيع النفط عبر مؤسسة نفط موازية في بنغازي تحت سيطرة "حفتر"، وهو ما لم تستجب له واشنطن.

وحين حاول "حفتر" عرقلة إنتاج النفط الليبي مجددا منذ بداية عام 2020 عن طريق مؤيدين له، قوبل بانتقادات من الولايات المتحدة وحتى من حليفته فرنسا.

تطلعات روسية

وبينما تستمر المواجهات بين حكومة الوفاق الليبية من جهة وبين "حفتر" وميليشياته من جهة أخرى، تخشى موسكو أن انتصارات الوفاق سوف تعني في النهاية فقدان روسيا لنفوذها في ليبيا، وهو النفوذ الذي تسعى موسكو إلى ترسيخه من خلال دعم "حفتر".

وفي الوقت الذي تتقارب فيه مصالح روسيا وتركيا حول السيطرة على المصادر الطبيعية بالبحر المتوسط، يبدو أن "بوتين" يخشى من توسع النفوذ التركي في طرابلس، ونتيجة لذلك، سارعت موسكو إلى إرسال طائرات مقاتلة إلى قاعدة الجفرة الجوية بهدف ردع التقدم التركي.

وفي هذا السياق، ألمحت تقارير إعلامية إلى أن "حفتر" طلب من الروس الدعم مقابل منح موسكو اليد العليا على سياسات النفط في ليبيا، ما يعني إحكام قبضة موسكو على أكبر احتياطات للنفط في أفريقيا.

لكن رفض روسيا تنصيب "حفتر" لنفسه حاكماً على ليبيا مؤخرا يخبرنا أن موسكو لا ترى أن مصالحها في ليبيا سوف تتم خدمتها بشكل أفضل عبر اتفاق منفرد مع "حفتر"، وفي المقابل، تسعى موسكو للحفاظ على نفوذها داخل الشرق الليبي ككتلة سياسية حتى وإن خرج "حفتر" من المشهد.

سيناريو إماراتي

أما الإمارات، وبخلاف رغبتها في الحصول على نصيبها في كعكة النفط الليبية، فإنها تركز بشكل كبير على السيطرة على موانئ الشرق الليبي، خاصة أن موانئ دبي العالمية تتطلع لتوسيع نشاطاتها في منطقة شرق المتوسط عبر ميناء بنغازي، إضافة إلى الحصول على عقود مربحة في إعادة إعمار البلد.

وإزاء ذلك، يبدو أن السيناريو الأكثر توافقا مع مصالح أبوظبي هو تقسيم ليبيا إداريا إلى شطرين، أحدهما يخضع للنفوذ التركي، غربي البلاد، والآخر يخضع للنفوذ الإماراتي والروسي، شرقي البلاد.

ويمثل هكذا سيناريو تحديا لأبوظبي من زاويتين، الأولى هو تضارب المصالح مع موسكو حول النفط والموانئ مع موسكو، والثانية تتعلق برفض "حفتر" لسيناريو التقسيم وتطلعاته لبسط سيطرته على كامل ليبيا.

في الوقت نفسه، يواجه هذا السيناريو تحديا إضافيا يتمثل في رفض واشنطن مبدأ تقسيم ثروة ليبيا النفطية، وهو الرفض الذي دفع "حفتر" لقبول قرار مؤسسة النفط الوطنية الأخير بتوحيد مجلس إدارة شركة البريقة للنفط، المشغلة للموانئ في منطقة الهلال النفطي، التي يسيطر عليها.

انتصار تركي

وتعني الهزائم التي يمنى بها "حفتر" عسكريا وسياسيا، أن تركيا في طريقها لامتلاك اليد العليا حول ثروات النفط الليبية، خاصة أنها تحظى باتفاق شرعي مع حكومة الوفاق للتنقيب عن الثروات الطبيعية.

وفي هذا الإطار، يشير تقدير نشره موقع "وورلد أويل" إلى أن رئيس حكومة الوفاق الليبية "فايز السراج" قد يكون في وضع يسمح له الآن بمحاولة إعادة تشغيل حقول النفط المعطلة غربي البلاد، مثل "الشرارة" و"الفيل"، بعدما سيطرة قواته على قاعدة الوطية.

لكن تصرفات "حفتر" الماضية تؤشر إلى أنه لن ينهي حصاره لموانئ النفط أو يسمح بفتح حقول أخرى ما لم يحصل على صفقة تمنحه نسبة من عائدات الطاقة الليبية.

وتسببت سيطرة "حفتر" على منطقة الهلال النفطي في انخفاض إنتاج ليبيا من النفط من 1.2 مليون برميل في أواخر عام 2019 إلى 90 ألف برميل فقط، ونتيجة لذلك، فإن محاولات إعادة تشغيل حقول النفط جنوب غرب البلاد لن تكون كافية لعودة الاستدامة إلى إنتاج النفط في ليبيت، حسبما يرجح "يل فارن برايس"، مدير شركة الاستشارات الكندية "آر .إس إنيرجي".

ووفق تقدير "برايس" فإن معظم إنتاج النفط الليبي سيظل معطلا حتى تظهر دلائل على أن العملية السياسية تتحرك مرة أخرى، وهو ما لم تظهر مؤشراته بعد.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر فائز السراج فلاديمير بوتين النفط الليبي

ليبيا تفقد 4 مليارات دولار إثر إغلاق حقول النفط

تقرير: حكومة الوفاق الليبية تستطيع إنعاش البلاد دون الهلال النفطي

شركة نفط روسية تستأنف عمليات التنقيب في ليبيا