تقرير: حكومة الوفاق الليبية تستطيع إنعاش البلاد دون الهلال النفطي

الأربعاء 24 يونيو 2020 10:14 ص

رغم اشتداد الصراع في ليبيا على منطقة الهلال النفطي، والتي يقع معظمها تحت سيطرة قوات الجنرال "خليفة حفتر"، لكن المنطقة الغربية وجزء من الجنوبية، التي باتت تحت سيطرة حكومة الوفاق الوطني، المعترف بها دوليا، تضم احتياطيات هائلة أيضا من المحروقات، تتيح للاقتصاد الليبي تحقيق انتعاشة هو أحوج ما يكون لها حاليا، إذا تم توفير أجواء مناسبة لدخول الاستثمارات في هذا المجال.

وتقع معظم أجزاء الهلال النفطي في إقليم برقة (شرق)، لكن إقليمي طرابلس (غرب) وفزان (جنوب غرب) يستحوذان على أكثر من ثلثي إنتاج وصادرات البلاد من الغاز الطبيعي، وعلى أكبر حقل نفطي.

وتستحوذ قوات "حفتر"، على الهلال النفطي، بما فيه جميع حقول النفط والموانئ النفطية الأربعة (السدرة، راس لانوف، البريقة، الزويتينة)، إضافة إلى ميناء الحريقة بمدينة طبرق أقصى الشرق.

لكن المنطقة الغربية (إقليم طرابلس) الخاضعة حاليا لحكومة الوفاق، تسيطر على ميناءين نفطيين (الزاوية ومليتة)، وثالث عائم (ميناء غزة) وعلى أنبوب وحيد في البلاد لتصدير الغاز، فضلا عن حقلين بحريين للنفط والغاز، وحقل الحمادة الحمراء النفطية.

أما المنطقة الجنوبية (إقليم فزان)، التي تخضع معظم أجزائها لقوات "حفتر"، فتتواجد بها وحدات عسكرية تابعة للقوات الحكومية، خاصة في مدينة مرزق (تقطنها أغلبية من قبائل التبو) وفي محيط مدينتي أوباري وغات (تقطنهما قبائل الطوارق).

يقع في إقليم فزان، أكبر حقل نفطي بالبلاد وهو حقل الشرارة، وإلى الجنوب منه حقل الفيل.

وقريب من الحدود الجزائرية، يقع حقل الوفاء أحد أكبر حقول الغاز الطبيعي، الذي يعد امتدادا لحقل عين أمناس بالجزائر.

وترتبط حقول النفط في فزان، بأنبوب يمتد إلى مصفاة الزاوية ومينائها النفطي، بينما يرتبط حقل الوفاء النفطي والغازي بأنبوب نحو مجمع مليتة، ومنه يتم تصدير الغاز إلى إيطاليا، عبر أنبوب تحت البحر.

وإن كان الهلال النفطي يستحوذ على 80% من المنشآت النفطية في البلاد، فإن المنطقتين الغربية والجنوبية تملكان أكثر من 68% من إنتاج الغاز الطبيعي في البلاد.

وتمتلك ليبيا احتياطات ضخمة من الغاز الطبيعي تبلغ 55 تريليون قدم مكعب، أو ما يقارب ضعف احتياطات حقل ظهر المصري (30 تريليون قدم مكعب).

لكن هذه الاحتياطات غير مستغلة بالشكل الكافي، بسبب قلة الاستثمارات المحلية والأجنبية، نظرا لتركيز البلاد على النفط، الذي تملك البلاد منه أكبر احتياطي في أفريقيا، فضلا عن الأوضاع الأمنية، بالإضافة إلى المنافسة الشرسة على الأسواق الأوروبية، خاصة من روسيا وغازها الرخيص، وأيضا دخول الولايات المتحدة مؤخرا السوق الأوروبية بفضل الغاز الصخري، ناهيك عن استعداد عدة دول أفريقية لتصدير الغاز إلى أوروبا على غرار موريتانيا والسنغال بالإضافة إلى نيجيريا.

وبشكل عام، كان الغاز الطبيعي أقل تضررا بحكم وجود حقلين غازيين في البحر، لم تتمكن قوات "حفتر" من السيطرة عليهما، أو قطع خطوط إمدادهما، ومع ذلك تراجعت معدلات إنتاج الغاز الطبيعي في أبريل/نيسان الماضي، بسبب إقفال صمام سيدي السائح (جنوب شرق طرابلس).

ويحتوي حقل البوري النفطي والغازي قبالة السواحل الليبية، على احتياطات مهمة من النفط والغاز، تصل إلى 2 مليار برميل من النفط، وينتج 30 ألف برميل يوميا، أما حقل بحر السلام، والذي يقع قبالة الساحل الغربي لليبيا، فينتج نحو مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، وشيدت بالقرب منه "منصة صبراتة" العائمة، التي توجد بها منشآت لمعالجة الغاز قبل تحويله إلى مليتة ثم إعادة تصديره إلى إيطاليا، عبر أنبوب "التيار الأخضر".

وبسبب الأوضاع المتردية على الأرض الليبية، تولي مؤسسة النفطة أولوية خاصة لحقول النفط والغاز في البحر.

وينتج حقل الوفاء الواقع على بعد 160 كم جنوب مدينة غدامس (جنوب غرب طرابلس) 37 ألف برميل من النفط والمكثفات و22.5 ألف برميل من الغاز الطبيعي المسال.

لكن يبقى حقل الشرارة النفطي في أقصى الجنوب الغربي بلا منازع بإنتاج يفوق 300 برميل يوميا قبل الإغلاق، إضافة إلى حقل الفيل الذي يقدر إنتاجه بأكثر من 100 ألف برميل يوميا.

في حين ينتج حقل الحمادة الحمراء، الواقع غرب مدينة الشويرف (420 كم جنوب طرابلس)، نحو 9 آلاف برميل يوميا.

بينما ينتج حقل زلة، وبقية حقول المقاسمة، والتابع لمحافظة الجفرة التي تقع ضمن إقليم فزان، 19 ألف برميل يوميا، لكنها تقع ضمن ما يسمى بالهلال النفطي.

وإذا جمعنا الإنتاج النفطي لكامل المنطقة الغربية والجنوبية، باستثناء الهلال النفطي، على افتراض أنه ينتج بكامل طاقته فإن الرقم قد يصل إلى قرابة 500 ألف برميل نفط يوميا أو ما يعادل نصف إنتاج ليبيا في 2019.

فالمنطقتان الجنوبية والغربية المرتبطتان بشبكة لنقل وتوزيع وتصدير النفط والغاز، منفصلة تماما عن شبكة الهلال النفطي، أو تلك المرتبطة بميناء الحريقة النفطي في طبرق.

ما سبق لا يمنع حقيقة أن الصراع على الهلال النفطي في المرحلة القادمة، قد يكون حاسما لمستقبل البلاد، خصوصا أن هناك من يحاول رسم "حدود حمراء" بين أقاليم ليبيا الثلاثة.

وإذا استطاعت قوات حكومة الوفاق، المعترف بها دوليا، تحرير إقليم فزان، وتأمين منشآت النفط والغاز، فبإمكان اقتصاد البلاد إعادة الوقوف على قدميه، في انتظار تحرير الهلال النفطي وكامل البلاد، خاصة إذا تمكن من ضخ استثمارات أكبر في قطاعي الغاز والنفط، وجذب استثمارات أجنبية لاستغلال احتياطاته الضخمة من المحروقات ناهيك عن اكتشاف آبار جديدة.

المصدر | الخليج الجديد + الأناضول

  كلمات مفتاحية

الأزمة الليبية الأزمة في ليبيا الهلال النفطي الهلال النفطي الليبي نفط ليبيا