السيطرة على النفط.. معركة الإمارات الخفية في ليبيا

الثلاثاء 23 يونيو 2020 08:06 م

يشتد الصراع في ليبيا بين أطراف إقليمية ودولية، بحثا عن نيل حصة ثمينة من كعكة النفط الليبي، وسط مساعي إماراتية للسيطرة على حقول النفط الرئيسية بالبلاد.

وتعمل شركات من إيطاليا وفرنسا وروسيا والإمارات ومصر والجزائر وتركيا في مجال التنقيب عن النفط والغاز بالأراضي الليبية، وسط احتياج البلاد الكبير لاستثمارات ضخمة في قطاع الطاقة.

ومن آن لآخر، تتحول حقول النفط في أنحاء البلاد إلى ساحة معارك، وشد وجذب، بين قوات الشرق بقيادة الجنرال "خليفة حفتر"، وقوات حكومة "الوفاق" (معترف بها دوليا).

  • ثروة كبيرة

ويكفي النظر إلى الأرقام لاستكشاف مكانة النفط في الصراع الليبي؛ حيث تحتل البلاد المرتبة الخامسة عربيا، والثالثة أفريقيا، باحتياطي نفطي يبلغ حوالي 48.36 مليار برميل، وفق بيانات منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك".

وتضع تلك الثرورة النفطية ليبيا في المرتبة التاسعة بين الدول المالكة لاحتياطيات نفطية مؤكدة، بحصة تقدر بنحو 3.94% من الاحتياطي العالمي، و4.87% من احتياطات منظمة "أوبك"، وسط توقعات بأن الاحتياطيات الليبية تكفي مدة 77 عاما إذا ما استمر الإنتاج بالمعدل الحالي.

وتحظى ليبيا بحصة مهمة أيضا من الغاز الطبيعي تضعها في المرتبة 21 عالميا في احتياطات الغاز، بحجم احتياطي يبلغ 54.6 تريليون قدم مكعب.

ويوفر النفط نحو 94% من موارد الحكومة في ليبيا، التي تضخ حوالي 1.2 مليون برميل يوميا من النفط، وتسعى إلى رفع إنتاجها إلى 2.1 مليون برميل بحلول عام 2024، وفق بيانات رسمية.

وتنتج ليبيا 2 مليار قدم مكعب من الغاز الطبيعي، فيما تهدف المؤسسة الوطنية للنفط خلال الأعوام المقبلة إلى رفع إنتاجها إلى 3.5 مليارات قدم.

والعام الماضي، بلغت إيرادات ليبيا من النفط نحو 20.3 مليار دولار حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، وفق بيانات مصرف ليبيا المركزي.

وتسبب إغلاق المنشآت النفطية الليبية، وتدمير الخزانات النفطية، ووقف إنتاج عدد من الحقول، في خسائر قدرت بـ135 مليار دولار منذ عام 2014، حتى عام 2020.

  • خريطة الخقول

يعد حقل "الشرارة"، جنوب غربي البلاد، أهم الحقول في ليبيا، وتشغله شركة "ريسول" الإسبانية؛ حيث يبلغ إنتاجه 300 ألف برميل يوميا، ما يعادل ربع إنتاج البلاد.

وهناك حقل "آمال" النفطي، ويقع في الواحات شمال شرقي ليبيا، وينتج 300 ألف برميل من النفط يوميا.

ومن أهم الحقول النفطية، حقل "الفيل" الواقع في صحراء مرزق جنوب طرابلس وتقدر احتياطياته بأكثر من 1.2 مليار برميل من النفط، وهناك أيضا حقلي "المسلة" و"النافورة" اللذين تقدر طاقتهما الإنتاجية بنحو 200 ألف برميل يوميا.

ويقع حقل "الظهرة"، جنوب غرب سرت، وينتج نحو 120 ألف برميل يوميا، وهناك حقل "زلطن" جنوب ميناء البريقة، ويضم 229 بئرا، وينتج 30 ألف برميل يوميا.

أما حقل "البوري" على بعد 120 كلم شمال الساحل الليبي في البحر المتوسط؛ فينتج 40 ألف برميل يوميا، بينما ينتج حقل "الوفاء" جنوب غرب مدينة طرابلس حوالي 30 ألف برميل يوميا، ويحوي حقل "الفارغ" احتياطات تقدر بـ12.2 مليون برميل من النفط.

وتضم القائمة كذلك حقول "أبو الطفل، العطشان، 103، جخرة، تيبستي، الغاني، الجولف، البوري"، وغيرها.

وتمتلك ليبيا موانئ عدة لتصدير للنفط، على رأسها ميناء الحريقة وميناء الزويتينة شرقي ليبيا، وموانئ البريقة ورأس لانوف والسدرة في الوسط، وصولا إلى ميناءي الزاوية ومليتة في الغرب.

  • شركات دولية

ومن أبرز الشركات الأجنبية العاملة في مجال النفط والغاز بالأراضي الليبية، عملاق النفط الإيطالي "إيني"، وشركتا "توتال" و"شلمبرجير" الفرنسيتان.

وتسجل روسيا حضورا لافتا عبر شركتي "غاز بروم" و"تاتنفت"، إلى جانب شركة "بريتش بتروليوم" البريطانية، وشركة "فينتر شال" الألمانية، وشركات "إكسون موبيل" و"كونوكو فيليبس" و"بيكر هيوز" و"هاليبرتون" الأمريكية.

وهناك شركات تركية وصينية وإسبانية تعمل في القطاع الليبي. أما عربيا، فهناك شركة "سوناطراك" الجزائرية، فضلا عن العديد من الشركات المصرية أبرزها "بتروجيت" و"إنبي".

ومحليا، هناك شركات نفط مملوكة كليا أو جزئيا إلى طرابلس وهي شركات "سرت" و"الواحة" و"مليتة" و"الخليج العربي" و"أكاكوس" و"الهروج" و"المبروك".

وإجمالا، يبلغ عدد الشركات التي تحصلت على امتيازات نفطية في ليبيا قبل عام 2011 نحو 70 شركة أجنبية.

  • نفوذ "حفتر"

وتسيطر قوات "حفتر" على المنطقة المعروفة باسم "الهلال النفطي" الذي تضم حقول وموانئ المنطقة الوسطى والبريقة، وكذلك حوض "سرت" الذي ينتج نحو ثلثي حصة البلاد من النفط.

وتكمن نقطة قوة "حفتر" في وقوع أغلب موانئ التصدير في منطقة الهلال النفطي تحت سيطرته، وعلى رأسها ميناء "السدرة" وميناء "رأس لانوف".

والهلال النفطي عبارة عن حوض نفطي يطل على البحر المتوسط، وهو على شكل "هلال"، يمتد على طول 250 كم إلى الشرق، بين سرت وبنغازي، وتضم المنطقة أكبر مخزون للنفط الليبي، إضافة إلى مصافي النفط ومنشآت التكرير وموانئ التصدير.

  • أزمة إماراتية

منذ سنوات، تحاول مليشيا "حفتر" عقد اتفاقيات مع شركات مصرية وإماراتية لبيع النفط بأسعار أقل من السوق العالمي، لكن هذه المحاولات باءت بالفشل.

وتكمن المعضلة الإماراتية في أن بيع النفط الليبي هو اختصاص أصيل للمؤسسة الوطنية للنفط، التابعة لحكومة "الوفاق".

وتقع جميع حقول وموانئ ومنشآت النفط في ليبيا تحت السيطرة الإدارية الحصرية للمؤسسة الوطنية للنفط (مقرها طرابلس)، والتي تشرف على عمليات الإنتاج والصيانة والخدمات والتصدير، وكذلك الإيرادات، بموجب قرار مجلس الأمن رقم "2362".

وتتحكم حكومة "الوفاق" في عائدات النفط، وتتولى إيداع أموال المبيعات الشهرية في مصرف ليبيا المركزي (مقره طرابلس) وتوزيعها على الميزانية العامة للدولة، وهو ما يمنح الذهب الأسود الليبي مظلة دولية من الحماية.

وفي محاولة لتجاوز قرار مجلس الأمن، سعت أبوظبي منذ عام 2018 إلى إقناع واشنطن بجدوى بيع النفط عبر مؤسسة نفط موازية في بنغازي تحت سيطرة "حفتر"، لكنها لم تنجح في ذلك.

كذلك، دفعت الإمارات حليفها "حفتر" إلى فتح مكاتب لمؤسسة النفط "الموازية" في أكثر من دولة، وفتح حساب مصرفي منفصل عن حساب المؤسسة الرسمية لتلقي إيرادات النفط، لكن هذه المحاولات فشلت أيضا.

الخلاصة أن "حفتر" وداعموه يسيطرون على حقول وموانئ النفط، لكنهم لا يستطيعون جني الأرباح، وهو ما يفسر إصرار "حفتر" ومن ورائه أبوظبي على مد سيطرتهم إلى العاصمة طرابلس لفرض سلطتهم بالأمر الواقع، والتحكم في عائدات النفط، وهي المحاولات التي شهدت انتكاسة كبيرة خلال الأسابيع الأخيرة إثر هزائم "حفتر" المتوالية في الغرب.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

خليفة حفتر قوات خليفة حفتر النفط الليبي مؤسسة النفط الليبية نفط ليبيا موانئ النفط الليبية

تقرير: حكومة الوفاق الليبية تستطيع إنعاش البلاد دون الهلال النفطي

مباحثات إماراتية أوروبية حول ليبيا والسودان وشرق المتوسط

كيف أفسدت الإمارات الشرق الأوسط بدعم من واشنطن؟