هل تنجح الضغوط الأمريكية في كبح التمدد الصيني في إسرائيل؟

الثلاثاء 2 يونيو 2020 10:27 ص

كانت (إسرائيل) على علم بالمشكلة حتى قبل أن يستقل وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو" رحلته إلى تل أبيب في وقت سابق من هذا الشهر، بعد 4 أيام من وفاة والده. وكانت هذه أول رحلة خارجية لـ"بومبيو" منذ مارس/آذار.

وتردد تحذير أمريكي قبل عقدين من الزمان بأن التعاملات الإسرائيلية مع الصين تعرض العلاقات مع الولايات المتحدة للخطر.

وقبل عقدين، كانت القضية تدور حول البيع المحتمل لأنظمة الإنذار والتحكم الإسرائيلية المحمولة جوا من طراز "فالكون" للصين. وتراجعت حينها (إسرائيل) عن الاتفاق بعد أن هددت الولايات المتحدة بسحب الدعم الأمريكي لـ(إسرائيل).

وكانت القضية هذا الشهر هي محاولة صينية لبناء أكبر محطة لتحلية المياه في العالم، في حين تتكشف في الأفق معركة أمريكية صينية أكبر من أجل وجود مهيمن في موانئ شرق البحر المتوسط.

وفي غضون أيام من زيارته، حقق "بومبيو" نجاحا مرتبطا بالصين، حتى لو كان التركيز الرئيسي لمحادثاته مع رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو" حول إيران وخطط (إسرائيل) لضم أجزاء من الضفة الغربية التي تحتلها (إسرائيل) منذ عام 1967.

وأشارت (إسرائيل) إلى أنها استمعت إلى رسالة وزير الخارجية وسوف تمنح عقد محطة تحلية "سوريك-2" لشركة إسرائيلية بدلا من شركة صينية.

ومع ذلك، ليس ذلك الملف سوى غيض من فيض.

ويعد اهتمام الصين بـ(إسرائيل) أمرا استراتيجيا بالنظر إلى حقيقة أن (إسرائيل) تضم واحدة من أكبر المجتمعات التكنولوجية والتجارية والغذائية والأمنية في العالم، وواحدة من الدول القليلة التي تحظى بدعم شعبي كبير في الولايات المتحدة.

وإذا كان هناك شيء واحد لا تستطيع (إسرائيل) تحمله، فهو قطع روابطها مع الولايات المتحدة. ولن يكون هذا أكثر أهمية من الوقت الذي تكون فيه الولايات المتحدة القوة الوحيدة الداعمة لخطط الضم الإسرائيلية في الضفة الغربية.

والسؤال هو ما إذا كانت (إسرائيل) قادرة على تطوير صيغة تقنع الولايات المتحدة بأن مصالح الولايات المتحدة ستحدد التعاملات الإسرائيلية مع الصين، وتطمئن الصين في نفس الوقت إلى أنها لا تزال تستطيع الاستفادة من الأصول الإسرائيلية.

ويعتقد المحللون أن هناك جانبا إيجابيا في رفض (إسرائيل) منح محطة تحلية المياه لشركة صينية، حيث يسمح لها ذلك باتباع مسار وسط بين الولايات المتحدة والصين.

وتدرك الصين أنه من خلال منح الأمريكيين هذا الفوز، يمكن أن تستمر العلاقات الصينية الإسرائيلية. لقد أراد الإسرائيليون متنفسا.

لكن الأمر متروك لـ(إسرائيل) لتطوير معايير وسياسات تلائم الولايات المتحدة وتوضح للصين ما يمكن لـ(إسرائيل) فعله وما لا تستطيع فعله.

وقالت "كريس ويت" محللة العلاقات الصينية الإسرائيلية: "ولكي تحصل (إسرائيل) على ما تريده، ستحتاج إلى أن تُظهر للأمريكيين أنها تأخذ التصورات الاستراتيجية لواشنطن في الاعتبار. وليس ذلك فحسب، بل تحتاج إلى المضي للأمام في التفكير الاستراتيجي فيما يتعلق بالعلاقة مع الصين. لكن يبقى السؤال هو كيف".

ومن المرجح أن تكون الموانئ والتكنولوجيا نقاط اتصال واعدة.

ومن المقرر أن تتولى الصين العام المقبل إدارة ميناء حيفا، حيث قامت بالفعل ببناء رصيفها الخاص، وتقوم ببناء ميناء جديد في أشدود.

وتتمثل إحدى طرق معالجة المخاوف الأمريكية في تضمين شركات التكنولوجيا في نطاق مجلس لا يزال بلا أسنان نسبيا تم إنشاؤه تحت ضغط أمريكي في أعقاب صفقة حيفا لمراجعة الاستثمار الأجنبي في (إسرائيل).

وسوف يسعى المجلس لضمان عدم منح الصين إمكانية الوصول إلى التكنولوجيا المزدوجة للاستخدام العسكري والمدني.

ومع ذلك، قد لا يكون ذلك كافيا لحماية (إسرائيل) من الضغط الأمريكي المتزايد للحد من تدخل الصين في الموانئ الإسرائيلية.

وقال "ويت": "إن أوجه التشابه بين محطة التحلية والميناء قريبة للغاية لدرجة لا يمكن تجاهلها".

وسوف يضيف الميناءان الإسرائيليان ما أصبح سلسلة صينية من اللؤلؤ في شرق البحر الأبيض المتوسط، حيث تدير الصين بالفعل ميناء "بيريوس" اليوناني.

وتسعى "شركة الصين الهندسية للموانئ" إلى تحديث ميناء طرابلس العميق في لبنان للسماح له باستيعاب السفن الكبيرة.

وباعت شركة صينية أخرى لميناء طرابلس رافعات حاويات بسعة 28 طابقا، قادرة على رفع ونقل أكثر من 700 حاوية يوميا، بينما رست سفينة حاويات تابعة لشركة الشحن الصينية المملوكة للدولة "كوسكو" في طرابلس في ديسمبر/كانون الأول 2018، مفتتحة خط بحري جديد بين الصين والبحر الأبيض المتوسط.

كما تتطلع شركات البناء الصينية الكبرى إلى بناء خط سكة حديد يربط بين بيروت وطرابلس في لبنان بحمص وحلب في سوريا.

كما اقترحت الصين أن تصبح طرابلس منطقة اقتصادية خاصة ضمن مبادرة "الحزام والطريق"، وأن تعمل كنقطة شحن مهمة بين جمهورية الصين الشعبية وأوروبا.

ومن المحتمل أن تتيح المشاركة الصينية المحتملة في إعادة إعمار سوريا ما بعد الحرب الوصول إلى موانئ اللاذقية وطرطوس.

وتتطلع الصين إلى السيطرة على شرق البحر الأبيض المتوسط ​​من خلال 6 موانئ في 4 دول، هي (إسرائيل) واليونان ولبنان وسوريا، بشكل من شأنه أن يخلق بديلا لقناة السويس.

وتبقى فقط الموانئ التركية والقبرصية والمصرية بعيدة عن السيطرة الصينية.

ويهدد هذا الجهد الصيني بتعقيد قدرة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي "الناتو" على المناورة في المنطقة.

وحذرت إدارة "ترامب" (إسرائيل) بالفعل من أن التدخل الصيني في حيفا يمكن أن يهدد استمرار استخدام الميناء من قبل الأسطول الخامس الأمريكي.

المصدر | أوراسيا ريفيو - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإسرائيلية الصينية ميناء حيفا مشروع الحزام والطريق

موقع عبري: الاستخبارات الأمريكية قلقة من مشاركة الصين في مشاريع إسرائيلية