استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

خريف أمريكا العنصري

الخميس 4 يونيو 2020 07:25 ص

خريف أمريكا العنصري

اعتقد كثيرون أن أمريكا دخلت القرن الحادي والعشرين متخلصة من ماضيها الأسود للتمييز العنصري لكن الوقائع أثبتت العكس.

مجمل ظروف أمريكا الخارجية والداخلية تظهر صعوبة ردم الفجوة بمجتمعها التعددي ما يفاقم المشكلة وصورتها النمطية بالحياة السياسية والاجتماعية.

*     *     *

بعد وصول باراك أوباما كأول رئيس أمريكي من أصول إفريقية، شاع اعتقاد في الداخل الأمريكي، مفاده، أن المجتمع الأمريكي تخطى عقدة التمييز العنصري التي سادت في السلوك الجمعي لسنوات طويلة.

إلا أن الكثير من الأحداث، أثبتت أن هذا السلوك ليس عابراً في الحياة السياسية الأمريكية، بل له أسبابه التي من الصعب تجاوزها، إذ إن التمييز العنصري انطلق من خلفيات قانونية أرست أكثر من مجرد أعراف تسببت في الكثير من الأذى المجتمعي.

ومع أن موجة الاحتجاجات القائمة على خلفية مقتل جورج فلويد ليست سابقة بحد ذاتها، فإن وقائعها وردود الفعل عليها، أعطتها زخماً أقوى، وبالتالي تأثيرات أكثر حدة في الحياة السياسية الأمريكية، لجهة تأثيرها في مجريات الانتخابات الرئاسية القادمة، لاسيما وأن، اتهامات متبادلة بين الجمهوريين والديموقراطيين أخذت طابعاً انتخابياً أكثر منه اجتماعياً.

إن التدقيق في خلفيات بعض الأرقام وتداعياتها الاجتماعية والسلوكية، تظهر صوراً قاتمة، فتعداد السود يبلغ 26 مليوناً أي 11.4% من مجموع السكان، وهذه الفئة تعد من الأقليات الكبرى، التي جلبت من القارة الإفريقية.

واستغلت كوقود إنتاجي في ظروف قاسية، عمقت الشرخ الطبقي، وأعطت التمييز العنصري لوناً أشد سواداً على مر السنين. وبات التعامل مع هذه الفئة، تراثاً يتم التعامل فيه من دون خجل في مجتمع يدعي شرب الديموقراطية مع حليب الأطفال.

ورغم الإنجازات السياسية المتفرقة، لا يزال السود يعانون تمييزاً قاسياً، ويظهر ذلك من خلال الوظائف المتاحة لهم والتي لا تصل في أحسن الأحوال إلى 1% من الوظائف الإنتاجية، في حين يصل دخل الفرد الأبيض إلى ضعف نظيره الأسود، ما عزز التفاوت الطبقي بشكل مخيف.

لا سيما وأن نسبة البطالة لدى السود هي ضعفها لدى البيض، وتنعكس تلك النسبة على حالة التعليم في مختلف مستوياتها، حيث يسجل ترك السود التعليم في مختلف المراحل، لأسباب متعددة مثل: صعوبة الاندماج الاجتماعي أو عدم القدرة على تأمين البدلات التعليمية، ما أسس لشروخ سلوكية، يصعب ردمها في ظروف تقليدية.

وظاهرة التمييز ليست جديدة، بل تعود جذورها وتداعياتها إلى قرون مضت، وعلى الرغم من بروز محاربتها في غير مفصل تاريخي، كنضالات مارتن لوثر كنغ وتمدده من الجنوب باتجاه الشمال، فإن استمرار الفروق الشاسعة، أعاد ظهور التمييز بأشكال أشد قسوة!

خاصة وأن أحداثاً متفرقة تظهر حالات قتل لأفراد سود لأسباب لا يعتد بها، ويمكن تفاديها، في الوقت الذي يتم غض الطرف عن الوسائل السيئة في معالجتها، الأمر الذي زاد من نقمة السود، وتمردهم في الفترة الأخيرة، وتم التعبير عنها بوسائل عنيفة.

ورغم من محاولات الاحتواء، فإن حالات الاحتجاج تمددت لتصل إلى مستويات غير مسبوقة.

ثمة مشكلة حقيقية يصعب التغاضي عنها في مجتمع تعددي تحكمه آليات اجتماعية واقتصادية لا تتسم بعلاقات إنسانية مرنة، ما يعزز الشعور بالدونية لشريحة عانت كثيراً، ولم تجد مخرجاً لها، بل تجمعت صور مضادة لها، تمثلت في شعور التفوّق العرقي لدى البيض، والذي يولد في الأغلب احتقاناً تصعب السيطرة عليه.

فرغم وجود الآليات السياسية والقانونية التي حاولت الحد من المظاهر السلبية للتمييز، فإن الفوارق ظلت متأصلة في السلوك المجتمعي، وخاصة لدى السود، الأمر الذي كوّن البيئات المناسبة لإعادة إنتاج العنف بين فترة وأخرى.

إن إعادة التكوين في المجتمعات المتعددة، تتطلب مسيرة طويلة من التضحيات المتبادلة، وخاصة من الشرائح المتحكمة اقتصادياً وسياسياً، الأمر الذي لم يظهر في المجتمع الأمريكي حتى الآن، ما يثير تساؤلات مرعبة حول ديموقراطية النظام، وقدرة الليبرالية الجديدة على ترجمة العديد من شعاراتها وبرامجها المتعلقة بالمساواة والعدالة الاجتماعية.

اعتقد الكثيرون أن الولايات المتحدة انتقلت إلى القرن الحادي والعشرين بجلباب التسامح مع الماضي الأسود للتمييز العنصري، إلا أن الوقائع أثبتت العكس.

إن مجمل الظروف الخارجية والداخلية التي تعيشها الولايات المتحدة، تشير إلى صعوبة ردم الفجوة في مجتمعها التعددي، ما يفاقم المشكلة ويعقدها، ويزيد من صورها النمطية في الحياة السياسية والاجتماعية.

* د. خليل حسين رئيس قسم العلاقات الدولية والدبلوماسية بالجامعة اللبنانية.

المصدر | الخليج - الشارقة

  كلمات مفتاحية

الدليل الإرشادي للديكتاتور.. هكذا تعلم ترامب من مستبدي الشرق الأوسط