أيام صعبة قادمة.. لماذا يعاني اقتصاد الكويت تحت وطأة كورونا؟

الأحد 14 يونيو 2020 06:53 م

لم تكن دعوة أمير الكويت، الشيخ "صباح الأحمد الجابر الصباح"، حكومة البلاد، إلى ترشيد الإنفاق الحكومي وتقليل الاعتماد على مورد واحد ناضب، سوى جرس إنذار، بأن البلاد قد تكون مقبلة على أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

وقال "الصباح" في كلمته، التي نالت اهتماما إعلاميا واسعا، الشهر الماضي، إن "كويت الغد تواجه تحديا كبيرا وغير مسبوق يتمثل في الحفاظ على سلامة ومتانة اقتصادنا الوطني من الهزات الخارجية الناجمة عن هذا الوباء".

ويعد الاقتصاد الكويتي أكثر الاقتصادات الخليجية المتوقع أن تشهد انكماشا بنسبة تفوق 5%، يليه الاقتصادان البحريني والإماراتي بمعدل انكماش 4.5%، والاقتصاد العماني بمعدل انكماش 4%، ثم الاقتصاد السعودي بمعدل 3.8%، والاقتصاد القطري بأقل معدل انكماش متوقع يقدر بـ 3.5% فقط.

أزمة خانقة

يمكن القول، إن الاقتصاد الكويتي تعرض لانكشاف حقيقي واسع أمام أزمة تفشي فيروس "كورونا"، وانهيار أسعار النفط، وإن أحاديث المسؤولين الكويتيين حول الاستعداد لمرحلة ما بعد النفط لم تتجاوز الحبر على الورق.

وتبدو ملامح المأزق الاقتصادي للكويت جلية في عدة مظاهر، على رأسها استمرار أزمة العمالة العالقة من دول عدة، وارتفاع معدلات البطالة، إلى جانب توالي الكشف عن قضايا فساد بمليارات الدولارات.

وتفيد توقعات صادرة حديثة عن البنك الدولي، بانكماش الاقتصاد الكويتي بمعدل يصل إلى 5.4% خلال العام 2020 في ظل أزمة "كورونا".

ومن المتوقع ارتفاع عجز ميزانية الكويت خلال العام المالي (2020-2021) إلى 19.3 مليار دينار (62.2 مليار دولار)، بحسب تقديرات شركة "الشال" للاستشارات الكويتية.

وتعد الأسعار الحالية لبرميل النفط الكويتي (35 دولارا) أدنى بكثير من السعر المقدر في الموازنة الكويتية البالغ 55 دولارا للبرميل، بينما تحتاج الكويت سعر تعادل لسد العجز بين الإيرادات والمصروفات يقدر بنحو 86 دولارا.

ويعتمد الكويت، البلد الذي ينتج 2.8 مليون برميل نفط يوميا، على الذهب الأسود في توفير أكثر من 90% من إيرادات موازنته، لذا فإن موازنة البلاد قد تضررت جراء انهيار الأسعار من ناحية، وجراء الالتزام بخفض يومي للإنتاج بنحو 640 ألف برميل يوميا تنفيذا لاتفاق مجموعة "أوبك+" من ناحية أخرى.

ومن مظاهر الأزمة المالية في البلاد، تراجع العائد على الاستثمارات الكويتية في السندات العالمية من نحو 3 مليارات دولار في عام 2019 إلى 1.25 مليار دولار، مارس/آذار الماضي.

كذلك أجلت مؤسسة "مورجان ستانلي"(مؤسسة مصرفية أمريكية للخدمات المالية)، انضمام الأسهم الكويتية إلى مؤشر "MSCI" للأسواق الناشئة، إلى نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، بدلا من الموعد الذي كان مقررا في مايو/أيار الماضي.

وكان من المتوقع تدفق نحو 2.5 مليار دولار على الأقل إلى السوق الكويتية بعد ترقية البورصة إلى مؤشر "إم إس سي أي" للأسواق الناشئة، بحسب وزير التجارة والصناعة الكويتي "خالد الروضان".

وباتت خسائر الاقتصاد الكويتي أكثر وضوحا، مع انخفاض صافي أصول 28 صندوقا استثماريا في البلاد، بأكثر من 202.3 ملايين دينار (ما يعادل 650 مليون دولار)، بانخفاض قدره 21%.

وترجم بنك الكويت المركزي، هذا الوضع، عبر اللجوء إلى الاقتراض وإصدار سندات بقيمة 280 مليون دينار (نحو 910 ملايين دولار)، يونيو/حزيران الجاري.

اقتصاد نفطي

ويعتمد اقتصاد الكويت على النفط كركيزة أساسية، مع بطء كبير في التحول إلى اقتصاد ما بعد النفط، وهو ما يفسر المأزق الذي يواجه المحفظة المالية الكويتية.

ومقارنة بالإمارات التي نجحت في التحول إلى الاقتصاد السياحي، وجذب الاستثمارات الأجنبية (دبي نموذجا)، وقطر التي تحولت إلى أكبر مصدر للغاز حول العالم، لم تحقق الكويت نقلة في هذا الإطار.

ولا تحقق الكويت سوى إيرادات "غير نفطية" محدودة، تصل إلى 6.6 مليارات دولار، في وقت تقدر فيه إيراداتها النفطية بنحو 48 مليار دولار، وذلك مقابل مصروفات تبلغ نحو 74 مليار دولار، وفق بيانات وزارة المالية الكويتية.

ولذلك لا يستبعد الخبير الاقتصادي الكويتي "أحمد الهارون"، تعرض الكويت لكارثة اقتصادية حقيقية، حال استمرار الأسعار المتدنية للنفط، وبالتالي تراجع الإيرادات النفطية للبلاد.

وينصح الخبير الاقتصادي الكويتي "علي العنزي"، بضرورة الاهتمام بالمشروعات الصغيرة، وتفعيل القطاعات الزراعية، والصحية، والصناعية، بحسب "العربي الجديد".

ويشدد "العنزي" في تصريحات صحفية، على أهمية تحقيق الأمن الغذائي، وتوفير السلع الاستهلاكية بدلا من استيرادها، وتشغيل العمالة الوطنية، وتقليل الاعتماد على العمالة الوافدة.

ويرى أستاذ الاقتصاد في جامعة الكويت "نواف الصانع" أن سبب معاناة الكويت يعود إلى أن اقتصادها يفتقر إلى التنويع ويعتمد بشكل كامل على إيرادات النفط.

ويضيف أن الكويت تعاني من تراجع الإيرادات النفطية منذ أكثر من 4 سنوات، وأن التحول إلى مرحلة الاقتصاد غير النفطي جاء متأخرا.

خطة إنقاذ

في ضوء ذلك كله، باتت الخيارات المؤلمة تفرض نفسها على طاولة صانع القرار الكويتي، ومنها النظر في بند الرواتب، وإلغاء جميع الامتيازات والمكافآت، ومراجعة ضوابط منح البدلات مثل بدلات الإيجار والسكن والتخصصات النادرة والمخاطر.

وخلال يونيو/حزيران الجاري، توالت التسريبات عن مخاوف وزارة المالية الكويتية بشأن قدرتها على الاستمرار في دفع رواتب العاملين بالدولة خلال الفترة المقبلة؛ بحسب "العربي الجديد".

ويشكل بندا رواتب العاملين في الجهات الحكومية والدعم المقدم للمواطنين، أكثر من 50% من موازنة السنة المالية الحالية 2021/2020.

ويطالب خبراء بإجراءت تقشف مؤلمة تشمل رفع الدعم التدريجي عن الكهرباء والماء والوقود والهاتف، وإعادة النظر في الكوادر المالية للموظفين.

وتتضمن الإجراءات المطروحة إعادة تسعير رسوم معاملات الدولة، وفرض ضريبة دخل إضافية على الشركات العملاقة، إضافة إلى فرض ضريبة على مبيعات القطاع الخاص.

وتبدو الحكومة الكويتية في حاجة ماسة لوقف صفقات التسلح الضخمة، التي تكبد موازنتها مليارات الدولارات (تحل في المرتبة 27 عالميا بنسبة 1% من واردات السلاح العالمية)، بحسب تقرير "معهد استكهولم لأبحاث السلام".

كذلك تتعالى الأصوات المنادية بضبط نفقات الأسرة الحاكمة، وفرض تدابير صارمة لمكافحة الفساد (يحل الكويت في المرتبة الـ85 عالميا، والأخيرة خليجيا)، ووقف بعض المشروعات قليلة الجدوى الاقتصادية، ودمج العديد من الهيئات والجهات الحكومية، وإعادة تسعير عقود الأراضي الحكومية المؤجرة.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الكويت تمدد المرحلة الأولى للعودة التدريجية للحياة

موديز: القوة المالية للكويت ستتدهور أمام النفط وكورونا

كورونا ينذر بنفاد الاحتياطي الكويتي خلال 4 أشهر