غياب اتفاقات دولية بشأن لقاح كورونا يهدد بصراعات جديدة

الخميس 11 يونيو 2020 01:18 م

من المرجح أن يصبح توزيع لقاح محتمل لفيروس "كورونا" المستجد "كوفيد-19"، إحدى القضايا المهيمنة التي ستشكل العلاقات الدولية.

فالبلدان التي تملك القدرة على التحكم في إنتاج اللقاح سيكون لديها القوة للتأثير والضغط على نظيرتها التي ليست لديها القدرة ذاتها، ويمكن استخدام اللقاح كأداة للمساومة لتحديد سرعة الانتعاش الاقتصادي للآخرين.

ويزيد سباق تطوير اللقاح من التوترات بين الولايات المتحدة الأمريكية والصين، ويشبه ذلك سباق الوصول للقمر بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفييتي خلال الحرب الباردة، ومع انعدام الثقة، لا تريد أي دولة أن تكون الثانية مشاركة في إنتاج اللقاح.

واتهم خبراء أمنيون أمريكيون الصين بالقرصنة والحصول على بيانات علمية حول اللقاح.

ولا تهدد مسألة الوصول إلى لقاح "كوفيد-19" بوضع ضغوط على العلاقات بين القوى العظمي فقط، ولكن يمكنها أيضا خلق خلافات جديدة بين الدول الغنية والصناعية من جهة، والدول النامية والناشئة من جهة أخرى.

ومن المرجح أن تزداد تلك النزاعات إذا لم يكن هناك اتفاق على توزيع اللقاح، ستحاول الحكومات شراء اللقاحات لشعوبها؛ ما قد يتسبب في أزمة تكديس عالمية، وبالتالي لن تذهب الأدوية في النهاية إلى حيث تشتد الحاجة إليها، ولكن إلى البلدان المستعدة لدفع أعلى سعر أو قادرة على ممارسة أكبر ضغط على الشركات.

وأبرزت تجربة جائحة إنفلونزا الخنازير (H1N1) في عام 2009 أن الافتقار إلى التنظيم والتعاون يضر بالبلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، في عام 2009، اشترت الدول الغنية تقريبا جميع الجرعات المتاحة من لقاح H1N1.

ونظرا لغياب اللوائح المنظمة للقاح "كوفيد-19"، فمن الضروري إجراء ترتيب لتوزيع عادل ومنصف الآن.

وفي مواجهة وباء عالمي، هناك اتفاق دولي لضمان أحقية الوصول العالمي لصالح الجميع، وتستفيد الحكومات من منع حدوث حالات تفشي جديدة في بلدان أخرى لأنه لا يمكن احتواء انتشار فيروس شديد العدوى إذا لم تتم السيطرة على البؤر الأخرى.

ولمنع النزاعات وضمان الوصول العادل والمنصف على اللقاح، يجب على المجتمع الدولي اتخاذ 3 خطوات: منع التسعير المفرط، والاتفاق على نظام توزيع عادل، وتعزيز البنية التحتية اللازمة لتوزيع اللقاح.

في حال ارتفاع الطلب وقلة العرض، سترفع قوى السوق سعر اللقاح الجديد، حتى لو لم تستغل شركات الأدوية الموقف وتقوم بتضخيم السعر بشكل مصطنع.

في قمة الصحة العالمية السنوية في مايو/أيار، تبنت الدول الأعضاء في منظمة الصحة العالمية قرارين أعربت فيهما عن استعدادها للتعاون، وضمان الوصول العادل والمنصف لعلاج ولقاح "كوفيد-19" بأسعار معقولة.

أحد الخيارات المتاحة لمنع التسعير المفرط، يكمن في استخدام الترخيص الالزامي، والذي تستطيع الحكومات من خلاله السماح لشركات أخرى بإنتاج دواء أو لقاح معين دون الحصول على إذن من صاحب براءة الاختراع، وهو متاح أيضا وفقا لقواعد منظمة التجارة العالمية.

ويجب استخدامه فقط في حالات الطوارئ، ولكن يمكن أن يكون أداة في ظل الظروف الحالية لضمان وصول عالمي إلى لقاح "كوفيد-19".

في كندا، سمح قانون الطوارئ لوزير الصحة بالتحايل على حقوق براءات الاختراع إذا لزم الأمر، وأعلنت 4 دول أوروبية التفاوض مع شركات الأدوية لضمان أسعار معقولة.

سيكون أحد أكثر الأسئلة الحساسة هو الموافقة على تخصيص لقاح جديد، فالمجتمع الدولي يحتاج إلى بناء إطار لتحديد كيفية توزيع جرعات اللقاح المتاحة، وكيفية نشرها، ومن الذي ينسق العملية.

على غرار دراسات تقدير الاحتياجات لتوفير المساعدات الإنسانية، فإن هناك حاجة إلى إطار مماثل فيما يتعلق بلقاح "كوفيد-19"، يأخذ في الاعتبار الاحتياجات القصوى فقط، ويراعي الاتجاهات المتغيرة لتوقع ظهور النقاط الساخنة والتخفيف من تأثير حالات التفشي الجديدة.

خلال جائحة إنفلونزا الخنازير "H1N1"، تم تأسيس مبادرة التوزيع من قبل منظمة الصحة العالمية لتنسيق تبرعات اللقاحات وتوزيعها بين البلدان النامية، وعملت منظمة الصحة كأمانة وهيئة تنفيذية خلال هذه الأزمة.

بينما يمكن للبلدان أن تتعلم من تجارب مبادرة التوزيع خلال أزمة إنفلونزا الخنازير، فإن عملية "كوفيد-19" ستكون أكثر تعقيدا بسبب النطاق الأوسع والعدد الأكبر من الجهات الفاعلة المعنية.

من الممكن أن يكون هناك أكثر من لقاح واحد مع تناثر الإنتاج في أماكن مختلفة، وسيكون هناك عدد أكبر من البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل التي تطلب المساعدة.

وستكون الخطوة الضرورية هي تعزيز البنية التحتية والتغلب على التحديات اللوجستية، مثل الافتقار إلى سلاسل التبريد التي عادة ما تكون ضرورية لتخزين ونقل اللقاحات.

في مايو/أيار، أعلن الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" "عملية السرعة القصوى" وهو برنامج استثماري لتطوير لقاح بحلول يناير/كانون الثاني المقبل، وأوضح "ترامب" أنه ينوي خدمة الشعب الأمريكي، بدلا من مشاركة اللقاح الجديد مع الآخرين.

ومع إعلان "ترامب" وقف التعاون مع منظمة الصحة العالمية، سيكون من الصعب - ولكن ليس مستحيلا- بناء إطار متعدد الأطراف لتوزيع لقاح "كوفيد-19".

ويعطي الوقت اللازم لتطوير اللقاح متسعا لاتخاذ الترتيبات الضرورية لتوزيع اللقاح بشكل سريع وعادل وفعال.

المصدر | بنيامين دوير | ريسبونسبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

فيروس كورونا علاج كورونا مكافحة كورونا لقاح كورونا منظمة الصحة العالمية

محاولة قرصنة صينية لسرقة أبحاث أمريكية حول لقاح كورونا

اتفاق أوروبي مع شركة بريطانية-سويدية لإنتاج لقاح ضد كورونا

عالم مصري مشارك في إنتاج لقاح كورونا بأمريكا يكشف تفاصيل مثيرة

الصحة العالمية تتوقع التوصل للقاح كورونا قبل نهاية العام