حفتر ومغزى التموضع بين الإمارات وإسرائيل

الجمعة 12 يونيو 2020 05:35 ص

حفتر ومغزى التموضع بين الإمارات وإسرائيل

يعتبر حفتر إسرائيل لا مصر السيسي أو إمارات بن زايد هي المثل الأرقى في القدرة على نجدته ضد خصومه الليبيين.

حفتر والسيسي وبن زايد ونخب عربية حاكمة ينظرون فعلا لإسرائيل كقائد طبيعي لهم في هرميّة التسلط والهيمنة بالمنطقة العربية.

هل أصبحت إسرائيل الرئيس الأعلى الذي يستطيع قلب موازين القوى لصالح حفتر بعد استنفاد أبوظبي والقاهرة أوراقهما في التخديم على الجنرال المدلل؟

*     *     *

لا نعلم إن كان عبد السلام البدري، نائب رئيس مجلس وزراء حكومة الشرق الليبية الموالية للجنرال خليفة حفتر، وغير المعترف بها دوليا، قد اختار الصحيفة العبرية «ماكور ريشون»، لأنها خير من يعبر عن أهواء وليّ أمره الجنرال الانقلابي، أم أن غيرها من الصحف الإسرائيلية الشهيرة لم تهتمّ بلقاء مسؤول ليبي من وزن الريشة، وكان اختيار «ماكور ريشون»، بالتالي، نوعا من الاضطرار المناسب للطرفين.

أسس الصحيفة المذكورة الحاخام شمويل تال، وموّلتها عائلة ليستينبرغ، وهي أسرة قوميّة متدينة تعمل في صناعة الألماس مركزاها في بلجيكا وتل أبيب، وبعد إعلان إفلاسها الأول عام 1999، أعيد تأسيسها وبيعها وإفلاسها أكثر من مرة وهي تصدر حاليّا أسبوعيا فحسب.

من السهولة معرفة «خفّة» البدري من كون التفتيش عنه في محرّكات البحث سيقودنا مرارا وتكرارا إلى حدث تصريحاته للصحيفة الإسرائيلية المذكورة، وستكون هذه التصريحات إلى «ماكور ريشون»، والرسالة التي قيل إنه أرسلها إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو هي أكبر إنجازات حياته حتى الآن!

من المستغرب إذن أن يقوم البدري، من موقعه الضئيل في المعادلة الليبية، أن «يدعو» إسرائيل إلى «الانضمام إلى مبادرة سياسية جديدة بمشاركة اليونان وقبرص ومصر ولبنان»، والتوقيع على اتفاق بحري مشترك في مواجهة اتفاق ترسيم الحدود المائية بين تركيا والحكومة الليبية الشرعية في طرابلس!

لكن التصريح الأكثر «صراحة» ورد في رسالته إلى نتنياهو والتي يقول فيها «لم ولن نكون أبدا أعداء، ونأمل أن تدعمونا، الظروف هي التي حالت بيننا حتى الآن».

وإذا تجاوزنا، كما هو مفترض منطقاً، حكاية البدري هذه، إلى مغزاها الحقيقي، والذي يتّصل طبعاً بفرضية استنجاد حفتر برئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، فإن هذا الحدث يعني، من ضمن ما يعنيه، أن الجنرال يعتبر إسرائيل، لا مصر عبد الفتاح السيسي، وإمارات محمد بن زايد، هي المثل الأرقى في القدرة على نجدته ضد خصومه الليبيين، أو أنها الرئيس الأعلى الذي يستطيع قلب موازين القوى من جديد لصالحه، بعد أن استنفدت أبو ظبي والقاهرة أوراقهما السياسية والعسكرية والمالية في التخديم على الجنرال المدلل.

يقدّم البدري في حديثه للصحيفة شرحا لتراتبية القوى كما يراها، حيث يقول للإسرائيليين إنه «لا يمكن للأتراك، ولا الروس الذين يساعدوننا عسكريا، إدارتنا كدولة وفق تصورهم»، ورغم أنه يتابع القول بطلب عودة الأمريكيين، فالمغزى الحقيقي الواضح من هذا القول، معطوفا على قصة «الظروف التي حالت بيننا حتى الآن»، هو أن الليبيين، تحت قيادة حفتر، جاهزون لإدارتهم من قبل الإسرائيليين.

تفكير حفتر والبدري في هذا الخصوص، هو حديث بالأصالة عن نفسيهما، والوكالة عن «الكفيل الخليجي» في الإمارات، والراعي العسكري في القاهرة، وهما في الحقيقة، لا يخرجان في هذا الرأي عن منظومة التفكير التي تصدر عن السيسي وبن زايد، وكثير من النخب السياسية العربية الحاكمة، فهم ينظرون فعلا إلى إسرائيل باعتبارها القائد الطبيعي لهم في هرميّة التسلط والهيمنة ضمن المنطقة العربية.

أما الحديث مع «ماكور ريشون» والرسالة إلى نتنياهو، فتعبّر في المقابل، عن طريقة نظر إسرائيل إلى هؤلاء.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

دبلوماسي إسرائيلي يثير جدلا بتغريدات عن تهجير أجداده من ليبيا

أسرتان ليبيتان تقاضيان حفتر بأمريكا للحصول على 85 مليون دولار