هل تضطر أمريكا لتمرير قرض صندوق النقد الدولي إلى لبنان؟

السبت 13 يونيو 2020 04:12 م

تقدم لبنان في 1 مايو/أيار بطلب للحصول على مساعدة من صندوق النقد الدولي، لكن الطلب أثار اعتراضات في واشنطن، حيث إن أحد الأطراف الثلاثة الداعمة للحكومة الحالية في بيروت هو "حزب الله" الموالي لإيران.

صنفت الولايات المتحدة، إلى جانب العديد من البلدان الأخرى "حزب الله" كمنظمة إرهابية أجنبية، وصعدت العقوبات ضد الحزب كجزء من استراتيجيتها "أقصى ضغط" ضد إيران وحلفائها في جميع أنحاء الشرق الأوسط.

بالطبع لا يفترض أن يعمل صندوق النقد الدولي بهدف تعزيز أهداف السياسة الخارجية للولايات المتحدة، ومع ذلك، فإن الولايات المتحدة بصفتها أكبر مساهم في صندوق النقد الدولي، لديها أكبر كتلة من الأصوات (16.51%)، ولديها سجل حافل في مقاومة المساعدة للدول التي تعتبرها راعية للإرهاب.

ولكن، سيكون من الخطأ إذا قررت واشنطن معارضة حزمة صندوق النقد الدولي لدولة تعتقد أنها جزئيا في أيدي الإرهابيين.

إذا حدث فشل للمفاوضات الجارية مع صندوق النقد الدولي، والذي من شأنه أيضًا أن يردع العديد من الجهات المانحة الأجنبية عن المشاركة وفق شروطها، فيمكن أن تكون النتائج كارثية.

اقتصاد على الحافة

وفقًا لتقرير صادر عن "مجموعة الأزمات الدولية" في 8 يونيو/حزيران؛ فإن الاقتصاد اللبناني يعاني من حالة من الانهيار وسياساته غير مستقرة بشكل خطير.

ففي مارس/آذار، تخلفت الحكومة اللبنانية عن سداد ديون خارجية تبلغ 31 مليار دولار، ويعتبر النظام المالي الآن عبارة عن فجوة كبيرة من الأصول منخفضة القيمة. وبلغت قيمة الخسائر نحو 60 مليار دولار، ولا تزال احتياطيات البنك المركزي في حالة استنزاف وقد تنفد قريبًا الدولارات المطلوبة لدفع ثمن الواردات.

وفي السوق السوداء؛ التي تعتبر المكان الوحيد الذي تتوافر فيه الدولارات الفعلية، انخفض سعر صرف الليرة اللبنانية بنسبة 60% خلال الأشهر التسعة الماضية.

وبما أن لبنان يستورد حوالي 80% مما يستهلكه، فإن تخفيض قيمة العملة يغذي تضخمًا رهيبا، مما يعني أن معظم اللبنانيين فقدوا حوالي نصف قدرتهم الشرائية.

أدى الإغلاق المفروض منذ 15 مارس/آذار لمكافحة "كوفيد-19" إلى تسريع هذا الانحدار. ومع حرمان الشركات من الائتمان وتراجع الطلب، فقد حوالي 20% من القوى العاملة النشطة وظائفهم بالفعل قبل تفشي الوباء.

ومع إعادة فتح البلاد تدريجيًا، سيجد العديد من الموظفين الذين أخذوا إجازة بدون أجر أن شركاتهم لا تزال مغلقة وأن وظائفهم قد ولت.

مجتمع مهيأ للانفجار

في حين أن التكلفة الاجتماعية للأزمة لم تضرب بعد بقوتها الكاملة، فإن العواقب يسهل التنبؤ بها.

بالنسبة للاحتجاجات التي هزت لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، فقد تبددت خلال فترة الإغلاق، لكنها ظهرت من جديد في أبريل/ نيسان.

وخلافا لما سبق، فقد تحولت بسرعة إلى العنف، حيث تعرضت فروع البنوك المحلية لإلقاء القنابل الحارقة وقتل أحد المتظاهرين برصاص الجيش في مدينة طرابلس الساحلية الشمالية الفقيرة، كما أدت مظاهرة يوم 6 يونيو/حزيران إلى أعمال عنف في وسط بيروت.

إذا تحولت الاحتجاجات الاجتماعية إلى أعمال شغب بسبب الجوع، فإن قوات الأمن (التي تتحمل فوق طاقتها وتتلقى رواتب بعملة متدهورة القيمة) ستتراجع قدرتها على السيطرة على الوضع.

وقد يكون التدهور المتسارع للخدمات العامة، مثل الصحة والتعليم وشبكة الكهرباء المتدهورة بالفعل، على بُعد أسابيع فقط.

الشلل سيعطل الإصلاح

ومع ذلك، فعندما يقرأ المرء ردود بعض المعلقين والمسؤولين الحكوميين الأمريكيين على الأزمة السياسية والاقتصادية اللبنانية والطلب المقدم من قبل لبنان لصندوق النقد الدولي، فإنه يرى أن جزءً كبيرًا من التركيز لا يزال على "حزب الله"، وتتمحور الأسئلة حول: كيف سيخرب الحزب الإصلاح، وكيف يهدف إلى استغلال الأزمة لتوسيع نطاق نفوذه، وكيف ينبغي الاستفادة من المساعدة لتجريده من سلطته، أو كيف يمكن عزله بالعقوبات ضد حلفائه.

ويعتبر هذا التناول مثيرا للجدل، لأن معظم الأحزاب اللبنانية الأخرى، ومن بينهم الحلفاء المخلصين للولايات المتحدة وحلفائها الغربيين والعرب، كان لهم حصة كبيرة في شبكات المحسوبية والفساد التي أفقرت البلاد، وستخسر هذه الأحزاب أيضًا من إجراءات الإصلاح الجدية مثل "حزب الله" وربما أكثر.

علاوة على ذلك، فإن التركيز على عزل "حزب الله" ونبذ حلفائه، الذين تمثل قوتهم مجتمعة أغلبية واضحة في البرلمان اللبناني، لن يؤدي إلا إلى جعل البلاد غير قابلة للحكم.

وهذا أمر مثير للقلق بشكل خاص بالنسبة لحلفاء أمريكا الأوروبيين، الذين يثمنون دور لبنان كمضيف لحوالي 1.5 مليون لاجئ سوري.

لن يؤدي الشلل السياسي في بيروت إلى تقدم الإصلاح، ولا تأييد قضية الحركة المدنية الواسعة التي تحدت النخبة السياسية -بما في ذلك "حزب الله"- منذ أكتوبر/تشرين الأول 2019.

بل على العكس، كلما انحدرت البلاد إلى البؤس، وتفككت مؤسسات الدولة، وتدهور الوضع الأمني، زادت قدرة الأحزاب التي لا تزال تسيطر على الموارد وتوفر الحماية على أسس طائفية، على إعادة تعزيز نفسها، بما في ذلك "حزب الله".

أظهرت التجربة السابقة في جميع أنحاء المنطقة أن تفكك مؤسسات الدولة وتراجع سيطرة الدولة يمكن أن يكون له عواقب خطيرة ومكلفة للغاية.

وسيكون من الحماقة المخاطرة بتدمير دولة شرق أوسطية أخرى من أجل تسجيل نقاط جيواستراتيجية.

يحتاج لبنان إلى دعم خارجي فوري لمنع مؤسسات الدولة من الانهيار واستباق الأزمة الإنسانية الساحقة، وعلاوة على ذلك، يجب على الجهات المانحة الأجنبية والمؤسسات الدولية التركيز على تدابير الإصلاح التي تساعد على استئصال الفساد وتعزيز المساءلة.

أما بالنسبة للدور الذي يجب أن يلعبه "حزب الله" أو لا يلعبه في مستقبل لبنان فهو شئ متروك للبنانيين في الجولة المقبلة من الانتخابات البرلمانية المقرر إجراؤها في عام 2022.

المصدر | هيكو ويمين - ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

انهيار العملة المحلية صندوق النقد الدولي احتجاجات لبنان

"قانون قيصر" يحاصر لبنان

استقالة مستشار لبنان بمحادثات صندوق النقد