تراجع حفتر.. خسارة للإمارات وانتصار لقطر

الأربعاء 17 يونيو 2020 08:31 ص

تتواصل هزيمة الجنرال المتقاعد "خليفة حفتر" على قدم وساق مع قيام حكومة الوفاق الوطني برفع حصار طرابلس في 4 يونيو/حزيران، والاستيلاء في اليوم التالي على مدينة ترهونة، التي كانت نقطة انطلاق رئيسية لهجوم "حفتر" على العاصمة الليبية.

وتواصل القتال في نهاية الأسبوع من 6-7 يونيو/حزيران حول مدينة سرت الساحلية، على بعد 450 كيلومتراً إلى الشرق من طرابلس.

انحيازات مختلفة

تشهد مدينتان في الخليج رد فعل مختلفين للغاية على انهيار حملة "حفتر" لتوحيد ليبيا تحت قيادته؛ ففي أبوظبي، سيراقب الحاكم الفعلي للإمارات، "محمد بن زايد" بدرجة من القلق، حيث كانت الإمارات الداعم الأساسي للجنرال عسكريا ودبلوماسيا، إلى جانب مصر وروسيا وفرنسا.

أما في الدوحة فسيكون هناك ارتياح لأن موازين الحرب انقلبت مع تدخل تركيا لصالح حكومة الوفاق، ولأن قطر كانت أحد الداعمين  لحكومة الوفاق الوطني التي تتخذ مقرها في طرابلس والمعترف بها دوليًا ورئيسها "فايز السراج".

وفي ظل وجود عداء خليجي منذ 3 سنوات، حيث تصطف الإمارات والسعودية والبحرين ومصر ضد قطر، فإنه ليس من المستغرب أن تصبح ليبيا ساحة حرب بالوكالة بين الدوحة وأبوظبي.

كانت أبوظبي المحرض الرئيسي على الحصار الجوي والبحري والبري الذي تم شنه ضد قطر في 5 يونيو/حزيران 2017، بينما رحبت الدوحة بدعم تركيا في تخفيف أسوأ آثار الحصار.

في 8 يونيو/حزيران الجاري، كررت قطر التأكيد على دعمها لـ"السراج" وحكومة الوفاق الوطني، حيث قال وزير الخارجية القطري لصحيفة "لوموند": إن "حفتر كان يفضل دائما العنف ويبدو أنه معني فقط بالعملية السياسية عندما يخسر، ومع ذلك، يعود إلى استخدام القوة والعنف بعد ذلك بوقت قصير".

هذا الموقف كان يستهدف أبوظبي أكثر من الجنرال، حيث جاء ذلك رداً على دعوة وزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية في تغريدة في 20 مايو/أيار الماضي، بعد تسارع هزيمة قوات "حفتر"، حيث دعا لـ"وقف فوري وشامل لإطلاق النار والعودة إلى العملية السياسية".

تفتت تحالف "حفتر"

أحد الأشياء التي تعكس مدى هزيمة "حفتر" هي الأخبار التي تفيد بأن حقل نفط "شرارة" العملاق في جنوب غرب البلاد قد استأنف الإنتاج، حيث كان الحقل القادر على ضخ 300 ألف برميل يومياً محاصرًا لمدة 4 أشهر من قبل قوات الطوارق التي تقاتل مع "حفتر".

ولكن كما علّق المحلل الليبي "جليل الحرشاوي"، رداً على تقرير لـ"رويترز"، في تغريدة: "دخل علي كنة، قائد الحرس المتحالف مع حكومة الوفاق المعترف بها دوليًا، إلى شرارة بدون مقاومة يوم السبت. تغير ولاء مجموعات الطوارق من أوباري والمسؤولة عن شرارة ببساطة. كان كنة قد حاول فعل الشيء ذاته في نوفمبر/تشرين الثاني، لكن محاولته آنذاك فشلت قبل أن تبدأ حتى".

لن يغفل مؤيدو "حفتر" في أبوظبي، أهمية تأييد الطوارق لحكومة الوفاق الآن، بعد فشلها في ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني؛ حيث يتفتت تحالف المرتزقة القادم من هنا وهناك، مع بقايا قوات "القذافي" ووحدات "حفتر" القبلية.

ماذا بعد؟

أياً كانت الادعاءات بأن "حفتر" هو رجل ليبيا الجديد القوي، وأيًا كانت الاعتقادات لدى "محمد بن زايد" بأنه يمكن أن يحقق هذا الهدف، فإنها تتجلى الآن كما كانت دائمًا: "حماقة ووهم".

السؤال الآن بينما تستمر معركة سرت هو: إلى أي مدى ستذهب الإمارات في دعمه فيما يعزز الأتراك نفوذهم في ليبيا مع كل انتصار في ساحة المعركة؟

عندما شن "حفتر" هجومه للاستيلاء على طرابلس في أبريل/نيسان 2019، كان افتراض مؤيديه الأجانب هو أنه لن تأتي أي قوى خارجية لمساعدة "السراج" على الرغم من أن حكومة الوفاق الوطني كانت ولا تزال الحكومة المعترف بها دوليًا، حيث لم تكن أمريكا مهتمة، كما عبرت أوروبا عن القلق ولكن لا شيء أكثر من ذلك، وتجاهلت الأمر حكومة المملكة المتحدة، المتورطة في "البريكست".

أهمل أنصار "حفتر"، وعلى الأخص الإمارات، النظر في الفرصة التي قدمتها ليبيا إلى الرئيس التركي "أردوغان".

ففي نوفمبر/تشرين الثاني 2019، وقع هو و"السراج" على مذكرة تفاهم تطالب بالمناطق البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط.

كانت تلك خطوة جريئة تهدف إلى منع المطالبات اليونانية والقبرصية بموارد الهيدروكربونات البحرية التي يعتبرها الأتراك مواردهم البحرية، ولا شك أن "حفتر" كان سيدمر هذه الصفقة لو ربح، بأمر من الإمارات، التي لديها الكثير من العداوات مع تركيا.

ولكن، مع تعثر قوات "السراج"، كثف الأتراك مساعدتهم العسكرية ما مكن حكومة الوفاق الوطني من شن الهجوم في مارس/آذار، وبعد ذلك حققوا سلسلة من الانتصارات التي أدت إلى انهيار هجوم "حفتر".

من المتوقع أن تتنامى المعارضة ضد "حفتر" في بنغازي، لا سيما بين الطبقة التجارية وجميع أولئك الذين عانوا على يد الجنرال الذي أثرى أسرته ومؤيديه مع استخدام مزيج من الفساد والوحشية لخلق مناخ من الخوف في المدينة، أما ائتلافه من القبائل الذي ثبتت قوته خلال صعوده، فسوف ينحلّ، أو يتحول إلى الطرف الآخر.

ماذا ستفعل أبوظبي بعد ذلك إذن؟ قد تقرر الإمارات أن الوقت ليس مناسبًا، وأن ليبيا ليست المكان المناسب لرفع المخاطرات بمواجهة الأتراك.

وفي منعطف مهين؛ قد يضطرون إلى قطع دعم "حفتر" وقبول صفقة سلام تفضل حكومة الوفاق الوطني.

من جانبهم، سيكون القطريون راضين للغاية لأنهم اختاروا الجانب الصحيح بدعم "السراج"، على الرغم من أن منتقديهم في الخليج سيتهمونهم بلا شك بالانحناء لإرادة "أردوغان".

المصدر | بيل لاو | البيت الخليجي للدراسات والنشر - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حصار قطر خليفة حفتر حكومة الوفاق الوطني الليبية فايز السراج الدعم التركي لقوات الوفاق

إماراتيون متورطون في ضرب أهداف في ليبيا (فيديو)

حالة نادرة.. قرقاش ينتقد حفتر والانتقالي الجنوبي باليمن