استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

المتظاهرون العراقيون يتلقون حزمة اصلاحات أم قصبا أجوف!

الثلاثاء 25 أغسطس 2015 04:08 ص

زحفت شعارات المتظاهرين في 11 محافظة عراقية، منذ ثلاثة أسابيع ، من المطالبة بالتزود بالكهرباء، الى المطالبة بتقديم المسؤولين « الحرامية» الى القضاء، الى محاكمة القضاء الفاسد نفسه وتطهيره من المفسدين، الى اتهام رموز الأحزاب السياسية والدينية الحاكمة بالنهب وتدمير البلد ، في سيرورة توضح التطور التدريجي للمطالب المتوازية مع حجم الفساد الناخر لكل الحكومة ومؤسساتها، واكثر مظاهره تبديا هو جحيم نقص الكهرباء، وعدم عمل المراوح ومكيفات الهواء وقلة الماء، بعد ان تجاوزت درجات الحرارة وما يحيط بها حدود التحمل الانساني. وبعد ان تجاوز صبر مواطني واحدة من أغنى الدول المدى ، وبعد اعتراف رسمي من الحكومة بتصاعد نسبة من يعيشون تحت خط الفقر الى 22.5٪ ، وبينهم ملايين النازحين ومن يعيشون على ما يلتقطونه من القمامة.

لنبدأ بملحمة الكهرباء. وصف احد المعلقين الامريكيين التظاهرات، ساخرا، بانها انتفاضة مكيفات الهواء ، إستمرارا لنهج الإعلام الغربي، السائد، في التخفيف من مسؤوليتهم في الكارثة العراقية ، ولعدم قدرتهم على التعامل مع نضال وطني خارج منظوري الإرهاب والطائفية. ولكن، هل هي مسالة مكيفات هواء فقط؟ 

ان الاحتجاج على انعدام التيار الكهربائي هو الشرارة التي يأمل المتظاهرون ان تجعل الارض صالحة ليبني الشعب بيته. فالتزود بالتيار الكهربائي لايعني تشغيل مكيفات الهواء، فقط، بل يعني القدرة على الانتاج والصناعة وتسيير المعامل وتنقية المياه وادارة المستشفيات. انه شريان الحياة وبدونه يعود البلد الى العصر الحجري. وما يزيد من حجم المصيبة هو توفر الاموال والعقود تم توقيعها مرات ومرات ، بالملايين، وأكبرها مع هيونداي الكورية وسيمنز الألمانية التي وصلت المليارات، والكهرباء لايزال سرابا يحلم به المواطنون في ايام جحيمهم. فما هو سر تأخر البلد بميزانيته الهائلة ان لم تكن بطون الساسة الفاسدين التي توسعت فلم تعد تشبع؟ 

المطالبة الثانية هي اصلاح الجهاز القضائي المسير سياسيا والفاسد الى حد النخاع. هناك عشرات التقارير الحقوقية العراقية والدولية، الموثقة لحجم فساد الجهاز القضائي الذي لا يتجرأ احد على تغييره، كونه أداة توافق الساسة والميليشيات على القتسام غنيمة السلطة عندما يتم ذلك الإتفاق، ولشرعنة سيطرة الكتلة الغالبة عبر التوافقات الأمريكية الإيرانية كما حدث في الولاية الثانية لنوري المالكي. انه ذات الجهاز الذي اصدر احكام الاعدام بحق مئات المواطنين المتهمين نتيجة استخلاص الاعترافات تحت التعذيب وتقارير المخبر السري، ذات الجهاز الذي ، بسببه، يطوي آلاف المعتقلين سنوات حياتهم في ظلمة السجون بلا جريمة، باستثناء التطهير الطائفي تحت راية رئيس الوزراء السابق وكانت رئاسة الجهاز القضائي بيدقه.

الجانب الثالث في سيرورة التظاهرات هي التغير التدريجي في الموقف من المرجعية الشيعية ورفض إستخدام الدين لحماية الفساد. فبينما وقفت المرجعية أو وكلاؤها الناطقون باسمها ( لأنها غير ظاهرة للعيان) مراقبة عن مبعدة تظاهرات الشعب على مر السنوات الماضية ، على تعدد مطالبها ، من بينها وضع حد للاعتقالات والتهجير القسري، ووقوف الأمهات الصابرات على ابواب السجون بانتظار اية معلومة عن احبتهن، نطقت المرجعية، هذه المرة، لكي تحمي النظام الآيل للسقوط وان تم تقديم صوتها كدعم لمطالب المواطنين.

وأبدى المتظاهرون كرما في تقدير موقف المرجعية وكل من يساندهم للقضاء على آفة الفساد. وسارع رئيس الوزراء حيدر العبادي للامساك بطوق النجاة الذي رمته له المرجعية مقدما ما تمت تسميته « حزمة» اصلاحات لا تزيد عن كونها، عند تمحيص فحواها واستحالة آلية تنفيذها ، حزمة قصب أجوف. حزمة سرعان ما ادرك المتظاهرون لاجدواها فقرروا استمرار التظاهرات مطالبين بتنفيذ الوعود. اذ كيف يصلح الفاسد الفساد؟ وهل من الممكن ائتمان الحرامي على مقتنياتك؟

ردا على اصرار المتظاهرين، لملمت قيادة التحالف الحاكم شتات نفسها وانطلقت ، بعد اجتماع شامل لها، في 20 آب، باطلاق مناورة تستند الى أربعة محاور لاحتواء التظاهرات بعد ان عجزت عن اتهامها بالطائفية.

المحورالأول هو اتهام المتظاهرين بالتعاون مع قوى خارجية، كما ذكر هادي العامري، رئيس ميليشيا بدر المدعومة ايرانيا (السومرية نيوز)، وهو اتهام مجاني واسطوانة الانظمة القمعية المشروخة.

المحور الثاني هو الاتهام بالارهاب: حيث صرح عمار الحكيم ( وهو المرشح لقيادة الائتلاف الشيعي الحاكم) بان التظاهرات ليست عفوية شعبية. بل خططتها داعش كمحاولة لتخفيف الضغط عليها ولإرباك الأمن في المحافظات الجنوبية خاصة في البصرة. 

يصب المحور الثالث في زيادة التفجيرات في الأسواق والمناطق الشعبية ومن ثم اتهام المتظاهرين بها بشكل أو بآخر وعلى الأقل القول أن التظاهر يسمح للمندسين والأرهابيين، أو يستنزف القوى الأمنية.

ويراهن المحور الرابع على مضايقة المتظاهرين والمعتصمين بمختلف الطرق بدءا من نصب نقاط التفتيش وسد الطرق امامهم، كما يحدث ببغداد، ومرورا بمداهمة الخيام وضرب المعتصمين، كما حدث في البصرة، بالاضافة الى فض الاعتصامات بالقوة واستخدام الهراوات ورشهم بالمياه من قبل « قوات الشغب» كما حدث بمدينة بابل وكربلاء، أو من قبل مسلحين تتنصل منهم أجهزة الأمن ، وما أكثرهم في دولة المليشيات.

ان التظاهرات والاعتصامات، الحالية، في 11 محافظة ، في مختلف ارجاء البلاد، استمرار لتظاهرات 25 شباط 2011 و 23 كانون الاول 2014 السلمية، التي تم قمعها بوحشية تميز بها النظام على مدى سنوات حكمه. وتأتي التظاهرات لتؤكد ان مذاق الظلم واحد وهي صوت الشعب المهمش ضد ساسة عاملوه على مدى 13 عاما باستهانة واحتقار.

بينت المظاهرات، الى جانب إنخراط جماهير شعبية عمالية وكادحة واسعة، نضوجا شبابيا واضحا تجاه محاولات إستثمارها من قبل اطراف العملية السياسة الفاسدة، وأطرافا إنتهازية أخرى، وبتعميم مواقف وطنية معادية للمحاصصة ومن اولوياتها استعادة الكرامة والعدالة والسيادة والثروة الوطنية ، ولن يتم ذلك الا بمواصلة الاعتصام وتفكيك مناورات الاحتواء والتزييف.

٭ د. هيفاء زنـﮔنة كاتبة من العراق

  كلمات مفتاحية

العراق الفساد الإرهاب الطائفية إصلاحات العبادي

العراق: اتساع رقعة التظاهرات يمهد لحكومة إنقاذ والطوارئ؟

محتجون يعطلون حركة مرور الشاحنات بميناء أم قصر العراقي

الاحتجاجات تجتاح وسط وجنوب العراق ودعوات لمظاهرات حاشدة الجمعة المقبل

«العبادي» يضع الإصلاحات السياسية الجذرية شرطًا للقضاء على «الدولة الإسلامية»

العراق: جيل الحصار يساوم الجوع من جديد