تحلية المياه.. هل تساعد مصر على تجاوز أزمة سد النهضة؟

الخميس 25 يونيو 2020 11:07 م

مع إعلان أديس أبابا بدء ملء خزان "سد النهضة"، الشهر المقبل، سواء تم التوصل إلى اتفاق مع مصر أم لا، بات أن خيارات القاهرة محدودة للغاية، مع اقتراب دخولها مرحلة الفقر المائي الشديد.

ويبدو أن الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي" كان يتجهز فعليا لهذا الوضع، حينما كشف عن خطط تتضمن قطع مياه النيل عن الساحل الشمالي وساحل البحر الأحمر.

وتتكلف خطة مصر البديلة لإعادة تدوير المياه من خلال محطات معالجة ثلاثية ومحطات تحلية لمياه البحر 900 مليار جنيه (نحو 57 مليار دولار)، حتى عام 2037، وفق تصريحات "السيسي".

حجم الأزمة

تحصل مصر على 55 مليار متر مكعب من نهر النيل، و12 مليار متر مكعب من المياه المعاد تدويرها، و6 مليارات متر من المياه الجوفية، أي أن البلاد تستهلك قرابة 75 مليار متر مكعب من المياه سنويا.

وحال اكتمال ملء السد الإثيوبي، من المتوقع أن تخسر مصر نحو 24 مليار متر مكعب سنويا من حصتها المائية.

وتصنف مصر في قائمة الدول الفقيرة مائيا بالفعل، حيث يبلغ نصيب الفرد من الماء في مصر أقل من 650 متر مكعب سنويا، في حين يعد 1000 متر مكعب للفرد هو الحد الأدنى للدول الواقعة فوق خط الفقر المائي.

وتضم خريطة المحافظات المهددة بقطع مياه النيل عنها، خلال السنوات المقبلة 10 محافظات، 7 منها بالساحل الشمالي هي (شمال سيناء، وبورسعيد، ودمياط، وكفر الشيخ، والبحيرة، والإسكندرية، ومرسى مطروح)، و3 محافظات تطل على البحر الأحمر هي (جنوب سيناء، والسويس، والبحر الأحمر).

وقد تشهد تلك المحافظات اضطرابات اجتماعية واقتصادية حال دخول خطة قطع المياه موضع التنفيذ قريبا.

تحلية ومعالجة

منذ سنوات، يسعى النظام المصري لتعويض النقص المائي المحتمل من خلال مسارين، الأول: محطات التحلية، حيث من المخطط بناء 39 محطة بقدرة 2.5 مليون متر مكعب يوميا تنتهي بحلول عام 2037.

ويجري بالفعل بناء تلك المحطات في محافظات مطروح (شمال)، والبحر الأحمر (شرق)، وجنوب وشمال سيناء (شمال شرق) وبورسعيد والسويس (شمال) والدقهلية (دلتا النيل).

وأما المسار الثاني، فهو معالجة مياه الصرف الصحي من خلال 52 محطة بقدرة إجمالية 418 مليون متر مكعب سنويا تكفي 8 مليون شخص، وفق بيانات حكومية.

وتعول الحكومة المصرية على استخدام المياه المعالجة للري، ومع المعالجة المتطورة، يمكن استخدامها للشرب أيضا، لكنها ستحتاج إلى تقنيات أكثر تطورا بتكلفة أعلى.

وتكفي محطة التحلية ذات قدرة 150 متر مكعب حاجة مليون شخص، فيما تكفي محطة بطاقة 300 ألف متر مكعب حوالي مليوني مواطن.

ومن المتوقع أن تنتج مصر نحو مليون متر مكعب خلال العام الجاري 2020، على أن تزيد تباعا إلى 2.5 مليون متر مكعب يوميا بحلول 2037.

كذلك تأمل مصر زيادة حصتها من المياه الجوفية والتي تقدر بحوالي 6.1 مليار متر مكعب سنويا، لتصل إلى 7.5 مليار متر مكعب سنويا.

بينما يصعب التعويل على الأمطار كمصدر بديل، حيث يبلغ حجمها نحو 1.3 مليار متر مكعب سنويا، ويتم هدر معظمها نظرا لعدم وجود خزانات مخصصة لها.

بيزنس الجيش

وتشرف الهيئة الهندسية للقوات المسلحة على إنشاء محطات التحلية، التي يتم تسليمها لاحقا لشركة المياه والصرف الصحي، بحسب مدير مركز التميز المصري لأبحاث تحلية المياه، "حسام شوقي".

ويتم إسناد مشروعات التحلية إلى شركات كبيرة من ألمانيا وإسبانيا وسويسرا والإمارات، إضافة إلى شركات محلية منها "أوراسكوم" و"حسن علام".

وستكون تلك المشروعات تحت إشراف الجيش المصري باعتبارها "مسألة أمن قومي"، وفق وسائل إعلام محلية.

ويبدي مراقبون مخاوف من أن يكون تحلية المياه اتجاها لخدمة مصالح المؤسسة العسكرية، وزيادة أرباحها بشكل ضخم، في ظل ارتفاع كلفة تلك المشروعات (نحو 57 مليار دولار).

نتائج كارثية

وتبقى هناك مخاوف كبيرة من أسعار المياه بعد إنشاء هذه المحطات، خصوصا مع زيادة تكلفة محطات التحلية، وارتفاع كلفة التكنولوجيا المستخدمة، حيث تبلغ تكلفة المتر المكعب من المياه المحلاه بين 7 إلى 11 جنيه مصري (أكثر من نصف دولار)، بحسب تقديرات رئيس شعبة الدراسات الاقتصادية والاجتماعية بمركز بحوث الصحراء (مصري) "محمد سامي".

وبالتزامن مع ذلك، ستتنافس الشركات على بيع المياه الصالحة للشرب للمواطنين على غرار دول الخليج، وسط مخاوف من ارتفاع أسعار المياه بشكل جنوني، بحسب الباحث المتخصص في معالجة المياه "عمر الحداد".

ووفق خبير الموارد المائية المصري، "نادر نور الدين"، فإن أراضي مصر الزراعية تحتاج إلى 57 مليار متر مكعب من المياه سنويا، مقارنة بـ3 مليارات للصناعة، و10 مليارات للاستخدام المنزلي، ما يعني أن الزراعة ستكون المتضرر الأول.

ومع اعتماد خيار تحلية مياه البحر والصرف الصحي، ستنحسر بالتبعية المساحة الزراعية في البلاد، وسيجري اللجوء إلى محاصيل أقل استهلاكا للمياه.

كذلك ستتغير سياسات الدولة الزراعية، بالاتجاه إلى زراعة المحاصيل التي تتحمل درجات الملوحة، واستيراد المحاصيل التي تستهلك المياه بدرجة أعلى، ما سيرفع فاتورة الاستيراد من الخارج ويزيد العجز في الميزان التجاري للبلاد.

ويقول رئيس قسم الموارد الطبيعية بمعهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة، "عباس شراقي"، إن استخدام المياه المحلاة يؤدي إلى تدهور الأرض الزراعية وخصوبتها وزيادة تملحها.

كذلك من الأهمية الأخذ في الاعتبار، أن تحلية مياه البحر تعتبر موردا شحيحا ذا استهلاك عال للكهرباء، إذ تحتاج تحلية متر مكعب واحد من المياه إلى 2.5 كيلو/وات في الساعة من الكهرباء.

وتعد كلفة التخلص من النفايات الناتجة عن التحلية مرتفعة جدا، ناهيك عن ارتفاع فاتورة صيانة تلك المحطات.

وتتسبب المواد الناتجة عن التحلية في تدمير البيئة البحرية، والإضرار بالثروة السمكية، حال التخلص منها في البحر، وهو ما يعني في المجمل أن خيار التحلية سيكون مكلفا جدا لمصر والمصريين.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

تحلية مياه محطات تحلية المياه سد النهضة الإثيوبي

ستراتفور: إثيوبيا ستبدأ ملء سد النهضة.. ومصر بلا خيارات

شكري وبومبيو يبحثان تطورات الشرق الأوسط وسد النهضة

بقيمة 1.82 مليون دولار.. قرض مصري جديد لإنشاء محطتين لتحلية مياه البحر

موقع فرنسي: الأزمة الاقتصادية قلصت مشاريع تحلية المياه في مصر إلى الثلث