رسائل أميركية.. ليبيا لن تصبح سوريا جديدة والمبادرة المصرية مجرد إلهاء

السبت 27 يونيو 2020 09:28 ص

رسائل أميركية.. ليبيا لن تصبح سوريا جديدة والمبادرة المصرية مجرد إلهاء

"في ضوء الانتخابات الرئاسية المقبلة لن يجازف ترامب سياسيا أو عسكريا بشأن ليبيا".

تُقدر واشنطن الدور التركي بما فيه من دور عسكري متصاعد ضد الروس في ليبيا.

واشنطن لم تسلح وتدرب القوات العسكرية المصرية عقود طويلة لتراها تُستخدم في مغامرة عسكرية في ليبيا.

حققت حكومة الوفاق زخما على الأرض بينما تعيد قوى مرتبطة بحفتر حساباتها بشأن مزايا وعيوب الولاء لقيادته.

لا مصالح استراتيجية حيوية لأميركا في ليبيا لذلك ستظل "مشاركتها محدودة خاصة مع حلول موسم الانتخابات الرئاسية.

*     *     *

جاء لقاء الجنرال ستيفن تاوسند قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا "أفريكوم" يوم الاثنين الماضي مع رئيس الوزراء الليبي فايز السراج بحضور السفير الأميركي ريتشارد نورلاند، ليعكس اهتمام واشنطن المتزايد بالشأن الليبي في ضوء التطورات السريعة التي يشهدها هذا البلد.

واعتبر ديفيد ماك السفير السابق بالخارجية الأميركية، في حديث للجزيرة نت، أن تطورات الأسابيع الأخيرة دفعت "لتمتع القوى المرتبطة بحكومة الوفاق الوطني بالزخم على الأرض، في حين بدأت القوى المرتبطة بالجنرال خليفة حفتر تعيد حساباتها بشأن مزايا وعيوب الولاء لقيادته".

 

حفتر عبء متزايد

وكانت تقارير إخبارية مختلفة قد أشارت إلى تزايد إدراك عبء حفتر الشخصي على القوى السياسية شرق ليبيا.

وتلعب جهات خارجية -مثل مصر وتركيا وروسيا والإمارات- أدوارا مختلفة من أجل بسط نفوذها وإقامة علاقات خاصة مع هذا الفصيل أو ذاك بين الجماعات السياسية المتناحرة. أما أميركا، وفقا للسفير ماك، فتواصل إصرارها على التوصل لاتفاق سياسي شامل من شأنه أن "يعيد ليبيا أكثر وحدة".

ويرى ولفغانغ بوستزتاي، وهو رئيس مجلس العلاقات الأميركية الليبية، أنه لا توجد مصالح إستراتيجية حيوية لدى الولايات المتحدة في ليبيا، ولذلك "فإن مشاركتها ستظل محدودة، خاصة مع قرب حلول موسم الانتخابات الرئاسية".

 

ترامب لن يجازف

وفي حديث مع الجزيرة نت، أكد ولفغانغ أنه "في ضوء الانتخابات الرئاسية المقبلة، فلن يجازف ترامب سياسيا أو عسكريا بشأن ليبيا".

وخلال اجتماعهما المشترك مع السراج، بعث السفير نورلاند والجنرال تاوسند برسالة واضحة تعارض الدور المصري سواء الدبلوماسي منه أو العسكري.

واعتبر ماك، الذي سبق له العمل دبلوماسيا بليبيا في عهد العقيد الراحل معمر القذافي، أن واشنطن تركز جهودها على "ضرورة الالتزام بالعمل تحت مظلة ورعاية الأمم المتحدة من خلال مباحثات "5 + 5" في جنيف التي تم الاتفاق على إطارها العام بمؤتمر برلين.

ويرى الدبلوماسي السابق أن واشنطن قد أشارت إلى أن "جهود القاهرة في استبدال محادثات الأمم المتحدة، بوساطة مقترحة خاصة بها، بمثابة إلهاء وابتعاد عن جوهر الأزمة، وعلينا أن نتذكر أن مصر لا تتمتع بعلاقة طيبة مع الحكومة الشرعية بطرابلس في الوقت الراهن".

 

الفصائل الأخرى

ويرى خبراء أميركيون أنه إذا نجحت محادثات "5 +5" فقد يتم وقف إطلاق النار "وهذا بدوره يخدم الأهداف الإنسانية" ويفتح الطريق لاستئناف النشاط الاقتصادي في صورة طبيعية مما يمهد الطريق إلى المحادثات السياسية.

ويعتقد ماك أيضا أنه ينبغي أن تكون حكومة الوفاق الوطني في ليبيا المعترف بها دوليا مستعدة، نهاية المطاف، للتحدث مع الفصائل الأخرى التي لم تقبل حتى الآن قيادتها، ولكن ينبغي أن تتم تلك المحادثات السياسية تحت رعاية الأمم المتحدة، وألا تمليها حكومة أجنبية معينة.

من ناحية أخرى، أربك التدخل الأجنبي المتزايد في ليبيا واشنطن حول كيفية التعامل مع الشأن الليبي.

لكن الواضح أن واشنطن، يشير ماك، مصممة على أنه يجب على الروس أن يعلموا بأن تدخلهم العسكري في ليبيا بطرق مختلفة ينطوي على مخاطر جسيمة. وأكد أن "ليبيا لن تكون سوريا أخرى".

 

حظر الأسلحة

وطالب ماك بأن تعمل بلاده على ضمان أن تراعي جميع الحكومات الحظر الذي تفرضه الأمم المتحدة على شحنات الأسلحة إلى ليبيا.

واعتبر في حديثه أن واشنطن هدفت من نشاطها المتزايد مؤخرا في ليبيا لبعث رسالة إلى مصر تؤكد على أن المناقشات السابقة بين القاهرة وواشنطن لا تعني موافقة على طبيعة الدور المصري في ليبيا.

وأشار إلى أن تلك المحادثات تضمنت تفهم الولايات المتحدة أن مصر وليبيا تشتركان في حدود طويلة جدا، وأن القاهرة بحاجة إلى التأكد من أن الاضطرابات في ليبيا لا تشكل تهديدا للأمن المصري.

 

طرق أفضل

وعاد ماك ليقول إن الولايات المتحدة لا توافق على الأداة التي يبدو أن مصر اختارتها لحماية أمنها -وهي الاعتماد على دكتاتورية عسكرية ليبية ممثلة في الجنرال حفتر- وترى أن هناك طرقا أفضل للقيام بذلك من خلال شراكة مع الولايات المتحدة ودعم عملية الوساطة التي تشرف عليها الأمم المتحدة.

وأكد أن "واشنطن علاوة على ذلك، لم تقم بتسليح وتدريب القوات العسكرية المصرية لعقود طويلة كي تراها تُستخدم في مغامرة عسكرية في ليبيا".

ويتفق ولفغانغ على أن الولايات المتحدة أصبحت أكثر اقترابا من الملف الليبي لكن بحذر، مشيرا إلى أنها حاليا تحاول البقاء بعيدا عن التدخل المباشر في الصراع الجاري في ليبيا، ومع ذلك "تُقدر واشنطن الدور التركي بما فيه من دور عسكري متصاعد ضد الروس في ليبيا، إلا أنها تشعر بالقلق إزاء تزايد نفوذ الإسلاميين خاصة المتطرفين منهم، على خلفية تزايد الانزعاج من بعض حلفائها الأوروبيين بشأن حصول تركيا على موطئ قدم على الشواطئ الجنوبية للبحر المتوسط".

من ناحية أخرى، ذكر ولفغانغ أن هناك شائعات بأن واشنطن وعدت القاهرة بأن عملية حكومة الوفاق العسكرية التي تدعمها تركيا ستتوقف غرب منطقة حوض سرت الغني بالنفط، مما يبعدها عن حدود مصر، ليقول "لكن خبرة الأحداث في سوريا تدلنا على أن الولايات المتحدة ليس لديها ما يضمن انصياع أردوغان لمطالبها".

* محمد المنشاوي كاتب صحفي في الشؤون الأمريكية من واشنطن

المصدر | الجزيرة نت

  كلمات مفتاحية

مصدر: انسحاب سرية تابعة للمخابرات الحربية المصرية من سرت

تورط السيسي في المستنقع الليبي ليس في مصلحة الولايات المتحدة