هل تتحول الهجمات الغامضة ضد إيران إلى حرب شاملة؟

الجمعة 17 يوليو 2020 12:37 م

لم تكن سلسلة الهجمات العنيفة والمتكررة التي تضمنت انفجارات وحرائق في إيران حوادث عشوائية، بل جزء من جهد منظم. ومن الأفضل دائمًا توخي الحذر في إسناد المسؤولية عن مثل هذه الأفعال، لكن الظروف تشير بقوة إلى أحد المشتبهين أو كليهما: حكومة "نتنياهو" في (إسرائيل) وإدارة "ترامب" في الولايات المتحدة.

فلدى الطرفين المشتبه في ضلوعهما في هذه الأحداث سوابق بنفس الطريقة. وقد كان العمل الأكثر وضوحا من قبل إدارة "دونالد ترامب" هو اغتيالها "قاسم سليماني" في يناير/كانون الثاني الماضي، بصاروخ أطلقته طائرة بدون طيار في مطار بغداد.

كما تضمن السجل الإسرائيلي سلسلة من الاغتيالات لعلماء نوويين إيرانيين، كجزء من حملة اغتيالات إسرائيلية أكبر في جميع أنحاء الشرق الأوسط، فضلا عن عشرات الهجمات الجوية في سوريا على مدى العامين الماضيين.

لم تعلن الحكومة الإسرائيلية ولا إدارة "ترامب" رسميًا الحرب على إيران، لكن خطاب كل منهما قريب من مثل هذا الإعلان. أوضحت إدارة "ترامب" عزمها على إلحاق أكبر قدر ممكن من الألم بإيران، بما في ذلك على سبيل المثال لا الحصر؛ العقوبات الاقتصادية. كما كان خطاب حكومة "بنيامين نتنياهو" حول إيران معاديًا بشكل واضح أيضا.

كما يقول البعض، فهذه ليست مجموعة من الإجراءات "أقل من الحرب"، إنها حرب. بالتأكيد يجب أن نقلق بشأن تصعيد النزاع إلى شيء كبير لدرجة تجعل الجميع يسمونه بالحرب.

ولا يجب الانخداع بتقليص النظام الإيراني للهجمات الأخيرة وضبطها - حتى الآن - فيما يتعلق بالانتقام. يقرأ الإيرانيون الاستطلاعات الأمريكية، ويعتبر الخط السائد في التفكير الإيراني حاليا هو العمل على إحباط الاستهداف حتى يحدث تغيير في النظام بواشنطن.

لا يريد القادة الإيرانيون أن ينغمسوا في مفاجأة خلال الشهرين المقبلين من شأنها أن تولد تأثيرًا حاشدًا في أمريكا، وقد تنقذ فرص إعادة انتخاب "ترامب"، بالرغم من أنهم يدركون أن ضبط النفس يجعلهم يبدون ضعفاء.

بالرغم من أن الحرب الحالية لم يتم الإعلان عنها رسميًا، إلا أنه يجب تقييمها وفقًا لنفس معايير الحرب. ووفقًا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة، لا يمكن تبرير الحرب إلا في حالة الدفاع عن النفس أو ربما قبل وقوع هجوم وشيك.

ليس هذا هو الوضع الحالي مع إيران، فليس هناك ما يشير إلى أنها على وشك مهاجمة (إسرائيل) أو الولايات المتحدة. وبالنظر إلى أنه سيتم هزيمة إيران عسكريًا إذا خاضت هذه الحرب المباشرة، سيكون من الغباء أن يفكر القادة الإيرانيون في مثل هذا الهجوم.

لا ينطبق هذا الأمر على الوكلاء أو الوسائل غير المتماثلة الأخرى التي قد ترغب إيران من خلالها في فرض إرادتها. ويعتبر الهدف الرئيسي للغارات الجوية الإسرائيلية في سوريا هو تقويض قدرات وكلاء إيران هناك.

ظهر ضعف أي حجة أمريكية قائمة على الدفاع عن النفس من خلال المبررات الرسمية المشوشة التي تلت مقتل "سليماني". جرى التشكيك بشدة في رواية استباق هجوم إيراني وشيك. وفي النهاية، استند الأساس المنطقي للإدارة الأمريكية بشكل أساسي إلى دور "سليماني" السابق في دعم الميليشيات العراقية التي أوقعت خسائر بالقوات الأمريكية في العراق. 

كان برنامج إيران النووي محط اهتمام في السنوات الأخيرة، وكانت المنشأة النووية في محطة "نطنز" هدفا مهما للهجمات التي تم الإعلان عنها مؤخرًا. لكن الاتفاق النووي، الذي وضع قيودًا شديدة على البرنامج الإيراني، قام بعمل أفضل بكثير في إبقاء السلاح النووي الإيراني المحتمل بعيدًا عن متناول إيران أكثر من أي شيء فعلته إدارة "ترامب" منذ انسحابها من الاتفاق الذي أدى إلى تسريع إيران لنشاطها النووي. 

كما أن الهجمات لا تفعل شيئاً لردع الأعمال الإيرانية العدوانية أو غير المرغوب فيها. يتطلب الردع  العمل وفق معادلة: الإيلام بعد السلوك السيء فقط وليس السلوك الجيد. لكن يبدو أن الحكومتين الأمريكية والإسرائيلية عازمتان على التسبب بالألم بغض النظر عما تفعله إيران، ومما أكد ذلك تراجع إدارة "ترامب" عن الاتفاق النووي وإطلاق حملة "أقصى ضغط" بالرغم من امتثال إيران لالتزاماتها بموجب الاتفاق. وهنا يتم إعطاء إيران حافزًا على الانتقام، وليس حافزا للتصرف بشكل جيد.

بالرغم من ضبط النفس النسبي في طهران حتى الآن، فإن الانتقام النهائي هو أحد مخاطر الحرب الحالية غير المعلنة حيث إن التصعيد إلى شيء أكبر وأكثر تدميراً هو خطر آخر. حتى دون هذا التصعيد، تمتد الحملة الحالية إلى ما لا نهاية في "الحرب الأبدية" الأمريكية في الشرق الأوسط.

كما أن الهجمات غير مفيدة في إضعاف إيران أو تغيير ميزان القوى الإقليمي لصالح أمريكا. بل تعزز أسباب إيران في الحصول على الدعم من روسيا والصين.

تتغاضى إدارة "ترامب" عن الهجمات الإسرائيلية على إيران أو تتواطأ معها، ويعتبر ذلك أخبارا سيئة لمصالح الولايات المتحدة التي تختلف عن مصالح (إسرائيل)، بل وتختلف أكثر عن مصالح حكومة "نتنياهو" الحالية التي ترغب في إدامة التوتر الشديد مع إيران لإبقاء طهران كطرف يُلام على جميع العلل في الشرق الأوسط، ومنع أي تقارب بين واشنطن وطهران، وتعزيز العلاقات الإسرائيلية مع دول الخليج، وتشتيت الانتباه عن القضايا التي تستوجب التدقيق الدولي والنقد لـ(إسرائيل).

في الوقت الحالي، تعد حوافز "نتنياهو" في هذا الصدد أقوى من أي وقت مضى، مما قد يساعد في تفسير توقيت الموجة الأخيرة من الهجمات. وزادت قيمة تأجيج الصراع مع إيران لتشتيت الانتباه عن خطط "نتنياهو" لضم الضفة الغربية وهو الأمر الذي سيتبعه إدانة دولية واسعة.

كما أن "نتنياهو"، مثل الإيرانيين، على علم بالتقويم الانتخابي الأمريكي واستطلاعات الرأي الأمريكية. وقد يرى الأشهر القليلة المقبلة وقتًا مثاليًا ومحدودًا للتحرك، بينما لا يزال صديقه "ترامب" في السلطة. وقد يرى أن ذلك التحرك مهما لرفع فرص صديقه في إعادة الانتخاب.

من غير المرجح أن يقلق "نتنياهو" من التصعيد إلى حرب أكبر من شأنها أن تخدم أهدافه بشكل أكثر دراماتيكية. وقد يكون دفع إيران إلى الانتقام بطريقة قد تشعل مثل هذه الحرب، أحد أهداف الهجمات الأخيرة. ولن يكون من مهام "نتنياهو" أن يحسب أي خسائر أمريكية تالية.

المصدر | بول بيلار/ ريسبونسبيل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مواجهة إسرائيلية إيرانية مواجهة إيرانية أميركية الاتفاق النووي الإيراني

حريق كبير بميناء بوشهر الإيراني يلتهم 7 سفن

انفجارات إيران الغامضة..ضربة موجعة وفاعل مجهول وأمريكا وإسرائيل في الصورة

بعد الهجمات الغامضة.. هل تتجه إيران للانتقام من دول الخليج؟