بن زايد والاتهام الفرنسي بالتواطؤ بتعذيب اليمنيين

الاثنين 20 يوليو 2020 12:36 م

بن زايد والاتهام الفرنسي بالتواطؤ بتعذيب اليمنيين

الدعوى تذكر بعض الحكام بأن العدالة يمكن أن تصلهم يوما ما إضافة لكشفها صورة أولئك الحكام الحقيقية.

تظهر الدعوى رغبة بشريّة كبيرة بوقف تغوّل هائل تمثّله سلطات عربية كالإمارات تظن أنها فوق قوانين العالم وقوانين محلية للتطبيق الانتقائي ضد الخصوم.

تغوّل لا يكتفي بظلم شعوب والعدوان عليها ولا مواطنين عاديين مهمشين وافدين ومحليين بل يصل في السعودية لأشخاص كانوا في السلطة والمال والنفوذ.

*     *     *

فتح القضاء الفرنسي في 17 من الشهر الجاري تحقيقا بحق ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد في قضية «تواطؤ في أعمال تعذيب» في حرب اليمن، وذلك بعد إيداع ستة يمنيين شكوى لدى مكتب قاضي التحقيق الخاص بالجرائم ضد الإنسانية في محكمة باريس، قالوا فيها إنهم تعرضوا للتعذيب في مراكز اعتقال تشرف عليها قوات إماراتية في اليمن.

باعتباره نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة الإماراتية، يتحمل محمد بن زايد المسؤولية القانونية للأعمال التي نفذتها قوات إماراتية في اليمن، وقد استفاد الأشخاص المدّعون مدنيا على الحاكم الفعلي للإمارات من حيثيات قانونية تسمح للقضاء الفرنسي بملاحقة وإدانة أشخاص متهمين بجرائم كبرى عند وجودهم على التراب الفرنسي، ويدفع الادعاء المدني لفتح تحقيق قضائي وتكليف قاض بالتحقيق والتحرّي عن المتهمين.

يتعلق الادعاء على بن زايد بدعوى قضائية رفعت أثناء إجرائه زيارة رسميّة إلى فرنسا في تشرين ثاني/نوفمبر 2018، فُتح بعدها تحقيق قضائي أولي ضده في تشرين أول/أكتوبر عام 2019، ويبدو أن التحقيق الأخير يستكمل ما بدأ عام 2018.

المراهنة الآن تتوقّف على احتمال قبول النيابة العامة الفرنسية لإجراء هذا التحقيق أو رفضه، وهو أمر قد يحرج الإدارة السياسية الفرنسية الحاليّة، المنخرطة حتى أخمص كعبيها، بالتحالف مع أبوظبي في قضايا سياسية عديدة وفي جغرافيات متعددة، من اليمن إلى ليبيا، مرورا بمصالح اقتصاديّة تتعلق بمشاريع النفط والغاز في المتوسط، ومصالح ثقافية كمتحف "لوفر" أبوظبي وغيره.

من المتوقع، في حالة تأثر النيابة العامّة بالمواضعات السياسية والأمنية الفرنسية المشتبكة مع مصالح الإمارات، أن تلجأ إلى التبرير التقليدي وهو أن لحكام الدول حصانة دبلوماسية، مما سيذهب بالدعوى إلى محكمتي الاستئناف، وإذا لم يتم إيقافها هناك، فستتجه إلى محكمة النقض.

في كل الأحوال، فإن الدعوى تظهر شجاعة المواطنين اليمنيين الستة الذين رفعوا الدعوى رغم المخاطر التي يمكن أن يتعرضوا لها، مستغلين بابا ما زال مفتوحا على توظيف آليات العدالة العالميّة، والغربية خصوصا، لمكافحة السلطات المطلقة للحكام.

تظهر الدعوى أيضا وجود رغبة بشريّة كبيرة في وقف هذا التغوّل الهائل الذي تمثّله سلطات عربية كالإمارات، والذي يجعلها تظن أنها فوق القوانين العالمية كما هي فوق القوانين المحلية الموجودة فقط للتطبيق الانتقائي ضد خصومها السياسيين!

وهذا التغوّل ما عاد يكتفي بظلم الشعوب التي تمارس عدوانها عليها، وعلى المواطنين العاديين والمهمشين والمساكين من الوافدين والمحليين، بل يمكن، كما هو الحال في السعودية، أن يصل إلى أشخاص كانوا في سدّة السلطة والمال والنفوذ.

أيّا كان مصير الدعوى فهي تساهم في تذكير بعض الحكام، بأن العدالة يمكن أن تصلهم يوما ما، إضافة إلى كشفها للصورة الحقيقية لأولئك الحكام، والتي لا يمكن أن تزيلها حملات الدعاية العامّة، والمصالح الاقتصادية مع بلدان الغرب، أو العلاقات الحميمة مع حكامها، الطامحين على ما يبدو، لأن تكون لديهم سلطات فاحشة تجعلهم هم أيضا فوق القانون!

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

كيف استخدم طارق صالح المال الإماراتي لبناء ميليشياته في تعز اليمنية؟