اكتشاف الغاز الذي أعلنت عنه يوم أمس الأحد شركة الطاقة الايطالية ENI، في البحر الأبيض المتوسط على الشواطيء المصرية، من شأنه أن يسد طريق صفقة تصدير الغاز إلى القاهرة من البئرين الإسرائيليين «تمار» و «ليفياثان». وفي حديث مع موقع «واللا» يدعي خبراء مختلفون في اقتصاد الغاز بان أهمية الاكتشاف وبالتالي التهديد الذي يشكله على آبار الغاز الإسرائيلية، ستقاس أساسا بتنمية البنى التحتية المصرية وبالزمن الذي سيستغرق بناؤها، إذ في هذا الأمر تكمن المشكلة الأكبر.
قد أعلنت ENI بأن بئر الغاز الجديد الذي اكتشفته هو الأكبر الذي يعثر عليه في مصر، وأنه كفيل بأن يكون أحد اكتشافات الغاز الأكبر في البحر المتوسط. وهو يوجد على عمق 1450مترا، وينتشر على مساحة نحو 100 كيلومتر مربع. وحسب تقديرات الشركة فان البئر يحتوي على نحو 30 تريليون قدم مكعب. ولغرض المقارنة فإن حجم الغاز في بئر «لافياثان» في إسرائيل يبلغ 22 تريليون قدم مكعب.
البروفيسور «يرون زليخا»، رئيس مدرسة تدقيق الحسابات وإدارة الأموال في المدينة الأكاديمية «أونو» والمعارض الحاد لصفقة الغاز، يعتقد بأنه «من ناحية إسرائيل، هذا هو الدليل الأفضل على دحض الأساطير التي روجتها الحكومة كي تنبطح أمام احتكار الغاز. فالعثور على البئر المصري كفيل بأن يعيد مصر إلى دور المورد المنافس على الغاز في إسرائيل، فيعزز بذلك رأي المؤيدين لقرار الرقابة على أسعار الغاز».
وعلى حد قوله، فإن «قوة احتكار الغاز ضعفت اليوم وهذه بشرى ممتازة لمواطني إسرائيل. ولا يتبقى سوى الأمل في ألا تواصل الحكومة الانبطاح بل تتعزز في ضوء العثور على البئر المصري وتطبق فرض الرقابة على أسعار الغاز وتخفيضها إلى مستوى عادي برأيي لا يزيد عن 3 دولار للوحدة».
وبالنسبة لمشكلة البنى التحتية في مصر، يقول «زليخا» إن للدول الغربية ولأوروبا مصلحة كبيرة في مساعدة مصر على جسر فوارق بناها التحتية واستغلال البئر.
نافذة فرص ضيقة
«أمير فوستر»، أحد مؤيدي صفقة الغاز، مالك مجموعة استشارات لشركات ومؤسسات دولية، وعضو في جمعيات ووزارات حكومية، يدعي من الجهة الأخرى بأن البنية التحتية المصرية غير قادرة على أن تلبي أكثر من 75 في المئة من الطلب المصري. وعليه فإن «على المصريين أن يطوروا بنى تحتية بحيث يلبوا الطلب المحلي لديهم وفقط بعد ذلك سيكون بوسعهم أن يستجيبوا للتصدير. وقد يستغرق هذا عشر سنوات أخرى أيضا، ومن أجل أن نستغل نافذة الفرص هذه يتعين علينا أن نعمل بسرعة، والا فإننا سنكون في المكان الذي لا يعود ممكنا فيه التنمية».
لقد وقعت «ليفياثان» عقود شراكة في الماضي على مذكرات تفاهم مع مصر والأردن بحجم 50 مليار دولار. وإذا كان سعر وحدة الغاز في الحقل الجديد الذي وجد في مصر سيكون أدنى من السعر الذي ستصدر فيه إسرائيل لمصر، فإن هذا يطرح سؤالا: لماذا ستشتري مصر من إسرائيل؟
يدعي البروفيسور «زليخا» بأنه «لا تحب أي دولة أن تكون متعلقة بمورد واحد احتكاري». وعلى حد قوله فإنه «من شبه المؤكد أن الأوروبيين أيضا، وبالتأكيد الأردنيين لن يكونوا معنيين بأن يكونوا متعلقين حصريا بالغاز المصري». ويعتقد «زليخا» بأن على إسرائيل أن تفرض القيود على تصدير الغاز والحكومة التي لا تتمكن من عمل ذلك، فإن نهايتها أن تجد نفسها مع قيود تفرض عليها رغم أنفها.
لماذا تشتري مصر من إسرائيل؟
أما «فوستر»، الذي كان في الماضي محللا كبيرا في مجال الطاقة والسوق المالية، فيحاول التخفيف من حدة الحماسة من الاكتشاف المصري، فيقول: «يجدر بالذكر أنه مصر لم ينقصها أبدا الغاز الطبيعي. ما كان ينقصها هو البنى التحتية. لدى مصر أكثر بضعفين من الغاز الطبيعي مما لدينا ومنذ صعد «السيسي» إلى الحكم بدأ يطور السوق المصرية بشكل مذهل. فببساطة المصريون حسم لديهم الأمر في أن لديهم الكثير من الغاز وأنهم لا ينجحون في تطويره بسبب أسعاره المتدنية. والآن مع العثور على البئر يمكنهم أن يطوروه، ولكن نافذة الفرص من ناحية ليفياثان لا تزال غير مغلقة ولا يزال ممكنا التوقيع على الاتفاقات».