هل تبحث تركيا عن طريق ثالث بخصوص سرت والجفرة؟

الأربعاء 22 يوليو 2020 01:14 م

تتداخل 3 عوامل رئيسية لتشكيل سياسة أنقرة في ليبيا:

أولها حماية المصالح الاقتصادية والعسكرية والجيوسياسية التركية.

ثانيا الصراع المستمر بين تركيا والقوى العربية المضادة للثورات (الإمارات ومصر السعودية).

ثالثا سياسة أنقرة الشرق أوسطية الأوسع نطاقاً، حيث تواجه تركيا كتلة من البلدان التي تضم اليونان وقبرص و(إسرائيل) ومصر وفرنسا.

كان ترسيم حدود المنطقة البحرية بين تركيا وحكومة الوفاق الوطني الليبية المعترف بها من قبل الأمم المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني، يتعلق بشرق البحر الأبيض المتوسط ​​أكثر من ليبيا.

من خلال هذه الصفقة، وسعت تركيا حدودها البحرية في شرق البحر الأبيض المتوسط​، وتسبب ذلك في معارضة جميع القوى الأوروبية تقريبًا، وخاصة اليونان وقبرص وفرنسا.

ورداً على ذلك، تضاعف تواجد تركيا العسكري في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، وتم تأطير ذلك كجزء من سياسة "الوطن الأزرق"، التي تمثل فهمًا موسعًا للحدود البحرية التركية في البحر الأبيض المتوسط.

وتتناسب الصفقة البحرية بسلاسة مع هذه السياسة، والتي يمكن اعتبارها تعبيراً عن عقيدة الدفاع الأمامي الجديدة لأنقرة.

ويعكس استخدام مصطلح "الوطن" التصميم على الدفاع عنه، كما أن لغة "الوطن الأزرق" لها صدى لدى الأتراك، ما يسهل على الحكومة التركية حشد الدعم لسياساتها تجاه شرق المتوسط ​​وليبيا.

مع الانتصارات العسكرية الأخيرة التي حققتها تركيا وحكومة الوفاق الوطني، تغيرت خريطة الصراع بشكل كبير لصالحهما.

ومع ذلك، فمن السابق لأوانه أن يعلن أي طرف النصر، وبالرغم من الخسائر التي تكبدتها قوات الجنرال الليبي "خليفة حفتر"، تضاعف روسيا من وجودها العسكري في البلاد.

هناك أيضًا خطر التدخل العسكري المصري إذا مضت تركيا وحكومة الوفاق الوطني قدما في هجومهما العسكري على سرت والجفرة.

تضاعف الإمارات أيضا جهودها، في حين تشارك فرنسا وتركيا بشكل متزايد في المشاحنات الجيوسياسية العامة حول ليبيا وشرق المتوسط.

إذن ما هي الأهداف والخيارات لتركيا في هذه المرحلة؟

أولاً، ستحاول أنقرة على الأرجح ترجمة انتصاراتها العسكرية إلى مكاسب اقتصادية وجيوسياسية واستراتيجية ملموسة في أقرب وقت ممكن.

على المستوى الاستراتيجي والجيوسياسي، ستحاول تركيا تشغيل القواعد الجوية (الوطية) والبحرية (مصراتة) بأسرع ما يمكن، وقد هبطت طائرات الشحن التركية بالفعل في قاعدة "الوطية" الجوية.

وفيما يخص الجانب الاقتصادي والطاقة، تطمح أنقرة للعب دور رئيسي في استكشاف النفط والغاز، وفي مشاريع البنية التحتية، ولدعم حكومة الوفاق الوطني، تريد أنقرة الشروع في إصلاح القطاع الأمني ​​في البلاد، وتدريب القوات الليبية ومساعدة حكومة الوفاق الوطني على توفير الخدمات الأساسية، مثل الكهرباء.

لم تثبت حكومة الوفاق الوطني حتى الآن أنها يمكن أن تعمل كحكومة رسمية بدلا من فصيل متحارب آخر، وسيكون الاختبار الرئيسي هو قدرة حكومة الوفاق الوطني على الحكم، بما في ذلك توفير الخدمات الأساسية ومعاملة الناس في المناطق التي تم تحريرها مؤخرا.

ثانياً، أصبح مستقبل سرت والجفرة، القريبة من الهلال النفطي الليبي، نقطة خلاف رئيسية بين تركيا من ناحية وروسيا والتحالف الإماراتي - المصري من ناحية أخرى.

تستمر تركيا وحكومة الوفاق الوطني في زيادة الحشد العسكري، بينما تدعو تركيا إلى انسحاب قوات "حفتر" من هذه المناطق كشرط مسبق لأي وقف لإطلاق النار.

بالنظر إلى الطبيعة المترابطة للنزاعات السورية والليبية من حيث العلاقات التركية الروسية والوجود العسكري لموسكو، فإن أنقرة ستحرص على عدم مواجهة روسيا بشكل كامل، من هذا المنظور، فإن الهدف المباشر لأنقرة هو تراجع قوات "حفتر" عن هذه المناطق.

عندما يتعلق الأمر بحكم سرت والجفرة، يمكن القول إن تركيا ستكون منفتحة على الخيارات المختلفة، بدلاً من سيطرة حكومة الوفاق الكاملة، قد تكون الإدارة المحلية لهذه المناطق أو وجود قوات دولية كبديل للسيطرة الكاملة من قبل حكومة الوفاق الوطني أو قوات "حفتر"، لذلك فإن سيطرة "حفتر" على هذه المناطق هي الخط الأحمر الرئيسي لتركيا.

في هذا الصدد، لا يبدو أن التهديدات المصرية بالتدخل العسكري تسبب مستوى عاليا من القلق في أنقرة.

في حين أنه لا يمكن استبعاد التدخل المصري حيث قد تشعر القاهرة بأنها مضطرة للرد على هجوم عسكري على سرت - الجفرة بعد تعهداتها وتهديداتها المعلنة، ولكن من المرجح أن يكون هذا التدخل محدودا ورمزيا وفي شكل ضربات جوية أكثر من العمليات البرية.

يمكن القول إن أنقرة ستكون منفتحة أيضًا لاتفاق مع مصر بشأن ليبيا إذا اعتقدت أن القاهرة يمكن أن تعمل بشكل مستقل عن الإمارات والسعودية في سياستها الخارجية.

ويبدو أن الشك في هذا الاستقلال هو العائق السياسي والنفسي الرئيسي في أنقرة تجاه القاهرة.

وأخيرًا، فإن ارتفاع مستوى التوتر بين الحليفين الأمريكيين، أنقرة والقاهرة، مع خطر سوء التقدير الذي يلوح في الأفق، قد يدفع الولايات المتحدة للتوسط بينهما.

على الصعيد الدولي، تتواصل أنقرة أيضًا مع الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا بشأن ليبيا، بينما سيستمر الخلاف التركي الفرنس، حيث تتزايد الملفات الجيوسياسية المتنازع عليها في علاقاتهما الثنائية؛ شمال أفريقيا وليبيا على وجه التحديد، وشرق المتوسط​، وسوريا.

على عكس ألمانيا، ليس لدى فرنسا جالية تركية كبيرة، لذلك لا توجد تكلفة سياسية محلية لباريس التي تتخذ موقفًا أكثر صرامة تجاه تركيا، وينطبق الأمر نفسه على الحكومة التركية، وسيسبب هذا العداء الكثير من التوترات في ليبيا وداخل "ناتو".

وبالرغم من هذا الخلاف، فإن زيادة التدخل العسكري الروسي في وسط وشرق ليبيا وشبح دور روسي أكبر في شرق البحر الأبيض المتوسط​​، يحسن موقف أنقرة في تواصلها مع الولايات المتحدة وألمانيا وإيطاليا.

وهذا يعني إيجاد طريق ثالث لسرت والجفرة، بدلاً من الانفراد بالسيطرة من قبل حكومة الوفاق الوطني أو قوات "حفتر".

حتى الآن، قدمت الولايات المتحدة بيانات داعمة لتركيا ولغة قاسية تجاه روسيا، قام مساعد وزيرة الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى "ديفيد شينكر" بتوبيخ البعثة البحرية الأوروبية في البحر الأبيض المتوسط، المصممة للمساعدة في فرض حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة على ليبيا، لتركيزها بشكل حصري للغاية على تركيا مع تجاهل أنشطة روسيا والإمارات.

وبالرغم من هذا الموقف، لم تقدم واشنطن دعمًا ملموسًا لأنقرة، وبالتالي، فمن المحتمل أن نرى الطبيعة التنافسية والتعاونية للعلاقات التركية الروسية في سرت والجفرة، وهذا يعني احتمالية إيجاد طريق ثالث لسرت والجفرة.

المصدر | غالب دالاي | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق الليبي التركي قوات حفتر حكومة الوفاق الليبية شرق المتوسط

ترامب لأردوغان: الولايات المتحدة تدعم توسيع تركيا لنطاق تدخلها بليبيا

الخارجية المصرية: تركيا تصر على التدخل بليبيا لأسباب أيديولوجية

الأقمار الصناعية تظهر تمركز طائرات روسية في قاعدة الجفرة

القائم بأعمال سفير واشنطن بليبيا يزور مصراتة لوقف تصعيد سرت