الترويج للأنظمة واستهداف المعارضين.. المهام غير التقليدية للسفارات العربية في الخارج

الاثنين 3 أغسطس 2020 06:54 م

تلعب السفارات العربية في الغرب، مثل البعثات الدبلوماسية لجميع البلدان، العديد من الأدوار المختلفة، الرسمية وغير الرسمية.

وتعد أهم وظيفة لتلك السفارات هي عملها كقاعدة علاقات عامة للضغط على الحكومات والمؤسسات والأفراد في الخارج.

وتدير السفارات، التي تتمتع بميزانيات ضخمة، حملات علاقات عامة هائلة، وتنتج منشورات وتنظم فعاليات لافتة.

أدوار متنوعة

وتنشغل تلك السفارات أيضا بجمع التعليقات ومراقبة النقاد. وتعمل على معالجة المزاعم النقادة لها، وإذا لزم الأمر، فإنها لا تتردد في اتخاذ إجراءات قانونية.

وإلى جانب العلاقات العامة، تظل البعثات العربية مشغولة برعاية الأعمال والمصالح الشخصية لأعضاء النظام رفيعي المستوى.

ويعني هذا عادة إدارة مكاتبهم الخاصة، وتسهيل عمليات الشراء الكبيرة، وصد الادعاءات والشكاوى الشخصية.

ومن وقت لآخر، ربما يتم استدعاء الدبلوماسيين للقيام ببعض الأنشطة المختلفة، مثل إيجاد طبيب جيد، أو وكيل عقاري، أو حتى توفير الفتيات الجميلات لإشباع نزوات الأمراء الماجنين.

وفي بعض الأحيان يُطلب منهم المساعدة في إعادة أمير قسرا إلى وطنه. وقد يُطلب منهم في مناسبات أخرى أن يدعوا أن أحد أعضاء النظام يتمتع بالحصانة الدبلوماسية لمحاولة إبعاده عن تهم جنائية خطيرة.

وأمضت السفارة السعودية في باريس قدرا كبيرا من الوقت تواجه أصحاب الفنادق الغاضبين الشاكين من فواتير الأمير "سعود بن سيف النصر" غير المسددة.

ولكن بعد دعوة الأمير العلنية لانقلاب ضد الملك "سلمان بن عبدالعزيز"، فقد جرى اختطافه عام 2015، ويعتقد الآن أنه محتجز في سجن سعودي.

أكثر إجراما

ويمكن للسفارات والقنصليات أن تلعب دورا أكثر إجراما، وأبرز مثال على ذلك هو قتل الصحفي "جمال خاشقجي" وتقطيعه وإذابة جثته بعد أن تم استدراجه إلى القنصلية السعودية في إسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وكتبت "أغنيس كالامارد"، مقرر الأمم المتحدة الخاصة بشؤون الإعدام خارج نطاق القضاء: "يجب النظر في حقيقة أن القتل وقع في قنصلية - في انتهاك واضح لاتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية والقنصلية - كأمر أساسي خلال تحليل الحقائق وتقييم المسؤوليات".

وبالرغم من أنها كانت حادثة مروعة، لم تكن قضية "خاشقجي" المثال الأول أو الوحيد على تورط بعثة دبلوماسية عربية في جريمة خطيرة.

ونشرت مجلة "نيويورك تايمز"، في يناير/كانون الثاني، تفاصيل جديدة عن دور السفارة السعودية في الهجمات على الولايات المتحدة في 11 سبتمبر/أيلول 2001.

وفي عام 2003، أقدم الدبلوماسي السعودي "علي الشمراني"، على رشوة رجل يدعى "غازي قاسم" للحصول على معلومات سرية من أجهزة كمبيوتر خاصة بالشرطة حول أشخاص تربطهم صلات بالشرق الأوسط يعيشون في المملكة المتحدة.

وفي العام نفسه، لعبت السفارة السعودية في سويسرا، إلى جانب مديرية المخابرات العامة، ووزارة الداخلية، والخطوط الجوية السعودية، وعصابة من المرتزقة الأجانب، دورا رئيسيا في الاختطاف الاستثنائي للأمير "سلطان بن تركي" من جنيف.

وبعد ذلك قام السعوديون أنفسهم بتعيين محامٍ سعودي للتحقيق في دور السفارة في عملية الاختطاف، لكن لم يتم إصدار أي تقرير على الإطلاق.

وعندما تم اختطاف الأمير "سلطان بن تركي" للمرة الثانية عام 2016، تم ترتيب الرحلة التي استقلها عبر القنصلية السعودية في باريس، التي تولت أيضا التعامل مع جميع الأمتعة وجوازات السفر.

مطاردة المعارضين

وفي يونيو/حزيران 2015، أصدرت "ويكيليكس" تسريبات خاصة شملت عشرات الآلاف من الوثائق الحكومية السعودية السرية والسرية للغاية، التي تسلط الضوء على تخصيص السفارات السعودية في جميع أنحاء العالم الموارد لمطاردة المعارضين في الخارج.

وفي قلب هذا البرنامج تكمن عملية مراقبة ضخمة. وتستخدم السفارات والقنصليات العربية شبكات المخبرين والجواسيس، بالإضافة إلى رجال الاستخبارات، لمراقبة مواطنيها المقيمين في الخارج، مع التركيز بشكل خاص على طلاب الدراسات العليا والمنظمات الإسلامية.

وتقوم البعثات العربية أيضا بشكل روتيني بتصوير المظاهرات المناهضة للنظام في الغرب، واستخدام مقاطع الفيديو الناتجة للتعرف على الوجوه عبر تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي قدمها الحلفاء مثل (إسرائيل) والولايات المتحدة والمملكة المتحدة، بهدف تحديد هويات المعارضين واستهدافهم في وقت لاحق.

وقال عميل مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق "فرانك مونتويا"، الذي شغل منصب مدير مكتب مكافحة التجسس الوطني التنفيذي بين عامي 2012 و2014، إن مراقبة الطلاب السعوديين في الولايات المتحدة مستمرة منذ أعوام، بالرغم من أن البرنامج توسع بشكل كبير في عهد ولي العهد "محمد بن سلمان".

وفي يوليو/تموز 2019، أثارت وزيرة الهجرة المصرية "نبيلة مكرم" غضبا عندما أشارت إلى حلقها مهددة بذبح المعارضين، بينما كانت تتحدث عن المغتربين المصريين الذين ينتقدون البلاد.

أما في 9 يوليو/تموز، فأُفيد أن وكالة الاستخبارات المحلية الألمانية حددت موظفا في المكتب الصحفي للمستشارة "أنجيلا ميركل" يُشتبه في أنه يتجسس لصالح المخابرات المصرية.

وأشارت الوكالة إلى أن الجاسوس المجند كان يبحث عمدا عن مواطنين مصريين، وأن عملاء المخابرات المصرية في ألمانيا يجمعون معلومات عن مجموعات مثل جماعة الإخوان المسلمين والجماعات القبطية المسيحية.

وقالت الوكالة: "هناك مؤشرات على أن الأجهزة المصرية تحاول تجنيد مصريين يعيشون في ألمانيا لأغراض استخبارية".

إعادة قسرية

وبمجرد التعرف على الخصم، تلعب السفارات أيضا دورا رئيسيا في الخطوة التالية، وهي إسكاته. وتكون أسهل طريقة للقيام بذلك هي بجعل الخصم يعود إلى الوطن.

وتساعد السفارات في هذه العملية بقطع التمويل أو رفض إصدار أو تجديد وثائق مهمة بحجة أنه يجب على مقدم الطلب التقدم لأجلها في وطنه.

ولا يزال من الممكن استهداف النشطاء الذين يرفضون السفر إلى بلادهم أو زيارة سفاراتها بطرق أخرى، كما حدث مع المعارض السعودي "عمر عبدالعزيز" المقيم في مونتريال بكندا.

وتحاول الحكومة المصرية حاليا إقناع إسبانيا بتسليم المقاول والفنان المعارض "محمد علي"؛ ردا على كشفه لوقائع فساد مالي وسياسي تخص السلطة.

وهناك طريقة أخرى شائعة هي اضطهاد الأقارب. والأمثلة في هذا وفيرة، ولكن إحدى القضايا التي تصدرت عناوين الصحف الدولية مؤخرا كانت قضية الناشط المصري "محمد سلطان"، الذي تعرضت أسرته في مصر لحملة اعتقالات الشهر الماضي، بعد أن رفع دعوى قضائية في واشنطن العاصمة ضد رئيس الوزراء المصري السابق "حازم الببلاوي" يتمه فيها بالمسؤولية غن تعذيبه.

ونقلت وكالة "أسوشيتد برس" عن "جو ستورك"، نائب المدير التنفيذي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، قوله إن "الحملات الأمنية على منازل أقارب سلطان في مصر تتبع نمطا واضحا من استهداف أقارب المعارضين في الخارج".

وقال "إلياس صليبا"، الباحث في حقوق الإنسان والديمقراطية في المعهد العالمي للسياسة العامة في برلين: "مع وصول المزيد من المعارضين والمنتقدين لنظام السيسي إلى أوروبا منذ الانقلاب العسكري، يبدو أن الحكومة المصرية كثفت من جهود المراقبة والتضليل من أجل مواجهة هذه الأصوات الناقدة في الخارج".

المصدر | عرب دايجست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البعثات الدبلوماسية محمد سلطان جمال خاشقجي

نيويورك تايمز: استراتيجية السيسي لمواجهة معارضي الخارج عبر أقاربهم

وزيرة الهجرة المصرية تتراجع عن "قطع رقبة" المعارضين بالخارج