صفقة نيوكاسل.. عرض فاشل وهدف عكسي

الأربعاء 5 أغسطس 2020 04:39 م

أصبح من الواضح أن الدوري الإنجليزي الممتاز لكرة القدم لن يتبع الإجراءات المعتادة مع العرض السعودي للاستحواذ على نادي "نيوكاسل يونايتد" لكرة القدم.

وكان العرض على الطاولة كبيرا، بقيمة 300 مليون جنيه إسترليني، الذي تقلص من العرض الأصلي البالغ 340 مليون جنيه إسترليني بسبب "كوفيد-19"، لكنه كان لا يزال سخيا.

وكان مشجعو "نيوكاسل"، الذين عانوا طويلا من تراجع مستوى فريقهم، قد عاشوا نشوة فكرة أنه، على خطى "مانشستر سيتي"، سيتم إرجاع فريقهم المحبوب إلى عظمته بفضل الثروة الخليجية الهائلة.

وتحطم حلمهم في 30 يوليو/تموز مع الإعلان عن قيام صندوق الاستثمار العام السعودي بسحب عرضه.

وأصدر "الكونسورتيوم" الذي قاد العرض بيانا ألقى فيه باللوم على تأخير "الدوري الممتاز" في التوصل إلى قرار كسبب للانسحاب.

وزعم أن ما أسماه "الظروف الحالية المقترنة بعدم اليقين العالمي جعلت الاستثمار المحتمل لم يعد قابلا للتطبيق تجاريا".

واستمر في سياق الاعتذار للتعبير عن الأسف قائلا: "كنا متحمسين وملتزمين بالكامل بالاستثمار في مدينة نيوكاسل العظيمة، ونعتقد أنه كان بإمكاننا إعادة النادي إلى موقعه التاريخي وتقاليده وجدارة معجبيه".

وقد واجه العرض، الذي كان من شأنه أن يشهد امتلاك صندوق الاستثمار السعودي العام حصة 80%، رياحا معاكسة شديدة من ناشطي حقوق الإنسان وخطيبة الصحفي المقتول "جمال خاشقجي".

ويُعتقد على نطاق واسع أن ولي العهد "محمد بن سلمان"، الرئيس الفعلي لصندوق الاستثمار العام، هو المسؤول عن الأمر بقتل "خاشقجي" في القنصلية السعودية في اسطنبول في 2 أكتوبر/تشرين الأول 2018.

وفي بيان أدلى به محاموها في نهاية أبريل/نيسان، جادلت "خديجة جنكيز"، خطيبة "خاشقجي"، بأن قبول الدوري الممتاز للعرض يعني تشويه صورته وصورة كرة القدم الإنجليزية من خلال وجود "علاقة مع أولئك الذين يرتكبون أبشع الجرائم ثم يأتون لتبييضها، والذين يسعون لاستخدام كرة القدم الإنجليزية كوسيلة لتحسين صورتهم وإخفاء تجاوزاتهم".

وبعد أن فرضت المملكة المتحدة عقوبات على 20 سعوديا في أوائل يوليو/تموز لتورطهم المزعوم في مقتل "خاشقجي"، بما في ذلك اثنان قريبان جدا من "محمد بن سلمان"، جددت "خديجة" دعوتها لوقف بيع النادي للسعوديين.

وبالرغم من أن مقتل "خاشقجي" كان مروعا، لم يبدِ الدوري الإنجليزي قلقا كبيرا من أن القاتل المفترض قد لا يفي بقاعدة "اللائق والصحيح"، وهي وثيقة من 6 صفحات تُعرف الآن باسم اختبار المخرجين والمالكين.

وتتعلق القاعدة في الغالب بالمخالفات المالية. وصحيح أن الإدانة الجنائية كانت لتبطل العملية، ولكن لم يتم توجيه أي اتهام لـ"بن سلمان" مطلقا، ناهيك عن إدانته بقتل "خاشقجي"، وليس من المحتمل أن يحدث ذلك. على أي حال، لم يحتج الدوري الإنجليزي أبدا اللجوء لهذا الأمر لوقف شراء النادي.

وكانت القضية الأكثر إثارة للقلق في الدوري هي قضية القرصنة، وهي كلمة تضايق كل منظمة رياضية محترفة، خاصة الآن مع خلو الملاعب من الجماهير في جميع أنحاء العالم بسبب "كوفيد-19".

ووجد تقرير لمنظمة التجارة العالمية، صدر في يونيو/حزيران، أن الحكومة السعودية سهلت سرقة حقوق بث الأحداث الرياضية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تحتفظ بها قناة "بي إن" القطرية.

وإلى جانب شراء حقوق الرياضات الأخرى، دفع القطريون للدوري الإنجليزي الممتاز 400 مليون جنيه إسترليني في صفقة مدتها 3 أعوام.

وكجزء من الخلاف المستمر بين السعودية والإمارات والبحرين ومصر، في ما يسمى باللجنة الرباعية، من جهة، وقطر من جهة أخرى، تم سرقة إشارة "بي إن" من قبل شركة تطلق على نفسها اسم "بي أوت كيو".

وكما جاء في تقرير منظمة التجارة العالمية بشكل قاطع: "لقد شجعت حكومة المملكة العربية السعودية بنشاط ودعمت عملية قرصنة بي أوت كيو منذ البداية وخرقت التزاماتها بموجب القانون الدولي لحماية حقوق الملكية الفكرية بل وخرقتها بالكامل".

وقد يعتقد المرء أن القرصنة، مقترنة بقتل "خاشقجي"، والعديد من انتهاكات حقوق الإنسان الأخرى، كانت ستفرض على رئاسة الوزراء وقفة للتفكير.

فبعد أن قامت "بي آوت كيو" بسرقة إشارة beIn منذ أغسطس/آب 2017، بعد بضعة أسابيع من إطلاق الرباعية حصارا جويا وبحريا وبرّيا لقطر، تم قتل "جمال خاشقجي" في أكتوبر/تشرين الأول 2018.

ودفعت حركة "حياة السود تهم" قضية الرياضة من الصفحات الخلفية إلى الأمام. وأصبح الجلوس على الركبة رمزا مقبولا تماما الآن كقاعدة عامة لدعم "السود"، بينما كان لاعب كرة القدم الأمريكي "كولين كايبرنيك" هو من بدأها قبل بضعة أشهر خارج العمل وخارج الدوري الوطني لكرة القدم.

والآن، بدلا من أن تتجاهل الرابطة الرياضية اتخاذ موقف أخلاقي من شيء كان من الأفضل أن تتجاهله، وهو أمر سيئ بالنسبة للعمل الرياضي، حيث لا تختلط الرياضة بالسياسة، وجدت نفسها مجبرة على قبول ذلك في صميم أعمالها.

لكن يبدو أن الدوري الإنجليزي الممتاز والكونسورتيوم قد أزالوا تلك العقبات، لكن ما تسبب في فشل الصفقة أخيرا هو العلاقة بين "بن سلمان"، كرئيس للصندوق، ودوره كحاكم فعلي للمملكة.

وبعد تجاهل ما كان موجودا ومؤكدا، من الجرائم والقرصنة وحقوق الإنسان، كان الدوري الممتاز يبحث عن شيء لم يكن موجودا، وهو الفصل بين الحكومة والرجل الذي يدير صندوق الاستثمار العام كما لو كان مصرفه الخاص.

وفي مقال له في "التليجراف"، يقتبس "جايسون بيرت" قول من يشير إليه كمصدر بارز في الدوري الممتاز: "لقد أرادوا أن تكون السعودية كدولة مديرة لنادي كرة قدم بشكل فعال، وهذا مستحيل. لقد تم كتابة اختبار المديرين والمالكين للأفراد وليس الدولة".

وبالرغم من أن "بن سلمان" هو من كان سيستحوذ على "نيوكاسل يونايتد"، فقد أثبت المسار المختار باستخدام "صندوق الاستثمار العام" لشراء النادي طموحه.

لو كان شخص ما هو من أقدم على شراء "نيوكاسل يونايتد"، لكانت الصفقة قد مرت. وكان "محمد بن سلمان" سينضم بعد ذلك إلى ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد" بصفته المالك الفخور لنادي في "البريميرشيب" كان بإمكانه عندئذ أن يصب فيه مئات الملايين في بناء فرقة قوية، كما فعل الشيخ "منصور بن زايد" مع مانشستر سيتي.

لكن الانسحاب، وهو أمر غريب إلى حد ما حيث حدث في نفس اليوم الذي أعلن فيه السعوديون أنهم سيستأنفون حكم منظمة التجارة العالمية، يدفع إلى هذا الحلم إلى التلاشي، ولا شك أن "بن سلمان" سيحاول بطرق أخرى.

المصدر | عرب دايجست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

صندوق الاستثمار العام نيوكاسل يونايتد

خطيبة خاشقجي سعيدة بإفشال صفقة نيوكاسل: انتصار الحق أمام الظلم

السعودية تضطر للتخلي عن الاستحواذ على نيوكاسل الإنجليزي

محاولات حثيثة لإحياء الاستحواذ السعودي على نيوكاسل

تفاصيل جديدة عن الصفقة السعودية الفاشلة لشراء نيوكاسل الإنجليزي