بعد 7 سنوات على مذبحة رابعة.. الإخوان والسيسي إلى أين؟

الأحد 16 أغسطس 2020 09:04 م

قبل 7 أعوام، في 14 أغسطس/آب 2013، شهدت مصر حادثة "مذبحة رابعة"، حيث قتلت الحكومة نحو 1000 متظاهر سلمي في يوم واحد.

وكان المتظاهرون يحتجون على الانقلاب العسكري في 3 يوليو/تموز 2013، الذي أطاح بـ"محمد مرسي"، أول رئيس مدني منتخب في تاريخ البلاد.

ونظم قرابة 85 ألف متظاهر اعتصامات في ميدان رابعة العدوية بشمال القاهرة بحي مدينة نصر حتى وقوع المجزرة المروعة.

وفتحت قوات الأمن النار على المتظاهرين وفرقتهم بعنف، وقتلت الذين كانوا يحاولون الفرار، ووصفت "هيومن رايتس ووتش" المذبحة بأنها "واحدة من أكبر عمليات قتل المتظاهرين في العالم في يوم واحد في التاريخ الحديث".

وبينما كان العديد من المعتصمين من مؤيدي "مرسي"، فإن آخرين لم يكونوا منتمين إلى جماعة "الإخوان المسلمون"، وكانوا غاضبين فقط من استيلاء الجيش بالقوة على السلطة، وكان من بينهم نساء وأطفال وشيوخ.

وتم اعتبار هذا الفعل "جريمة ضد الإنسانية"، كما تم اعتباره المسمار الأخير في نعش الربيع العربي في مصر.

وأفاد العديد من المصريين أنهم فقدوا أصدقاءهم، بينما فر الكثير من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمون" خارج البلاد، لتجنب السجن والإعدام، ولا يزال الكثيرون يعانون من الصدمة ويذكرون أن الحدث تسبب لهم في اكتئاب دائم.

ولم تتم محاسبة المسؤولين المصريين، بالرغم أن التحقيقات المستقلة التي أجرتها "هيومن رايتس ووتش" والمبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أظهرت أنه اعتداء مع سبق الإصرار على متظاهرين عزل.

وعلى العكس من ذلك، تم التعامل مع الضحايا كمجرمين.

وبالرغم من إدانة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي لهذه المجزرة على الفور، سرعان ما استمرت الأعمال كالمعتاد، ولم يتم بذل أي جهود لمحاسبة مرتكبيها.

الهروب تحت الأرض مرة أخرى

وكان هدف الجيش على المدى الطويل هو القضاء على أي معارضة، وكان ينظر إلى "الإخوان" باعتبارها العدو الأساسي له، وسعى الجنرال "عبدالفتاح السيسي"، الذي قاد الثورة المضادة وهو الآن رئيس مصر، إلى دفع الفصيل إلى العمل السري من جديد.

واستهدف "السيسي" المؤسسات العامة والجيش والقضاء والجامعات والمؤسسات الإعلامية والمجتمع المدني، وتم حظر جماعة "الإخوان المسلمون" في سبتمبر/أيلول 2013، وجرى إعلانها منظمة إرهابية في ديسمبر/كانون الأول من العام نفسه، مع سلسلة من الاعتقالات اللاحقة لأعضاء وأنصار "الإخوان".

ويعيش العديد من أعضاء جماعة "الإخوان المسلمون" الآن في المنفى في إسطنبول والدوحة ولندن، لكن الآلاف يقبعون في السجون المصرية، ولا يزال بعضهم محكوما بالإعدام، بينما يحاول الفصيل العمل أثناء القمع.

وتعد جماعة "الإخوان المسلمون" أقدم وأكبر فصيل إسلامي في مصر، تأسس في مصر عام 1928 على يد "حسن البنا"، الذي سعى في البداية إلى توحيد المجتمعات الإسلامية المحرومة ضد الحكم الاستعماري البريطاني.

ومنذ ذلك الحين توسعت الجماعة وألهمت فصائل في دول إقليمية أخرى، مثل الأردن وقطاع غزة الفلسطيني وليبيا واليمن وسوريا، ومع ذلك لا توجد مركزية حقيقية بين تلك الفروع.

وأعلنت الجماعة نبذ العنف والآراء الأكثر راديكالية لمنظرها "سيد قطب"، الذي أعدمه الرئيس المصري الراحل "جمال عبدالناصر" عام 1966، وبدلا من ذلك، سعت للسلطة من خلال الوسائل الديمقراطية السلمية، بالرغم من أن منتقديها يزعمون أنها لا تزال لديها دوافع راديكالية خفية.

وحافظت الجماعة على هيكل سلطتها الهرمي إلى حد كبير، ولا يزال قادتها في إسطنبول والدوحة ولندن يتواصلون ويعملون مع أعضاء مسجونين، سعيا منهم لإحياء الجماعة كقوة معارضة مصرية قابلة للحياة.

من ناحية أخرى، يرى بعض المحللين أن الجماعة منقسمة حول المسائل السياسية والدستورية، وهناك أيضا تكهنات بأن بعض الأعضاء المحبطين من مسار "الإخوان المسلمون" وهزائمهم، قد ينشقون وينضمون إلى فصائل أكثر راديكالية.

وبالرغم من الانقسامات المحتملة، لا يزال معظم الأعضاء داخل التنظيم ملتزمين بمبادئ "الإخوان"، ويتطلع الكثيرون إلى التكيف وإنشاء تحالفات مستقبلية واغتنام الفرص للحشد من جديد.

ومن المؤكد أن وفاة "مرسي" في السجن، في يونيو/حزيران 2019، قد أضر بعامل التوحيد المشترك ومعنويات الجماعة، وعلى أي حال، بالرغم من أنها تتطلع إلى العودة، لكن أنشطة جماعة "الإخوان" لا تزال مقيدة في مصر.

حملة "السيسي" الدعائية

وبالرغم من أن "الإخوان" يشكلون حاليا تهديدا محدودا، لكن "السيسي" لا يزال يراهم خطرا وجوديا على مصر، ولا يزال "الإخوان" البعبع السياسي الأساسي بالنسبة له.

وروج "السيسي" رواية المعركة بين السلطوية "المستقرة" والتطرف الإسلامي، الأمر الذي يخلق أيضا ذريعة لقمعه العام ضد أي معارضة سياسية.

وقال "السيسي" سابقا: "طالما بقيت لدينا حركات إسلامية سياسية تتطلع إلى السلطة، ستظل منطقتنا في حالة عدم استقرار".

وجذبت رواية "السيسي" "لمكافحة الإرهاب" الدعم الغربي، وقال مسؤول أوروبي كبير ذات مرة: "نحن نعلم أن السيسي مضر بحقوق الإنسان، لكنه جيد في قتل الإرهابيين".

ومع إطلاق فرنسا حملتها الخاصة ضد الإسلام السياسي، وما يسميه الرئيس "إيمانويل ماكرون" "الانفصالية الإسلامية"، وعبث "ترامب" سابقا بتصنيف جماعة "الإخوان المسلمون" على أنهم فصيل إرهابي، تعزز هذه الروايات "السيسي" كواجهة "مناهضة للتطرف".

ودعمت السعودية والإمارات "السيسي" إلى حد كبير بسبب عدائهما لـ"الإخوان المسلمون"، وهو ما يعزز حكمه.

وفي النهاية، استخدمت حكومة "السيسي" الدعاية المعادية لـ"الإخوان" لاستهداف كافة أشكال المجتمع المدني وكسب الدعم المحلي.

وفي أغسطس/آب 2018، بعد احتجاجات على زيادة أسعار تذاكر المترو بنسبة 300% في القاهرة، ادعى رئيس مترو القاهرة أن جماعة "الإخوان المسلمون" كانت مسؤولة عن تشجيع المظاهرات.

وفي سبتمبر/أيلول 2019، خرج المصريون مرة أخرى إلى الشوارع في احتجاجات مناهضة للنظام، ما يشير إلى أن الثوار لم يفقدوا الأمل بعد.

واتهم المعلقون المؤيدون للحكومة جماعة "الإخوان" بتأجيج هذه الاضطرابات، مع تجاهل الظروف الاجتماعية والاقتصادية التي أدت إلى اندلاعها.

وساعدت هذه الدعاية في السابق في تبرير مذبحة رابعة، ورددت وسائل الإعلام الحكومية مثل هذه الروايات لتبييض فظائع النظام في رابعة وقمع "الإخوان" بشكل عام.

التحديات المستقبلية لحكم "السيسي"

وبالنظر إلى أن الجيش المصري المناهض لـ"لإخوان" يهيمن على البلاد، وأن سوء الإدارة الاقتصادية المتصور لـ"الإخوان" جعل بعض المصريين يشككون في قدرتهم على الحكم أثناء وجودهم في السلطة، فقد يكافح الفصيل ليصبح قوة معارضة قابلة للحياة على المدى القصير.

أما بالنسبة للإصلاحات العامة، فمن المرجح أن "السيسي" سيواجه في النهاية تحديات داخل المؤسسة السياسية في مصر وليس من المجتمع.

وقد يكون هذا من شخصية تعتبره غير كفء وتحاول معالجة مشاكل مصر من الداخل وتدفع "السيسي" جانبا.

وبعد كل شيء، تعاني مصر من اقتصاد متدهور، وقد تظهر معارضة أكبر بسبب إخفاقات الحكومة في ظل الظروف الاجتماعية والاقتصادية السيئة.

لكن في الوقت الحالي، عزز "السيسي" سلطته، ويسعى لأن يصبح رئيسا مدى الحياة، كما أنه يتمتع حاليا بالدعم الغربي، وكذلك من السعودية والإمارات.

وسوف تكون أي إصلاحات هادفة قصيرة المدى ومحدودة في إطار هذا النظام التقييدي، ويعني هذا أيضا أن ضحايا مذبحة "رابعة" سيكافحون على الأرجح من أجل الحصول على العدالة الكاملة.

المصدر | جوناثان هارفي | إنسايد أرابيا - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

مذبحة رابعة الانقلاب العسكري الإخوان المسلمون

مذبحة رابعة.. 7 سنوات من العدالة الغائبة و3 مسارات لإحيائها

مستبعدا التصالح مع الإخوان.. السيسي: ما حققته يساوي عمل 20 سنة

عشية الذكرى الـ8.. العفو الدولية تطالب بتقديم مرتكبي مذبحة رابعة للمحاكمة