ناشيونال إنتريست: تطبيع الإمارات يعني خروج أمريكا من المنطقة

الاثنين 17 أغسطس 2020 03:11 م

تأتي أكبر المفاجآت في الشرق الأوسط غالبًا في شهر أغسطس/آب، ومن المؤكد أن إعلان الإمارات تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) يندرج ضمن هذه الفئة.

ربما كان السبب الظاهري لقرار أبوظبي هو عقد صفقة تمنح بموجبها (إسرائيل) الاعتراف بدلاً من الضم، بحيث تمتنع (إسرائيل) عن ضم أي أراضي في الضفة الغربية مقابل تطبيع العلاقات مع الإمارات.

لكن الاتفاقية لم تعزز أيًا من الطرفين بشكل كبير، كما كان يمكن أن تفعل في الأوقات السابقة، حيث يواجه رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" تحديات داخلية خطيرة، لا سيما فيما يتعلق بتعامل حكومته مع وباء "كورونا"، كما أن لديه التزامات تجاه شركائه في التحالف الذين يعتقدون أن الضم سيكون خطأ.

كان من الصعب على "نتنياهو" المضي قدمًا في عملية الضم على أية حال، وبالتالي فإن الموافقة على عدم القيام بما قد لا يستطيع القيام به مقابل اعتراف دولة عربية أخرى مكسب له.

أما الإمارات فقد دأبت على بناء علاقات أفضل مع (إسرائيل) منذ سنوات، وتم إبقاء ذلك في السر، لكنه كان معروفًا في الحقيقة، وعلاوة على ذلك، كان من الواضح جدًا أن الإماراتيين لم يستاؤوا من معرفة الناس بما يخططون له، طالما احتفظوا ببعض الإنكار القابل للتصديق.

إحباط حلفاء أمريكا

كانت الولايات المتحدة تحث حلفاءها العرب على تطبيع العلاقات مع (إسرائيل) منذ تأسيسها، لذا فإن هذا يعد إيجابيًا بالنسبة للسياسة الخارجية الأمريكية.

لكن يكمن السبب الأعمق لهذه الخطوة في هذا التوقيت هو رغبة واشنطن في فك ارتباطها بالشرق الأوسط، حيث بدأ هذا في عهد الرئيس "أوباما"، وكان حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط يبغضون هذا الاتجاه، وكانوا يأملون أن يكون هذا مجرد شذوذ، وهكذا تطلعوا إلى رحيل "أوباما" من البيت الأبيض على أمل عودة الرئيس المقبل إلى نهج أمريكا التقليدي في المنطقة.

لكنهم أصيبوا بخيبة أمل عميقة من إدارة "ترامب"، التي عمقت هذا السلوك في كثير من الأحيان بطريقة غير منتظمة وغير متوقعة وحتى خطيرة.

أصيب حلفاء أمريكا في الخليج بالرعب عندما رفضت واشنطن الرد على الهجمات العسكرية الإيرانية الجريئة والمتكررة على ناقلات النفط الإماراتية والسعودية في صيف عام 2019، أو حتى على هجوم الطائرات المسيرة الإيرانية على مصنع معالجة النفط السعودي في بقيق.

كان هذا تراجعًا واضحا عن السياسة الأمريكية التي استمرت 40 عامًا، وعن الالتزام بالشراكة الأمريكية الخليجية وأمن الدول الخليجية، حيث تخلى "ترامب" عن كل ذلك دون تفكير.

في غضون ذلك، أشادت حكومة "نتنياهو" بقرار "ترامب" الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، لكنها أصيبت بالإحباط بسبب عدم اهتمامه بصد الاعتداءات الإيرانية في جميع أنحاء المنطقة.

أهمية التهديد الإيراني

تخوض (إسرائيل) حرب استنزاف متنامية مع إيران عبر سوريا والعراق، اللتين تبني طهران فيهما بنية تحتية عسكرية وتعمل على ربطهما في جبهة موحدة بالإضافة إلى لبنان الذي يسيطر عليه "حزب الله".

وهكذا، ناشد الإسرائيليون واشنطن مرارًا وتكرارًا أن تفعل المزيد لمساعدتهم في التعامل مع إيران دون جدوى.

وتعتبر إيران هي التهديد الأكثر أهمية، ولكنها ليست التهديد الوحيد المشترك الذي يجمع (إسرائيل) والإمارات، حيث يتخذ كلاهما حذره أيضًا من العديد من الجماعات الإسلامية السنية؛ من تنظيم "الدولة الإسلامية" إلى "القاعدة" و"الإخوان المسلمون".

وترى الإمارات و(إسرائيل) أن هذه التهديدات تتزايد مع تخلي الولايات المتحدة عن المنطقة دون ترك حكومات عربية قوية ومستقرة وراءها لمنع هذه القوى من الاستفادة من رحيل الولايات المتحدة.

زيادة خطر التصعيد

قد يبدو هذا الخبر سارًا للأمريكيين، فقد انسحبت الولايات المتحدة من المنطقة لمعالجة عدد من المشكلات التي تهدد مصالحها وأجبر فك الارتباط اثنين من حلفائها الإقليميين على التصالح كما أرادت دائمًا.

قد يكون هذا صحيحًا، لكن لنتذكر أن هذا هو الشرق الأوسط، وأن السيناريو الأفضل نادرًا ما يتحقق، وفي هذه الحالة، هناك عدد من الجوانب السلبية المهمة جدًا.

لا تمتلك (إسرائيل) والإمارات نفس القدرات التي تتمتع بها الولايات المتحدة، كما أن إيران لا تردعها قدراتهما ولا تقلق من الدخول في قتال معهما مثلما تفعل مع الولايات المتحدة.

تراجعت إيران إلى حد كبير بعد اغتيال "قاسم سليماني" لأنها لا تريد حربًا أوسع مع الولايات المتحدة، ولم تتراجع عن الهجمات على الإمارات والسعودية العام الماضي لأنها لم تشعر بالتهديد من القدرات العسكرية الإماراتية.

غالبًا ما يبالغ حلفاء الولايات المتحدة الإقليميون في رد فعلهم تجاه التهديدات، فيما يعود جزئيًا لأنهم يفتقرون إلى قدرات الولايات المتحدة، أو لأنهم أصغر حجمًا وأقرب إلى إيران، أو لأن قدراتهم الاستخباراتية أكثر محدودية.

انتهجت كل من (إسرائيل) والإمارات باستمرار شكلاً عدوانيًا للغاية من الردع ضد إيران ونهجًا أكثر عدوانية لمحاربة الجماعات الإسلامية (سواء كانت حماس أو الإخوان). كما كانت أبوظبي وتل أبيب على استعداد تام لشن حملات سرية وهجمات إلكترونية ضد خصومهما. يؤدي كل ذلك إلى ردود أفعال أكثر عنفًا، مما يعزز خطر عدم الاستقرار.

وهكذا، تهدف الاتفاقية في الواقع إلى تعميق الروابط بين (إسرائيل) والإمارات من أجل زيادة التعاون معًا لمحاربة إيران، ثم مختلف الجماعات الإسلامية.

تشير دلالات التاريخ الحديث إلى أنه يجب أن نتوقع من هذا التحالف الناشئ تصعيدا أكبر مع إيران والخصوم الآخرين، مما يزيد من خطر التصعيد، واحتمال أن تنجرف الولايات المتحدة مرة أخرى في حرب أوسع.

المصدر | كينيث إم. بولاك - ناشيونال إنترست - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع الإماراتي الإسرائيلي العلاقات الإسرائيلية الإماراتية بنيامين نتنياهو

ج.فيوتشرز: التطبيع الإماراتي ليس تاريخيا.. وأبوظبي أصبحت شريكا أقل شأنا لإسرائيل

بومبيو وبن زايد يطلقان الحوار الاستراتيجي الأمريكي الإماراتي