مقامرة أبوظبي.. لماذا سيفشل التطبيع الإماراتي في إعادة الحياة للمفاوضات الفلسطينية؟

الأربعاء 2 سبتمبر 2020 07:04 ص

ليس هناك ما يشير إلى أن إقامة علاقات مع (إسرائيل) ستكون مفيدة في دفع تب أبيب نحو السلام مع فلسطين بشروط مقبولة للطرفين من الصيغة الفاشلة المتمثلة في عرض الاعتراف العربي مقابل السلام.

ترغب الإمارات في اعتقاد أنها قدمت خدمة للفلسطينيين من خلال إقامة علاقات دبلوماسية مع (إسرائيل).

لكن الاتفاق يحرم الاتفاق الفلسطينيين من ورقة رابحة مفترضة: الاعتراف العربي مقابل الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلت خلال حرب عام 1967 في الشرق الأوسط.

ومع ذلك، لم تساعد جزرة الاعتراف تاريخيا في حل مشكلة الفلسطينيين بعد 72 عامًا من نزوحهم لأول مرة بسبب الاحتلال الإسرائيلي، وبالرغم من إبرامهما معاهدات السلام مع (إسرائيل)، كان لدى مصر والأردن مصلحة في بقاء الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

الرهان الإماراتي

من هذه الزاوية، ربما التطبيع الإماراتي ربما يكون قد ساعد في إلغاء الضم الإسرائيلي الفوري لأجزاء من الضفة الغربية من على الطاولة من خلال منح رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" الفرصة للتخلي مؤقتًا عن تعهده بدمج الأراضي الفلسطينية دون التعرض لانتقادات كبيرة، خاصة أن الخطة لم يتم إلغاؤها بشكل كامل.

لكن الواقع يخبرنا أنه على الرغم من التصريحات القوية، فإن "نتنياهو" أو من سيخلفه في النهاية لن يحصل على الأرجح على ضوء أخضر أمريكي في المستقبل المنظور لاستئناف الضم بغض النظر عمن سيفوز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية.

بعبارة أخرى، لن يرغب "ترامب" ولا منافسه الديمقراطي، "جو بايدن"، في تعريض العلاقات المتطورة بين (إسرائيل) والدول العربية للخطر والتي لا شك أن الضم سيعطلها.

لكن التطبيع الإماراتي لن يكون كافيا لتأسيس محادثات سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، خاصة بعدما تبنت الإمارات بشكل رسمي خطة "ترامب" للسلام التي تؤيد صراحة مبدأ الضم، وهو مبدأ غير قابل للتفاوض بشأنه بالنسبة للفلسطينيين.

بخلاف ذلك، أدت 4 عقود من جهود الوساطة التي تقودها الولايات المتحدة في المقام الأول إلى حالة من الجمود تبدو مستعصية على الحل، بسبب انحياز الإدارات الأمريكية المتعاقبة لـ(إسرائيل)، وترددها في الضغط عليها للوصول إلى حل قابل للتطبيق.

من جانبها، تباينت الحكومات الإسرائيلية من حيث صدقها في تبني حل الدولتين، حيث أوضح "نتنياهو"، رئيس حكومة (إسرائيل) الأطول خدمة، أنه لا يريد قيام دولة فلسطينية مستقلة حقًا.

وبالمثل، أثبت الفلسطينيون أنهم أسوأ أعداء لأنفسهم حيث أعطت السلطة الفلسطينية الفاسدة الأولوية لمصالحها الخاصة.

علاوة على ذلك، انقسم الفلسطينيون بين حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني "محمود عباس" والتي تراهن على حدوث معجزة في مفاوضات السلام، وحركة "حماس"، التي ترى أن السلطة الفلسطينية تخلت عن أوراقها الرابحة في مسيرة السلام، ولم تعد قادرة على إقناع (إسرائيل) بتقديم الحد الأدنى من التنازلات المطلوبة.

مقامرة أبوظبي

في ضوء ذلك، يبدو رهان الإمارات على وقف الضم في الوقت الحالي وإبقاء باب المفاوضات مفتوحا مقامرة، خاصة في ظل استمرار الاحتجاجات في الضفة الغربية على السياسة الإسرائيلية، والعنف الذي تقابل به (إسرائيل) هذا النوع من الاحتجاج في الضفة، وتصعيدها العسكري في غزة.

يكاد يكون الاحتجاج الفلسطيني أمرًا مفروغًا منه في عالم أنهى للتو عقدًا من التحدي والمعارضة، مع الثورات العربية الشعبية 2011 واحتمال حدوث اضطرابات اجتماعية عالمية نتيجة لوباء فيروس كورونا مع أسوأ انكماش اقتصادي عالمي منذ الحرب العالمية الثانية، أضف إلى ذلك الوعي العالمي بالظلم الاجتماعي الراسخ وعدم المساواة العرقية.

ومع تلاشي الأمل في حل الدولتين، فإن البدائل هي حل الدولة الواحدة أو استمرار الاحتلال، وكلاهما محرك محتمل للاضطرابات الاجتماعية.

وقد قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية غزة بينما كان الدبلوماسيون الإسرائيليون والإماراتيون ينهون شروط إقامة العلاقات الدبلوماسية.

وجاءت الهجمات الإسرائيلية ردا على إطلاق صواريخ وقنابل بالونات من غزة باتجاه (إسرائيل).

ومن المحتمل أن  تضع ردود الفعل الإسرائيلية العنيفة على الاحتجاجات الفلسطينية وهجمات غزة الإمارات في موقف غير مريح.

وفي ظل القمع الشديد لحرية التعبير في الإمارات والكثير من دول الخليج، وفي ظل غياب استطلاعات الرأي العام ذات المصداقية، من الصعب تقييم التعاطف العام مع الفلسطينيين.

وقد أظهر استطلاع نادر في السعودية أجرته شركة استطلاعات رأي غير سعودية ذات مصداقية أن القضية الفلسطينية احتلت المرتبة الثانية بعد إيران بين عامة الناس في المملكة. ومن المنطقي أن نفترض أن الإمارات لن تكون مختلفة كثيرًا.

بينما رحب المغردون المقيمون في الإمارات بتواصل الإمارات مع (إسرائيل)، جاءت الأصوات الناقدة من الخارج.

وغرد ناشط إماراتي في المنفى، قائلا: "مزبلة التاريخ مصير جميع الخونة، مهما كانت أسماؤهم وأسماء عائلاتهم".

وفيما تأمل الإمارات في أن العلاقات الدبلوماسية ستمكّنها من دفع (إسرائيل) نحو مفاوضات سلام ذات مصداقية مع الفلسطينيين، وتعزيز أسهم ولي عهد أبوظبي "محمد بن زايد"، فإنها رهانها لا يختلف كثيرا عن الاستراتيجية التي اعتمدتها الولايات المتحدة خلال معظم العقود الأربعة الماضية دون نجاح يذكر.

وليس من الواضح لماذا ستنجح الإمارات في الوقت الذي فشل فيه من هم أفضل منها وأكثر كفاءة.

المصدر | جيمس دورسي/ انسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

التطبيع الإماراتي الإسرائيلي اتفاق التطبيع الإماراتي

باحث يهودي: التطبيع الإماراتي قصم ظهر حركة مقاطعة إسرائيل