أقر 233 قانونا.. ماذا فعل البرلمان المصري في زمن كورونا؟

الأحد 6 سبتمبر 2020 08:09 م

أقر البرلمان المصري 233 قانونا منذ مطلع العام الحالي 2020، وهو معدل غير مسبوق مقارنة بعدد الجلسات، في الوقت الذي كان فيه معظم المصريين مشغولين بأخبار انتشار فيروس "كورونا" المستجد.

بعض هذه القوانين لم يعرف عنها الشارع المصري شيئا إلا حين اصطدم بآثارها على الأرض، حيث لم يسلط الإعلام الضوء عليها بشكل كاف.

ويرى مراقبون أن النظام في مصر دأب على هذه الحيلة منذ عقود، وهي أن يقوم بتمرير القوانين أو اتخاذ القرارات في أوقات الانشغال الشعبي بأمور أخرى.

وبدأ تمرير القوانين خلال الانشغال بمتابعة فيروس "كورونا"، أو مزاعم الحرب في ليبيا أو إثيوبيا، منذ مطلع العام الحالي، لكن وتيرته تسارعت خلال الشهور الأخيرة بشكل غير مسبوق.

الكيانات الإرهابية

بدأ مسلسل تمرير القوانين في فبراير/شباط 2020 عندما مرر البرلمان المصري تعديلات قانون الكيانات الإرهابية، ليوسع تعريف الكيانات الإرهابية بشكل مريب، كما سمح للنظام بمصادرة الأموال والأصول بجميع أشكالها داخل وخارج مصر للمتهمين بالإرهاب.

ولم تظهر خطورة القانون إلا عندما اتهمت حكومة الوفاق الوطني الليبية، المعترف بها دوليا، النظام المصري بأنه يسعى للاستيلاء على النفط الليبي، بموجب القانون الأخير.

وقالت الحكومة الليبية إن النظام المصري يتهمها بالإرهاب كذبا ليبرر الاستيلاء على الأصول الليبية وفقا للقانون الأخير.

وسع النظام المصري كذلك من الضغط على رجال الأعمال المعارضين، أو غير المعارضين، ملوحا بإمكانية الاستيلاء على أموالهم، وأصولهم أيضا، بموجب القانون الأخير.

فوجئ المصريون بحبس رجل الأعمال المصري "صلاح دياب" بقرار من النيابة العسكرية، رغم أن جميع الاتهامات الموجهة إليه لا تتعلق بأي جانب عسكري، ما اعتبره مراقبون تمهيدا محتملا للاستيلاء على أمواله.

صندوق مصر السيادي

في يوليو/تموز 2020، وافق مجلس النواب المصري على مشروع قانون مقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون إنشاء صندوق مصر السيادي.

قال البرلمان إن التعديلات التي جاءت بمشروع القانون تسهم فى رفع كفاءة وفاعلية أداء الصندوق، ما يدعم منظومة الاقتصاد القومي.

لم يسلط الإعلام الضوء بشكل كاف على ذلك القانون الذي يسمح للصندوق، المنشأ حديثا، الحق في الاستفادة بأملاك الدولة العامة.

بعد أقل من شهرين على إقرار تعديلات القانون فوجئ المصريون بقرار من الرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، بنقل ملكية 7 أصول مهمة في البلاد إلى صندوق مصر السيادي، بينها أصول لها رمزية كبيرة لدى المصريين.

لم يفهم كثيرون كيف حدث ذلك بشكل قانوني، خاصة وسط معلومات متواترة عن إمكانية بيع هذه الأصول.

وقال مراقبون إن بعض الأصول المملوكة للدولة التي سيتم نقلها للصندوق تقدر قيمتها المبدئية ما بين 50 إلى 60 مليار جنيه (3.16 مليار دولار إلى 3.79 دولار).

كما أن تمرير القانون في الظروف العادية، ومع السمعة السيئة لسياسة الخصخصة التي تتبعها الحكومات المصرية وبيع أصول الدولة وإهدار المال العام، فإن ذلك القانون كان سيلقى معارضة واسعة.

لكنه على عكس ذلك، تم تمريره في هدوء، دون أن يلاحظ أحد شيئا، إلى أن فوجئ المصريون بالقرارات الأخيرة.

قانون نزع الملكية

وافق مجلس النواب المصري كذلك في أغسطس/آب الماضي على تعديل بعض أحكام قانون نزع ملكية العقارات للمنفعة العامة، ويسهم القانون في تسريع الانتهاء من مشروعات الطرق والجسور الجاري تنفيذها.

تضمن القانون إجراءات سريعة لنزع ملكية العقارات الخاصة، لكن المصريين لم يكونوا يتصورون تطبيقه بهذه السرعة والضراوة.

انتشرت على مقاطع التواصل الاجتماعي صورا وفيديوهات لمشاهد المنازل المهدومة بعد أن بدأت السلطات المصرية تزيل المباني الموجودة في عدد من المناطق التي تعتزم إنشاء مشروعات بها.

وبموجب القانون، لم تعد الحكومة المصرية تفكر في إيجاد حلول هندسية، أو تفادي المناطق السكنية، لقد أصبح الأسهل، بموجب ذلك القانون، نزع الملكية وهدم المنازل.

قانون دار الإفتاء

خلال أغسطس/آب الماضي، سعى البرلمان المصري إلى تمرير قانون جديد يتعلق بدار الإفتاء المصرية، وذلك سعيا لتفتيت مؤسسات الأزهر والحد من نفوذه وسلطاته.

تمت مناقشة مواد القانون بسرعة كبيرة، ولم يلق الإعلام الضوء الكافي على بنود القانون، كما لم يستغرق القانون أي وقت، ولم يجر حوله أي نقاش مجتمعي.

في اللحظة الأخيرة، وفي الجلسة المخصصة للتصويت النهائي على القانون، اضطر البرلمان إلى تأجيله إلى جلسة انعقاد البرلمان المقبلة.

واضطر البرلمان المصري لذلك بعدما أفشل شيخ الأزهر تلك المساعي، وصعد من انتقاده لذلك القانون، وطلب حضور الجلسة العامة للبرلمان للحديث عن ذلك.

ووفقا لمراقبين، فإن النظام المصري شعر أن شيخ الأزهر أصبح يهدد مسلسل تمرير القوانين الخفي، ولذلك اختار التضحية بذلك القانون وتأجيله حتى لا يثير جدلا واسعا حوله.

قوانين الانتخابات

تعتبر قوانين الانتخابات التي أقرها البرلمان المصري من بين أهم القوانين التي جرى تمريرها في صمت، حيث عززت تلك القوانين من قبضة النظام المصري على البرلمان المصري، وجعلت من المستحيل على المستقلين الوصول إلى البرلمان، وفي ظل ضعف وهشاشة الأحزاب المصرية، فإن ذلك يعني سيطرة رجال النظام المطلقة على البرلمان.

وتعد انتخابات مجلس الشيوخ الأخيرة أوضح مثال على ذلك، إذ اكتسح الموالون للنظام المصري جميع المقاعد تقريبا.

اعتمد البرلمان المصري نظام القوائم المغلقة، وهو ما عزز من السيطرة المطلقة على البرلمان المصري.

جاءت الموافقة على ذلك القانون على الرغم من الرفض الشعبي لذلك النظام الانتخابي، لكن المشكلة أنه تم تمرير القانون في ظل عدم وجود أي اهتمام بما يجري في البرلمان بسبب "كورونا".

عدد هائل من القوانين

أقر البرلمان المصري عددا هائلا من القوانين في زمن "كورونا" بداية من فبراير/شباط الماضي، جميعها يمنح النظام سلطات واسعة.

وتقدر عدد القوانين التي جرى تمريرها خلال تلك الفترة بـ233 قانونا أو تعديل قانون.

وطيلة عقود ماضية لم يشهد البرلمان هذه السرعة في إقرار القوانين، حيث ضرب البرلمان رقما قياسيا في سرعة إقرار القوانين دون مناقشة أو حوار.

كما أقر البرلمان المصري في جلسة واحدة خلال شهر يوليو/تموز الماضي 14 قانونا، تمس حياة آلاف الأسر المصرية، بينها على سبيل المثال قانون قطاع الأعمال العام الذي يعتبر كارثة بالنسبة للشركات التي يعمل بها آلاف العمال.

ويؤكد مراقبون أنه "بينما كان العالم منشغلا بمواجهة كورونا وحماية الشعوب، كان النظام المصري مهتما بتعزيز قبضته وسلطته، لقد كان كورونا حليفا مهما للنظام المصري".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

البرلمان المصري قانون الانتخابات مجلس النواب المصري إقرار القوانين

مصر.. الأزهر يرفض مشروع قانون بالبرلمان ويؤكد مساسه باستقلاليته

محامي مصري يفضح طرق اختيار ترشيحات البرلمان.. ماذا قال؟