الطيران القطري والإماراتي.. معركة ما بعد كورونا فوق سماء الخليج

الخميس 10 سبتمبر 2020 03:03 م

يُنظر إلى كل من الخطوط الجوية القطرية، وشركة طيران الإمارات ومقرها دبي، وشركة الاتحاد في أبوظبي على أنها أصول استراتيجية لحكوماتها؛ مما يجعلها أقل عرضة للانهيار بالرغم من حالة الركود التي يعاني منها السوق. وبينما سجلت "الاتحاد" خسائر كبيرة خلال السنوات العديدة الماضية، كانت الخطوط القطرية وطيران الإمارات أكثر نجاحًا، حتى ظهور وباء "كورونا" الذي كان له تداعيات سلبية على السفر الجوي.

هناك بعض الاختلافات المهمة بين الخطوط القطرية وطيران الإمارات، التي قد يكون لها تأثير حاسم على عملياتهما المستقبلية.

بالرغم من ظروف السوق غير المواتية للغاية، قررت الخطوط الجوية القطرية زيادة حصتها في السوق من خلال إضافة رحلات جوية وتقديم تغييرات مجانية في الوجهات وإقامة شراكات تجارية جديدة. ووفقا لبعض المحللين، فإن الأسطول القطري مجهز بشكل مثالي للاستجابة لظروف السوق الحالية في ظل الوباء.

وبحلول نهاية يوليو/تموز، توسعت "القطرية" إلى أكثر من 450 رحلة أسبوعية وإلى أكثر من 70 وجهة، ومن غير المؤكد ما إذا كان منافسوها سيكونون قادرين على اتباع الاستراتيجية القطرية الصارمة.

على عكس منافستها من دبي، التي تدين بالكثير من مجدها وحصتها في السوق لأسطول كبير من طائرات "إيرباص A380" و"بوينج 777"،  ركزت "القطرية" على أسطول يتكون في الغالب من طائرات متوسطة الحجم مثل "إيرباص A350" و"بوينج 787 دريملاينر" القابلة للاستمرار مع عدد أقل من الركاب.

وقد تكون هذه ميزة حاسمة؛ حيث سيكون من الأسهل بكثير ملء طائرات متوسطة أو صغيرة من تلك الكبيرة التي تمتلكها طيران الإمارات. في الواقع، توصل بعض المحللين بالفعل إلى استنتاج مفاده أن "القطرية" على وشك أن تصبح شركة طيران محلية رائدة. لكن هل هذا صحيح؟

ووفقا لـ"جون ستريكلاند"، مدير شركة "جي ال اس للاستشارات"، تمكنت "القطرية" من الاستفادة من مزيج أسطولها الأكثر تنوعًا، مع عدد كبير من الطائرات النفاثة المزدوجة الأصغر والفعالة من الجيل الجديد. ومن المفارقات أن خطوط الإمارات تخطط لزيادة عدد أسطولها من الطائرات المماثلة لطائرات"القطرية"، لكن لا يزال أمامها بضع سنوات.

وأكد "توماس جايجر"، المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة "تشافياشين انتلجنس"، أن شركة طيران الإمارات لديها الآن 50 طائرة "A350-900" قيد الطلب من "إيرباص". لكن على المدى القصير، اضطرت الشركة إلى تفعيل عدد من طائرات "Boeing 777" أكبر بكثير من طائرات "A380". وحسب "جايجر"، فإن المشكلة هي أن أصغر طائرة في أسطول طيران الإمارات هي "777-200 (LR)".

يمتلك الإماراتيون حاليًا 10 طائرات اقتصادية فقط مقارنة بالخطوط الجوية القطرية التي تمتلك أسطولًا مثيرًا للإعجاب من 111 طائرة ذات جسم عريض من 350 مقعدًا، مثل طائرات "إيرباص A350" وبوينج 787".

ويرجح "ستريكلاند" أن ينخفض الطلب على درجة رجال الأعمال بسبب المخاوف الصحية والضغوط الاقتصادية على الشركات وزيادة استخدام مؤتمرات الفيديو؛ ما يجعل "القطرية" أكثر تأقلما لأخذ حصة أكبر من السوق المنخفض.

علاوة على ذلك، يقال إن "القطرية" تخطط لخدمة وجهات جديدة وستطير إلى بعضها بطائرات صغيرة، والتي لا تمتلك طيران الإمارات مثلها على الإطلاق. وسيسمح ذلك لـ"القطرية" باختبار السوق والعمل دون المخاطرة الاقتصادية الكبيرة. وفي حالة تأكد الجدوى والربح، يمكن لاحقًا الطيران إلى هناك بطائرات أكبر.

ومع ذلك، يبدو أن الإماراتيين قد وجدوا حلاً مؤقتًا من أجل الاستجابة لهذه التحديات؛ حيث لاحظ الخبراء أن شركة طيران الإمارات تعمل على زيادة التعاون مع "فلاي دبي"، التي تستخدم طائرات "بوينج 800-737" ذات الحجم الأصغر بكثير. وأوضح "جايجر" أن شركتي النقل في دبي تنسقان تخطيط شبكتهما، وقال "جايجر" لموقع "انسايد أرابيا": "إنهم الآن ينقلون المسارات ذهابًا وإيابًا بين الشركتين، وفي بعض الأحيان يكون لديهم حالات تبدأ فيها إحدى الناقلات مسارًا ثم تتولى الأخرى المسؤولية".

ويرى "ساج أحمد"، محلل الطيران والمعلق الإعلامي في شركة "ستراتيجيك أيرو ريسيرش"، أنه في حين أن طيران الإمارات ليس لديها أسطول طائرات صغيرة الحجم، فإنها يمكن أن تتفادى الوضع السيئ عندما يتم ضم "فلاي دبي" إلى هذا المزيج. 

ومع ذلك، في حين أن أحد الخيارات المتاحة هو إعادة تعيين مسارات معينة مؤقتًا لـ"فلاي دبي"؛ مما يمنحها نفس النفوذ الذي تتمتع به الخطوط الجوية القطرية، يلاحظ "جايجر" أن الشركتين لا تزالان كيانين منفصلين مما يجعل التغييرات ليست سهلة كما هو الحال بالنسبة للخطوط الجوية القطرية التي يمكنها التبديل بين الأحجام المختلفة حسب الطلب.

وفي حين يبدو أن "القطرية" لديها أسطول مناسب بشكل أفضل لظروف السوق الحالية، يرى "جايجر" أن الاختلافات الجوهرية بين طيران الإمارات و"القطرية" تظل في صالح طيران الإمارات؛ نظرا لأن دبي تعتبر وجهة مهمة غير موجودة في أي مكان قريب في المنطقة.

وأشار "أحمد" أيضًا إلى أن مطار الدوحة و"حمد" الدولي لا يحتلان المرتبة الأولى في قائمة أكثر 50 مطارًا ازدحامًا في العالم من حيث حركة المسافرين. ويعكس ذلك قدرة دبي على توليد متوسط ​​أسعار أعلى نتيجة ارتفاع الطلب نسبيا مقارنة بالخطوط الجوية القطرية.

ويرى "أحمد" أيضًا أن حصص "القطرية" في شركات الطيران الأخرى تعتبر مصدر تهديد؛ فعلى سبيل المثال تعاني شركة الخطوط الجوية البريطانية من خسائر فادحة، كما أن الاستثمار القطري في طيران رواندا لم يكن مربحًا. وعلى العكس من ذلك، تجنب طيران الإمارات مثل هذه الاستثمارات فيما أبرم اتفاقًا أفضل وأقوى من الناحية المالية مع شركة الطيران الشقيقة، "فلاي دبي".

ومع ذلك، ففي حين أن الميزانية غير المحدودة تقريبًا تجعل "القطرية" واحدة من أكثر شركات الطيران مرونة للنجاة من الأزمة، إلا أن طيران الإمارات لا تتمتع بمثل هذه الرفاهية؛ حيث لا تستطيع إمارة دبي دعم شركة الطيران الخاصة بها بسبب التداعيات الهائلة لانهيار الإيرادات القادمة من السياحة.

ويرى "ستريكلاند" أن "القطرية" أثبتت بالفعل أنها مرنة وذكية للغاية بالرغم من التحديات الكبيرة في السنوات الأخيرة، وقد أظهرت بنفس القدر إبداعا وديناميكية في الاستجابة للصعوبات الحالية. ويعتقد "ستريكلاند" أن هذا إلى حد كبير "يعكس الطابع الشخصي للرئيس التنفيذي أكبر الباكر فهو يرى نفسه رجل أعمال قبل أي اعتبار آخر، وبدلاً من انتظار حدوث الأشياء، يفضل تحقيقها".

ويقول "جاجير" أن استراتيجية "القطرية" المتمثلة في التحليق خلال فترة الوباء ستساعدها على ترسيخ مكانتها في السوق، بالرغم أنه لا يعتقد أن ذلك سيحدث فرقًا كبيرًا على المدى الطويل. لذلك، قال "أحمد": "بينما ستجذب الدوحة حركة المرور وتكسب الأعمال، لن تكون هي الفائز الذي يأخذ كل شيء".

وفي المقابل يرى بعض المحللين أنه مهما كانت الميزة التنافسية التي تتمتع بها شركة طيران على أخرى فهي لم تعد موجودة الآن حيث تعاني جميع شركات الطيران من انهيار الطلب وسيستغرق الأمر بعض الوقت قبل ظهور أي مظهر من مظاهر الحياة الطبيعية.

المصدر | ساتسا سالاجانين/ انسايد أرابيا – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الإماراتية القطرية شركة طيران الإمارات الخطوط الجوية القطرية

طيران الإمارات تعرض على طيارين إجازة 4 أشهر دون أجر

930 حالة.. الإمارات تسجل أكبر معدل إصابات بكورونا منذ 4 أشهر

دون أسباب.. استقالة الرئيس التنفيذي لطيران الخليج البحرينية

صناعة الطيران والسياحة في الخليج.. تحولات استراتيجية ضرورية في ظل الوباء