جماعات الضغط في واشنطن تواصل الاستفادة من الأزمة الخليجية

الاثنين 21 سبتمبر 2020 10:19 م

خلال الحوار الاستراتيجي الأخير بين الولايات المتحدة وقطر، أكد وزير الخارجية الأمريكي، "مايك بومبيو"، أن "الوقت قد حان للخصوم في الخليج العربي لدفن الأحقاد وتجديد العلاقات الدبلوماسية".

لكن مئات الملايين من الدولارات تقول إنه ربما يتعين على "بومبيو" الانتظار لفترة أطول قليلا.

ويتعلق هذا المبلغ بالأموال التي أنفقتها حكومتا الإمارات وقطر على جماعات الضغط في واشنطن منذ قطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين قبل 3 أعوام.

وتركز جزء كبير من هذا الإنفاق على محاربة بعضهما البعض، حيث تسعى أبوظبي إلى تصوير قطر كدولة "مارقة تدعم الإرهاب" بينما دافعت الدوحة عن نفسها كحليف موثوق به لدى الغرب.

وقال "بن فريمان"، مدير مبادرة الشفافية للتأثير الأجنبي في مركز السياسة الدولية لموقع "ميدل إيست آي": "إنها بالتأكيد واحدة من أكبر المعارك التي تابعتها، على الأقل في الذاكرة الحديثة. ولا يمكنني التفكير في خصام أكبر كان أكثر ربحا لجماعات الضغط من هذه المعركة".

وأخذت الإمارات زمام المبادرة في حملة نفوذ شاملة أدت إلى زيادة تمويلها لجماعات الضغط بأكثر من الضعف بين عامي 2016 و2017، من 10.4 مليون دولار إلى 21.4 مليون دولار، وفقا لمركز "ريسبستيف بوليتيكس".

وسرعان ما حذت قطر حذوها، حيث رفعت الميزانية المخصصة لجماعات الضغط أكثر من 3 أضعاف خلال نفس الفترة، من 4 ملايين دولار إلى 12.9 مليون دولار.

ولا يزال الصراع على النفوذ مستمرا وبقوة اليوم، حيث تحتفظ الحكومة القطرية حاليا بخدمات 16 شركة، ارتفاعا من 5 شركات في عام 2016، بينما رفعت الإمارات شركاتها إلى 8، ارتفاعا أيضا من 5 في 2016.

وقال "جوناثان شانزر"، نائب رئيس مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات في واشنطن: "لا يزال الإنفاق مستمرا، على الأقل هنا في الولايات المتحدة".

وأضاف: "ويركز الكثير من هذا الإنفاق على استهداف الخصم. وهذا لا يبشر بالخير".

وقال "فريمان"، الذي كتب تقارير مطولة عن جهود الضغط من قبل دول الحصار الثلاثة، السعودية والإمارات وقطر، إن تصاعد الضغط من قبل السعودية والإمارات بدأ تقريبا بمجرد انتخاب الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب". وقال إن ذلك ترك القطريين "في وضع صعب" عندما جاء الحصار.

وأضاف "فريمان": "أدركت قطر لاحقا أن لديها مشكلة هنا في الولايات المتحدة، وكانوا متأخرين كثيرا عن السعوديين والإماراتيين فيما يتعلق بالتأثير هنا".

وأوضح: "لذا فقد بدأوا بالفعل في اكتساب القوة وإضافة شركات والمزيد من سماسرة النفوذ إلى ترسانة جماعات الضغط الخاصة بهم أيضا".

وسرعان ما أصبح تأثير القطريين المتزايد داخل الإدارة واضحا، فبالرغم أن "ترامب" وقف إلى جانب دول الحصار في البداية، فقد استضاف الرئيس الأمريكي أمير قطر "تميم بن حمد آل ثاني" بعد أقل من عام وروج للعلاقات القطرية الأمريكية.

وقال "فريمان": "ساهم اللوبي القطري في تمهيد الأجواء للوصول إلى هذه النتيجة".

الإمارات ضد قطر

وتظهر السجلات أنه بالرغم من حجمها الصغير مقارنة بالسعودية، سرعان ما أخذت الإمارات زمام المبادرة في معركة الضغط ضد قطر.

ويتعلق جزء من السبب بانشغال الرياض بالدفاع عن نفسها من رد الفعل العنيف من الحزبين على مقتل الصحفي "جمال خاشقجي" وتداعيات الحرب في اليمن.

لكن "حسين إيبيش"، الباحث المقيم البارز في معهد دول الخليج العربية في واشنطن، قال إن سببا أكثر جوهرية يتعلق بمعركة الأفكار المستعرة بين الإمارات وقطر حول الإسلام السياسي في المجتمعات العربية.

وقال "إيبيش" إن قطر تعتبر الجماعات مثل "الإخوان المسلمون" وفرعها في غزة، "حماس"، جماعات معتدلة بديلة عن نظيراتها الأكثر تطرفا، أما الإمارات فترى أن "الإخوان" بوابة للإرهاب.

وأضاف": "بالنسبة لقطر والإمارات، هذا صراع أيديولوجي، أما بالنسبة للسعودية، فالأمر يتعلق بسلوك قطر".

وتابع "إيبيش": "فيما يتعلق بعمليات الضغط الخاصة بهما، فقد استغلت كل من الإمارات وقطر نقاط قوتهما".

وممثلة بالسفير "يوسف العتيبة"، أحد أكثر الأشخاص أصحاب العلاقات في واشنطن، سرعان ما عملت الإمارات على الضغط على الكونجرس والسلطة التنفيذية.

وكان من الممكن للإمارات الاعتماد على حلفاء رئيسيين مثل "إليوت برويدي"، وهو جامع تبرعات جمهوري مقرب من "ترامب" وممول مؤتمر عام 2017 حول علاقات قطر بجماعة "الإخوان المسلمون"، حيث أعلن رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب آنذاك "إد رويس" عن مشروع قانون لتصنيف قطر دولة راعية للإرهاب.

وحاولت قطر تغيير الحديث في واشنطن من خلال الانخراط مع مراكز الفكر ووسائل الإعلام لإعادة صياغة النقاش حول ما هو جيد للمنطقة، من خلال العديد من الفعاليات العامة والمؤتمرات مع المسؤولين.

وتمكنت الدوحة أيضا من الاعتماد على تعاونها الوثيق مع البنتاجون، وقال "إيبيش" إن قطر تستضيف قاعدة "العديد" الجوية، التي تعتبر بنية تحتية رئيسية في المنطقة للقوات الجوية الأمريكية.

وقال "إيبيش" عن قطر والإمارات: "كلاهما أنفقا الكثير من المال، لكنهما يلعبان ألعابا مختلفة نوعا ما".

قناة "الجزيرة"

ومع معارضة البنتاجون بشدة لقطع العلاقات مع القطريين، واعتماد "ترامب" عليهم في اتفاق السلام مع "طالبان"، تحولت الإمارات بشكل متزايد إلى حلفاء أيديولوجيين في الحزب الجمهوري لاستهداف خصم مشترك، ألا وهو قناة "الجزيرة".

وفي الآونة الأخيرة، قامت الرئيسة السابقة للجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب "إليانا روس ليتينين"، وهي الآن ضمن جماعات الضغط للوكيل الإماراتي "أكين غامب شتراوس هاور وفيلد"، بتوزيع تقرير عن مبنى الكابيتول هيل يهدف إلى تأجيج ضغط الكونجرس على وزارة العدل لطلب تصنيف "الجزيرة" في أمريكا كوكيل أجنبي لدولة قطر.

وأظهرت سجلات الضغط أن "الجزيرة" ردت بدورها على الهجمات المتصاعدة بدفع 1.66 مليون دولار لشركة المحاماة "دي إل إيه بايبر" منذ التعاقد معها في يونيو/حزيران الماضي.

ومع توقيع الإمارات والبحرين على اتفاقيات تاريخية لتطبيع العلاقات مع (إسرائيل) في البيت الأبيض الثلاثاء، يعتقد بعض المراقبين أن قطر قد تواجه ضغوطا أكبر فيما يخص دعمها لجماعات مثل "حماس".

وقال "شانزر" من مؤسسة الدفاع عن الديمقراطية: "أود أن أقول إن أساسيات الصراع في الخليج لم تتغير".

وتابع: "لكن ما يمكنني قوله إن المثير للاهتمام هنا هو التحولات التي نراها في المنطقة نتيجة لاتفاق التطبيع وما قد يأتي بعد ذلك، لا سيما إذا أقدمت دول مثل عُمان أو السودان أو المغرب على خطوات مماثلة، ويمكن أن يعيد هذا صياغة الطريقة التي تنظر بها المنطقة إلى نفسها. وأعتقد أن هناك قدرا معينا من الضغط على قطر الآن للتفكير في خطوة مماثلة".

لكن في الوقت الحالي، كان الفائز الوحيد في الخلاف الخليجي الذي دام 3 أعوام هو جماعات الضغط.

وقال "فريمان": "بالنسبة لي، كلما سألني أي شخص، من فاز في الخلاف الخليجي.. أعتقد أن الإجابة بسيطة، جماعات الضغط".

المصدر | جوليان بيكيت | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حصار قطر جماعات الضغط قناة الجزيرة

«بوليتيكو»: الدوحة تشعل حرب «جماعات الضغط» لمواجهة الحصار في واشنطن

صحيفة: اتصالات كويتية بدعم أمريكي لحل الأزمة الخليجية