بعد الاشتباك اللفظي.. هل يتجه نتنياهو ونصرالله إلى الصدام العسكري؟

الاثنين 5 أكتوبر 2020 08:46 م

قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي، "بنيامين نتنياهو" أحدث كلماته بشأن "حزب الله" في خطابه السنوي أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29 سبتمبر/أيلول الماضي، وكان الخطاب عبارة عن فيديو معد مسبقا قبل أيام في إسرائيل.

وعرض "نتنياهو" للشاهدين ما وصفه بأنه مخزن لصواريخ "حزب الله" في قلب "حي الجناح" ببيروت، قائلا إنه يقع بجوار مستودع لشركة غاز ومحطة خدمة.

وجاء عرض "نتنياهو" بشكل دقيق وبدا مقنعا، وتضمن العرض صورا مقدمة بمهارة يُزعم أنها لمدخل موقع الصواريخ بجوار مستودع الغاز، بالإضافة إلى حديث موجه لسكان لبنان يشرح كيف كان "حزب الله" ورعاته الإيرانيين يهددون حياتهم.

واستفاد "نتنياهو" ببراعة من الانفجار المروع في مرفأ بيروت الشهر الماضي، وكان هدفه إثارة اللبنانيين ضد "حزب الله" وتعميق الفجوة بين مؤيدي ومعارضي التنظيم الشيعي، وتحذير سكان الدولة المحاصرة وعاصمتها من أن الأمين العام للحزب "حسن نصرالله" يواصل جرهم إلى الهاوية.

وتراقب الاستخبارات الإسرائيلية عن كثب التدهور في لبنان وإحباط الشعب بشكل متزايد. 

ويبدو أن كل ما تفعله إسرائيل يؤدي إلى نفس الهدف، وهو إيصال اللبنانيين إلى نتيجة مفادها أن "نصرالله" هو المسؤول عن كل مشاكل بلادهم.

ولم يتأخر "نصرالله" في الرد على "نتنياهو" إلا لدقائق فقط، واصفا رئيس الوزراء الإسرائيلي بالكاذب، ونفى صراحة كل مزاعمه، وقال إن "حزب الله" لن يخزن الصواريخ بالقرب من أسطوانات الغاز.

وأضاف: "نحن نعلم أين نخزن الصواريخ"، ثم دعا ممثلي وسائل الإعلام للقيام بجولة في المستودع الذي أشار إليه "نتنياهو".

وتم إجراء جولة في الموقع بعد ساعة، لكنها لم تحسم الخلاف أو توضح الموقف، وهنا يجد "نتنياهو" و"نصرالله" نفسيهما من جديد في مواجهة بعضهما البعض حيث يضع كل منهما إصبعه على زناد مسدسه وعينه تتطلع إلى الأزمات الداخلية القاسية.

وقد حدثت مواجهة مماثلة قبل عامين بالضبط، وكان الاختلاف الوحيد هو أن "نتنياهو" كان ألقى خطابه في سبتمبر/أيلول 2018 أمام الجمعية العامة بشكل مباشر وليس عن بعد.

وكان الخطاب مماثلا، كما كانت المعلومات التي قدمها عن مستودع صواريخ قرب مطار بيروت الدولي، وسارع "نصرالله" بالرد أيضا.

وهذا الأسبوع، كانت المعلومات التي قدمها "نتنياهو" أكثر دقة، بما في ذلك لقطات مقرّبة لباب الدخول إلى الموقع المزعوم.

وكان موقف "حزب الله" في لبنان في تلك الأيام مختلفا نوعا ما، حيث كانت مشاكله أقل وضوحا وكان ميناء بيروت سالما.

وفي هذه الأيام، يقاتل "نصرالله" من أجل شرعية تنظيمه في لبنان، مع الانفجار الذي هز الدولة بالمعنى الحرفي والمجازي، وأطلق عاصفة على مواقع التواصل الاجتماعي لم تهدأ، وكسر عدد كبير من اللبنانيين حاجز الخوف من قوة "حزب الله" الأسطورية.

لكن "نتنياهو" أيضا في مأزق أكثر بكثير مما كان عليه قبل عامين، وبدأت محاكمته بتهمة الفساد، فيما يواصل الاقتصاد الانهيار تحت تأثير جائحة الفيروس التاجي، ويلوم الإسرائيليون "نتنياهو" على الحقيقة المحرجة المتمثلة في أن دولتهم الناشئة تقود العالم من حيث وفيات "كوفيد-19" بالنسبة لعدد السكان.

وبالرغم من الإحساس بتكرار الحدث مع اندلاع الاشتباك اللفظي بين "نتنياهو" و"نصرالله" هذا الأسبوع، لا ينبغي الاستخفاف بالأمر.

وقبل عامين، بعد خطاب "نتنياهو" في الجمعية العامة، تكهن مقال على "المونيتور" بأن إسرائيل قد تفكر في ضربة استباقية للبنية التحتية الصاروخية لـ"حزب الله" في لبنان. وألمح "نتنياهو" إلى مثل هذا الخيار في ذلك الوقت، كما فعل ذلك مرة أخرى هذا الأسبوع.

ولم تقم إسرائيل مطلقا بتوجيه ضربة استباقية ضد أي حشد من الأسلحة التقليدية لأعدائها، ومع ذلك، تجادل إسرائيل بأن "حزب الله" لديه ترسانة كبيرة من الصواريخ، وأنه يحاول تكييف بعضها لضربات دقيقة.

وسيكون اكتساب قدرات هجومية دقيقة ضد البنية التحتية الإسرائيلية والمطارات العسكرية والأهداف الاستراتيجية الأخرى بمثابة تغيير جذري للعبة لا تستطيع إسرائيل تحمله.

علاوة على ذلك، تجنبت إسرائيل توجيه ضربة استباقية حتى الآن، خوفا من الدمار الذي قد يوقعه "حزب الله" في قلب إسرائيل ردا على ذلك.

وهذه الأيام، تعيث الأزمة الصحية والاقتصادية فسادا بقلب البلاد دون تدخل من "نصرالله"، ومع ارتفاع معدل البطالة وإغلاق معظم الاقتصاد، فإن إسرائيل تمر بمرحلة تشبه حالة الحرب على أي حال.

بعبارة أخرى، في هذه اللحظة بالتحديد، ليس لدى إسرائيل ما تخسره من تنفيذ ضربة وقائية، وسيمكنها مثل هذا الهجوم المفاجئ من تدمير جزء كبير من أسلحة "حزب الله" وأنظمة الصواريخ، وهي نتيجة لن تكون إسرائيل قادرة على تحقيقها إذا فقدت عنصر المفاجأة بمجرد اندلاع الحرب.

وبالرغم من هذا التحليل، لا يبدو أن هناك حاجة في هذه المرحلة لتجهيز الملاجئ أو الفرار، حيث ويقع "نتنياهو" تحت حصار شخصي ثقيل، وسيكون جر إسرائيل إلى حرب شاملة بمثابة انتحار سياسي في ظل هذه الظروف.

وستجد إسرائيل أيضا صعوبة في حشد التعاون الدولي أو الدعم لتحرك قد يؤدي إلى إشعال النار في الشرق الأوسط بأكمله.

إضافة إلى ذلك، فمن المستبعد أن تدمر الضربة الاستباقية قدرة "حزب الله" الصاروخية بالكامل، وعلى عكس التدمير السابق لمفاعلين نوويين عربيين (في العراق وسوريا)، فإن الغارة المتزامنة على مئات مواقع الصواريخ هي مسعى معقد مع احتمالات نجاح غير مؤكدة.

وتحول كل هذه الاعتبارات مجتمعة دون اتخاذ خيار الضربة الوقائية الاستباقية، ولن يتورط "نصرالله" ولا "نتنياهو" في شيء سوى صدام الكلمات في ظل ظروفهما الحالية.

ورغم ذلك، فإننا نحذر التحذير المعتاد، وهو: نحن في الشرق الأوسط. أي أن كل شيء، وفي أي مكان، وفي أي وقت، يبقى ممكنا.

المصدر | بن كاسبيت | المونيتور - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

حزب الله اللبناني بنيامين نتنياهو حسن نصر الله

نصرالله يعتبر التطبيع الإماراتي خدمة انتخابية لترامب ونتنياهو