ليلى موران.. مقدسية مناضلة في البرلمان البريطاني

الأربعاء 7 أكتوبر 2020 04:31 م

رغم أنها ولدت بعيدا عنها بآلاف الأميال، فإن "ليلى موران" البرلمانية البريطانية هي ابنة القدس التي تنتمي إليها بالروح والتاريخ، تعيش مدافعة عنها في وجه النسيان، ومناضلة للاعتراف بحقوق شعبها.

"ليلى" هي حفيدة الشاعر والمؤرخ الفلسطيني الراحل "واصف جوهرية"، مولودة لأب بريطاني شغل مناصب دبلوماسية مرموقة في أروقة الاتحاد الأوروبي وأم فلسطينية من القدس، تنقلت بين دول كثيرة بسبب عمل والدها دبلوماسيا أوروبيا، ومع ذلك لم تفقد البوصلة وظلت دائما تعرّف نفسها بأنها فلسطينية بريطانية، وتفخر بذلك.

حرصت والدة "ليلى" على اشتباك ابنتها مع كل ما هو فلسطيني، إلى أن تحولت فلسطين إلى قضية تحملها "ليلى" وتدافع عنها في البرلمان الأعرق في العالم.

تشكلت شخصية "ليلى" داخل هذه الأسرة المثقفة والمنخرطة في السياسة بحكم عمل الوالد، فانتقلت رفقتها بين بلجيكا واليونان والأردن وإثيوبيا وجمايكا.

في عقدها الثاني، حملت "ليلى" زادا معرفيا يعينها على فهم العالم وتشعبات العلاقات فيه، وساعدها على الاهتمام أكثر بجذورها الفلسطينية، "خصوصا أن السياسة كانت دائما على الطاولة في البيت وهذا ما أهلني للانخراط لاحقا في العمل السياسي".

ولم يكن لحفيدة شخصية أحبت التأريخ حد الهوس (مثل "واصف جوهرية") ألا تهتم بتاريخ القدس تحديدا، وقد وجدت في كلمات جدها ضالتها، وما رسخ في ذهنها عن القدس هو ما يصفه جدها عن هذه المدينة بأنها "مدينة كان يعيش فيها المسيحيون واليهود والمسلمون بكل احترام ويجتمعون دون أي مشكل"، تقول "ليلى" إن هذا الوصف غرس فيها حب قيم التعددية والتسامح.

دبلوماسية أكاديمية

رغم تنقلاتها الكثيرة، فإن "ليلى" ظلت محافظة على تفوقها الدراسي، وظهر حبها للعلوم والرياضيات باكرا، وهو ما قادها في النهاية لدراسة الفيزياء في جامعة "إمبريال" العريقة بلندن، قبل أن تحصل على شهادة للتدريس في المدارس العليا.

شكل عام 2003 نقطة تحول، حيث دخلت ليلى باب التدريس لمادتيها المفضلتين وهما الرياضيات والفيزياء، أولا في المدرسة الدولية في بروكسل، ثم في مدرستين ببريطانيا، ثم انتقلت عام 2009 مساعدة في جامعة أكسفورد حيث كانت تقدم الدعم للطلبة القادمين من الخارج.

وفي عام 2013 أصبحت مديرة هذا المشروع التابع لجامعة أكسفورد.

الاهتمام بالمواد العلمية والتفوق الدراسي والأكاديمي جعل "ليلى" تهتم اهتماما خاصا بالتعليم، مؤمنة بأنه لا مستقبل من دون علم وتعليم، مع ضرورة توفير مدرسة بجودة عالية للجميع وعلى قدم المساواة.

طريق وعر

لم يكن طريق "ليلى" إلى البرلمان ممهدا أو هينا، بل شهد تعرجات ولحظات إخفاق أحيانا.

وكانت أول محاولة لها هي دخول غمار الانتخابات عام 2010 ممثلة للحزب الديمقراطي الليبرالي البريطاني، إذ حلت حينها في المركز الثالث، وقد حاولت أيضا الدخول لمجلس تسيير مدينة لندن لكنها حلت في المركز الرابع.

انتظرت "ليلى" 5 سنوات لدخول غمار الانتخابات العامة عن منطقة أكسفورد عام 2015، لكنها حلت في المركز الثاني، قبل أن تحقق هدفها عام 2017 وتنجح في الانتخابات العامة، بعد أن حققت مفاجأة حينها وأسقطت وزير الصحة البريطاني "نيكولا بلاك وود"، وحينها أصبحت "ليلى" أول بريطانية من أصول فلسطينية تصل للبرلمان البريطاني.

لم يتطلب الأمر وقتا طويلا كي تجذب "ليلى" الأنظار داخل البرلمان، بعد أن منحها الحزب مهمة الحديث باسمه في مجال التعليم والتربية والعلوم، وهو المجال الذي خبرته جيدا.

كانت مداخلات المقدسية البارعة دائما محرجة للحكومة البريطانية، خصوصا فيما يتعلق بعدم التكافؤ في تمويل المدارس.

ظهرت "ليلى" في أكثر من مرة وهي ترتدي الكوفية الفلسطينية خلال جلسات مجلس العموم البريطاني، وهو ما استرعى اهتماما إعلاميا واسعا، بالنظر إلى رمزية هذه الخطوة ودلالة الكوفية على الفلسطينيين.

الاعتراف بفلسطين

نجاح "ليلى" في شق مسارها السياسي وإقناعها للناخب البريطاني ظهر بشكل واضح خلال انتخابات 2019 التي كانت صعبة على الجميع، وخصوصا على حزبها الذي مني بخسارة كبيرة، ومع ذلك حافظت "ليلى" على مقعدها البرلماني بأغلبية كبيرة.

قرر الحزب على أثر ذلك منحها مهمة الحديث باسمه في ملفات السياسة الخارجية، وهو المجال الذي تعرفه ليلى جيدا، فهي ابنة دبلوماسي بريطاني اشتغل في الملفات الخارجية لعقود.

في مهمتها الجديدة، انتقلت فلسطين من ذاكرة وارتباط أسري ووجداني إلى ملف سياسي حارق تحمله "ليلى" معها في البرلمان البريطاني، وكانت أول خطوة أقدمت عليها هي التقدم بمشروع الاعتراف بدولة فلسطين.

ورغم مماطلة الأغلبية المحافظة في البرلمان في التصويت على القانون فإن "ليلى" لم تفقد الأمل، بل على العكس زاد إصرارها على مطلبها، وبلغة غاضبة خاطبت رئيس الوزراء البريطاني "بوريس جونسون" بأنه "من العار" ألا يعترف بفلسطين، ووصفت ما يسمى بصفقة القرن بأنها كارثة وفوضى.

رغم تزايد المضايقات على كل من يدافع عن فلسطين في بريطانيا، خصوصا لو كان له منصب مثل منصبها، أكدت "ليلى" أنها لن تتراجع عن الحديث عن فلسطين، معبرة عن انزعاجها من الخلط المتعمد بين انتقاد إسرائيل وبين معاداة السامية.

أشارت "ليلى" إلى أنها لا يزال لديها أفراد من أسرتها في الضفة الغربية و"أنا مؤمنة بحق فلسطين بأن تصبح دولة".

وتحمل "ليلى" على الحكومة البريطانية أنها كانت منذ البداية مسؤولة عما يحدث الآن في فلسطين بسبب "وعد بلفور"، وعليها أن تتحمل مسؤوليتها الآن وتعترف بدولة فلسطين.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

ليلى موران البرلمان البريطاني الاعتراف بفلسطين

مرشحة لرئاسة العمال البريطاني تتعهد بدعم الفلسطينيين