الضغوط القصوى.. سياسة بدون نتائج في عهد ترامب

الجمعة 9 أكتوبر 2020 05:30 م

اتّبع "دونالد ترامب"، أكثر من أي رئيس سابق خلال أربع سنوات، سياسة تقضي بفرض عقوبات شديدة على خصوم الولايات المتحدة، لكن نهج "الضغوط القصوى" هذا الذي طبقه في جميع أنحاء العالم "لم يعط النتائج المرجوة".

وأوضح "ريتشارد جولدبرج"، من مؤسسة الدفاع عن الديموقراطيات، والمؤيد لهذا الخط الصارم، أنه "من الواضح أن العقوبات كانت الأداة المفضلة لإدارة ترامب في التعامل مع الأنظمة المارقة".

وتابع متحدثا لوكالة "فرانس برس": "كانت الإدارات السابقة تستخدم العقوبات، لكن على نطاق أضيق أو ضد أهداف محددة"، بدون السعي لإحداث "بلبلة في الاقتصاد الكلي تزعزع حكومات وترغمها على تبديل مواقفها".

أما الإدارة الأمريكية الحالية، فتستمر في نهجها حتى النهاية، وتعلن بشكل شبه يومي قبل 25 يوما فقط من الانتخابات الرئاسية عن تدابير عقابية بحق كوبا وسوريا وبيلاروسيا.

وأحيانا تسدد ضربة كبرى، كما حصل الخميس، حين فرضت الخزانة عقوبات على 18 مصرفا إيرانيا رئيسيا.

وبذلك تكون واشنطن أحكمت قبضتها على جميع القطاعات تقريبا في إيران منذ انسحاب "ترامب"، في خطوة أحادية عام 2018، من الاتفاق حول النووي الإيراني.

وعرض وزير الخارجية الأمريكي "مايك بومبيو"، مبدأ "حملة الضغوط القصوى" هذا في مايو/أيار 2018، معددا 12 شرطا من أجل التوصل إلى "اتفاق جديد" مع طهران.

والهدف المعلن لهذه السياسة؛ إرضاخ السلطات الإيرانية من خلال خنق اقتصاد البلاد، لإرغامها على "تغيير سلوكها"، ولو أن إدارة "ترامب" لطالما نفت أن تسعى لتغيير النظام، من غير أن يكون تأكيدها هذا مقنعا بالضرورة.

ولم تتحقق أي من شروط "بومبيو" اليوم، لا بل استأنفت الجمهورية الإسلامية، ردا على العقوبات، بعض الأنشطة النووية التي تقربها من صنع قنبلة ذرية.

  • أضعفنا إيران

وقال "توماس رايت"، من معهد "بروكينجز": "ستقول الحكومة: أضعفنا إيران، وهذا صحيح، لكن لم يحصل تغيير حقيقي في السلوك الإيراني".

ورأى "ريتشارد جولدبرج"، أن "نجاح" سياسة العقوبات "يتوقف على الأهداف المحددة".

وأوضح: "في إيران، يملك النظام موارد أدنى بكثير للانفاق على أنشطته الضارّة، وهذا بحد ذاته انتصار للأمن القومي الأمريكي"، معتبرا أن "النظام سيضطر عام 2021 إلى التفاوض مع الفائز في الانتخابات الرئاسية الأمريكية أيا كان".

غير أن "باربرا سلافين" من "المجلس الأطلسي"، ترى في العقوبات الأخيرة "ساديّة تحت غطاء السياسة الخارجية" إذ أنها "لا تُرضخ الحكومة الإيرانية بل تضعف المواطنين العاديين".

  • فنزويلا وكوريا الشمالية

وفي فنزويلا، كان الهدف الأمريكي واضحا، وهو طرد الرئيس "نيكولاس مادورو" من السلطة، باعتبار عهده "غير شرعي". لكن الرئيس الاشتراكي ما زال في سدة الرئاسة.

وقال "توماس رايت"، إن "ترامب صرف اهتمامه عن الملف حين رأى أن مادورو لن يرحل".

أما في كوريا الشمالية، فالنتيجة أكثر تعقيدا، فبعد سلسلة من التجارب النووية وعمليات إطلاق صواريخ عابرة للقارات، توصلت واشنطن عام 2017، إلى الحصول على تأييد الأسرة الدولية في الأمم المتحدة لفرض عقوبات شديدة على هذا البلد.

وساهم هذا الموقف الدولي مدعوما بالتهديد العسكري، في حمل الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونج أون"، إلى الجلوس على طاولة المفاوضات خلال ثلاثة لقاءات تاريخية مع "ترامب".

  • العقوبات الثانوية

ولفت "توماس رايت"، إلى أن "ترامب تخلى عن الكثير في نهاية المطاف، فيما يشبه اتفاقا بحكم الأمر الواقع يجمد عمليات إطلاق الصواريخ العابرة للقارات والتجارب النووية، لقاء علاقات أكثر هدوءا".

لكن "نزع السلاح النووي الكامل والنهائي والقابل للتحقق منه في كوريا الشمالية" لم يتم، في حين أن واشنطن لطالما تمسكت به باعتباره النتيجة الوحيدة المقبولة، لا بل واصلت بيونج يانج نشاطاتها النووية.

لكن الموقف مختلف مع إيران إذ أظهر الأمريكيون مدى قوتهم الضاربة.

فلم يكتفوا باستهداف المؤسسات والقادة والشركات الإيرانية، بل أرفقوا تدابيرهم بعقوبات "ثانوية" تطال أي بلد أو شركة تواصل التعامل مع طهران.

وكانت النتيجة جذرية، فبعدما حاولت الدول الأوروبية، بكل الوسائل، الحفاظ على علاقاتها التجارية مع إيران سعيا لإنقاذ الاتفاق النووي، تراجعت أمام الثمن الباهظ المترتب على ذلك، الذي كان يهدد بمنع شركاتها من الدخول إلى السوق والقطاع المالي الأمريكيين.

وقال "ريتشارد جولدبرج": "العبرة الرئيسية من السنوات الأربع الأخيرة هي كل ما يمكن للولايات المتحدة القيام به بمفردها، بدون دعم حلفائها التقليديين"، مضيفا: "هذا يبدل الوضع".

لكن، هل يبقى استخدام العقوبات على هذا النحو نهجا متبعا في الدبلوماسية الأمريكية؟.

يجيب "توماس رايت": "ثمة إجماع متزايد داخل الطبقة السياسية على وجوب الانخراط في استراتيجية أوسع نطاقا، عوضا عن انتهاج استراتيجية بنفسها"، كما حصل أحيانا خلال السنوات الأخيرة.

المصدر | فرانس برس

  كلمات مفتاحية

دونالد ترامب الضغوط القصوى التوتر الأمريكي الإيراني العلاقات الأمريكية الكورية التدخلات الأمريكية عقوبات أمريكية

ترامب ينتقد بولتون بعد فشل الإطاحة برئيس فنزويلا