قرار رسمي بإنهاء حراك بيروت: عنف مفرط واستعانة بـ«الشبيحة»

الخميس 17 سبتمبر 2015 08:09 ص

ترجمت القوى الأمنية القرار السياسي بالقضاء على الحراك الشعبي، أمس الأربعاء، وهو قرار مهّد له عدد من وسائل الإعلام والأجهزة الأمنية وسياسيون بالحديث عن خرق تنظيم «داعش» صفوف المعتصمين. كما أمّنت جلسة الحوار التي جرت ليل الثلاثاء بين حزب الله وتيار المستقبل غطاءً إضافياً لقمع الأجهزة الأمنيّة المتظاهرين.

لم يقتصر القمع على قوى الأمن، بل تمت الاستعانة بـ«شبيحة» من مليشيات حزبية تابعة لأحد أحزاب السلطة للاعتداء على الناشطين، تحت أعين الأجهزة الأمنيّة التي لم تُحرّك أي ساكن خلال هذه الاعتداءات في وسط بيروت. مشهد ذكّر، وإن كان الفارق كبيراً جداً، بمشاهد موقعة الجمل في مصر، حين أفلت نظام حسني مبارك شبيحته على المتظاهرين. 

وقال المعتدون الحزبيون إنهم نزلوا استنكاراً للتعرض لرئيس مجلس النواب نبيه بري. وقد تكرر هجوم «الشبيحة» على المعتصمين وخيام المضربين عن الطعام أكثر من مرّة في ظلّ غياب تام لقوات مكافحة الشغب الذين «اختبأوا» داخل مبنى وزارة البيئة القريب. وقد استخدم المعتدون العصي الخشبية والحجارة الكبيرة التي رموها على المعتصمين في خيام المضربين عن الطعام.

حصلت عمليّة القمع الممنهجة، بينما كان رؤساء الكتل النيابيّة يجتمعون في مجلس النواب، وقد خرج هؤلاء بعد ساعات من ممارسة القمع، ليُعبر عدد منهم عن عدم معرفته بحصول القمع في مكان لا يبعد عن مكان الاجتماع عشرات الأمتار.

إذاً، يُمكن اعتبار يوم أمس، كيوم قررت السلطة قمع الحراك الشعبي المستمر منذ ثلاثة أسابيع، مراهِنة على انخفاض منسوب التضامن الشعبي مع المعتصمين، وعلى توحّد السلطة بشقيها، 8 و14 آذار ضدّه. وقد استعانت هذه السلطة بـ«داعش» كفزاعة لتبرير عمليّة القمع، وهو ما يدل على حجم انزعاج هذه السلطة من هذا الحراك الشعبي، الذي يرفع شعار مكافحة الفساد، انطلاقاً من فضيحة ملف النفايات، وخصوصاً أن القيمين على الحراك قرروا عدم السير بخطة الحكومة لحل أزمة النفايات كما هي، بل طالبوا بإدخال تعديلات عليها، وتضمينها آليات محاسبة ورقابة، «بسبب انعدام الثقة بالحكومة».

عند العاشرة من صباح أمس، بدأت حفلة القمع التي شاركت فيها للمرة الأولى سيدات من مكافحة الشغب في قوى الأمن الداخلي (الشرطة). فقد انتشر عدد كبير من عناصر مكافحة الشغب، عند كل المداخل المؤديّة إلى مجلس النواب، ونفذوا "كمائن" للمعتصمين، كما قال أحد الناشطين.

وقامت الأجهزة الأمنيّة باعتقال وضرب عدد منهم أمام الكاميرات، وعند عصر يوم أمس، بلغ عدد المعتقلين المعروفة أسماؤهم 43 معتقلاً. وأبلغ ناشطون «العربي الجديد» بوجود عدد آخر غير معروف من المعتقلين، وخصوصاً أن القوى الأمنيّة عمدت إلى توقيف عدد من الناشطين قبل وصولهم إلى مكان الاعتصام في وسط بيروت عند ساحة الشهداء. ومن ضمن المعتقلين الشاب وارث سليمان، الذي يُضرب عن الطعام من خمسة عشر يوماً، قبل أن يُطلق القضاء العسكري سراحه بعد ساعات.

وكان لافتاً إعطاء عدد من الضباط أوامر للعناصر التابعة لهم بالهجوم، وضرب المعتصمين بشكلٍ عنيف، فيما حاول ضباط آخرون ضبط العناصر. كما تقصّدت عناصر القوى الأمنية ضرب المعتصمين على رؤوسهم وليس على أرجلهم، وهو ما يشير إلى وجود قرار سياسي بذلك. وقد أدى هذا الأمر إلى نقل عدد من المعتصمين إلى المستشفيات.

وقد استغلت القوى الأمنية قلة عدد المعتصمين صباحاً، وتوزعهم على المداخل المؤدية إلى ساحة النجمة. وأعلن عدد من المحامين الذين يُتابعون أوضاع المعتقلين القانونية، بأنهم «معتقلو رأي عام» وليسوا موقوفين عاديين. كما طالب هؤلاء بالسماح بدخول طبيب شرعي لتوثيق عمليّة الاعتداء والضرب التي تعرّض لها المعتقلين.

وقد أصدرت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي بياناً أشارت فيه إلى أن عناصرها يقومون بتوقيف «الأشخاص الذين يعتدون علينا بالضرب ويقومون على حض المتظاهرين على استعمال العنف وخرق الحواجز الأمنيّة»، وهو ما ردّت عليه حملة «طلعت ريحتكم» بالنفي التام، والتأكيد على أن اعتقال الناشطين «يتم بالدلالة عليهم بالإصبع، ولا صحة لاستخدام العنف من قبل المتظاهرين».

وكان لافتاً استهداف القوى الأمنيّة الصحافيين رغم حمل هؤلاء لكاميرات ظاهرة، وقد تعرض عدد من الصحافيين للشتم من والضرب من قبل العناصر الأمنية، كما تم تكسير كاميرا أحد المصورين التلفزيونيين. وقد عقد المعتصمون مؤتمراً صحافياً نددوا فيه بـ«اعتداء القوى الأمنية على المعتصمين بأوامر من السلطة السياسية، التي لم تعد تحتمل المطالب التي يرفعها الحراك المدني»، واعتبروا أن «محاولة السلطة السياسية إنهاء الحراك اليوم عبر الطريقة الوحشية المليشياوية، سوف تزيد من إصرار المواطنين في تحركاتهم».

ودعوا إلى «الاعتصام المفتوح بدءاً من هذه اللحظة في ساحة رياض الصلح، بهدف إطلاق الموقوفين وكف الملاحقة القانونية عنهم»، مؤكدين أن «المعتصمين سيقفون بالمرصاد في وجه كل محاولات المس بحرية التظاهر».

وكان يوم أمس، قد بدأ باعتصام أهالي المعتقلين لدى القضاء العسكري، خلال التظاهرات الأخيرة في بيروت، وبينهم عدد من القاصرين، أمام المحكمة العسكرية في بيروت. وينتظر الأهالي إخلاء سبيل أبنائهم، بعدما قدّم المحامين صباح اليوم طلبات إخلاء سبيل. وسبق أن قطع الأهالي ليل أمس الطريق أمام وزارة الداخليّة، وذكر العديد منهم أنهم يتلقون وعودا يوميةً بإطلاق سراح أبنائهم ولا يتم الالتزام بها. كما نظّم أهالي العسكريين المختطفين لدى تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وجبهة النصرة منذ أغسطس/آب 2014، اعتصاماً في وسط بيروت.

أما في ما يتعلّق بطاولة الحوار، فقد بدأت بالتخلخل في ثاني جلسة لها، إذ غاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون عن الجلسة، ليشارك الوزير «جبران باسيل» (صهر عون) بديلاً عنه. وأشارت مصادر قريبة من عون إلى أن من أسباب عدم مشاركته الشخصيّة، شعوره بأن فريق الثامن من آذار لا يُصرّ كفاية على مطلب إجراء انتخابات نيابيّة قبل الرئاسيّة.

وتقول هذه المصادر إن بعض ممثلي فريق 8 آذار، أعلن تأييده إجراء الانتخابات الرئاسيّة كخطوة أولى لحلّ الأزمة السياسيّة في البلاد، وهو ما أثار الشك لدى عون ببعض حلفائه.

من جهته، لفت المدير العام لمجلس النواب عدنان ضاهر إلى أن «المجتمعين على طاولة الحوار تابعوا مناقشة جدول الأعمال انطلاقاً مما حدث في الجولة الماضية ومحاولة البناء على القواسم المشتركة». وأشار إلى أن «المجتمعين أكدوا دعم الحكومة لتنفيذ القرارات المتخذة ومعالجة القضايا الحياتية»، معلنا أنه «تم تحديد 22 أيلول موعدا جديدا لجلسة الحوار».

ووصف وزير الاتصالات بطرس حرب، وهو من المشاركين في طاولة الحوار، جلسة الحوار بـ«الجيدة وأنها لم تشهد أي توتر»، مشيراً إلى أنّ «مناقشة ملف الشغور الرئاسي قد بدأت، ولا يمكن مناقشة أي ملف آخر قبل الانتهاء من هذا البند الذي يتصدّر جدول أعمال الحوار الوطني».

  كلمات مفتاحية

لبنان بيروت شبيحة طلعت ريحتكم الفساد مظاهرات الحراك

قوات الأمن اللبنانية تغلق بيروت قبل اجتماع ومظاهرات

أزمة «القمامة» اللبنانية تفضح فسادا سياسيا

هل يمكن لأزمة القمامة في لبنان أن تجمع إيران والسعودية معا؟!!

لبنان في اضطرابه صورة عن أزمة النظام العربي

متظاهرون لبنانيون يقتحمون مبنى وزارة البيئة على خلفية أزمة النفايات

منظمة العفو الدولية تطالب لبنان بالتحقيق في استخدام الأمن القوة المفرطة في تفريق احتجاجات

مغردون: ماذا يفعل الشبيح السوري «غسان القناطري» في السعودية؟

تقرير: 18 ألف مقاتل إيراني موزعون في سوريا