رغم أنها ثاني مورد للبلاد، تصاعدت مؤخرا الدعوات الإلكترونية في الجزائر لمقاطعة المنتجات الفرنسية على خلفية الرسوم المسيئة والتصريحات "المستفزة" للرئيس "إيمانويل ماكرون".
لكن خبراء ذهبوا إلى أن الرهان على نجاح تلك الدعوات يبقى محصورا في نقطتين، الأولى تتعلق بالتحول من العالم الافتراضي إلى الواقع المعيشي، والثانية تتعلق بإيجاد البديل لمنتجات فرنسا التي تعد ثاني مورد للجزائر بعد الصين.
ودشن ناشطون جزائريون مؤخرا حملة لمقاطعة المنتجات الفرنسية وأطلقوا وسم #مقاطعه_المنتجات_الفرنسية على مواقع التواصل الاجتماعي رفضاً لتحريض النظام الفرنسي ضد المسلمين، وطالبوا بتكبيد فرنسا خسائر اقتصادية، على نطاق واسع في العالم الافتراضي، دون أن تتبنى أي جهة رسمية أو جمعية هذه الدعوات، ما عدا بعض الأحزاب من التيار الإسلامي.
ونقلت صحيفة "العربي الجديد"، عن "سمير بحتاجي"، عضو الجمعية الجزائرية لحماية المستهلك، قوله إن "دعوات المقاطعة لا تزال افتراضية وحبيسة المواقع الإلكترونية، ونحن كجمعية نتجه لتأطير هذه الحملات على أرض الواقع، من خلال جرد العلامات الفرنسية الأكثر استهلاكا، لكن حتى الآن الأمر يبقى سابقا لأوانه، ربما مع بداية توسع حملة المقاطعة في البلدان العربية أكيد قد تتسارع الأحداث في الجزائر".
وأضاف أن "هذه الحملات يمكن أن تكون فرصة للمستهلك الجزائري كي يغير ثقافته الاستهلاكية، وفرصة للمنتجات الجزائرية لفرض نفسها كبديل خاصة في المجال الغذائي الذي تهيمن عليه المنتجات الفرنسية خاصة في مجال الكماليات كالأجبان والشوكولا وغيرها".
من جانبه، قال الخبير الاقتصادي "جمال نورالدين" إن "الجزائر تعد من أكبر أسواق المنتجات الفرنسية، بحكم التقارب الجغرافي والعلاقات التاريخية بين البلدين، وأي حملة مقاطعة من طرف الجزائريين أكيد سيكون لها صدى في فرنسا".
وأضاف أنه "من الصعب زحزحة فرنسا من أعلى قائمة مموني الجزائر، لكن يمكن تقليص الفاتورة عبر حملة المقاطعة التي بدأت تجلب ثمارا من خلال طلب باريس رسميا من الدول الإسلامية كبح حملات المقاطعة".
وتُعد فرنسا الشريك التجاري الثاني للجزائر، بعد الصين التي أزاحتها عام 2013 من أعلى قائمة مموني الجزائر بالسلع والخدمات، حيث استوردت الجزائر سنة 2019، ما قيمته 4.27 مليارات دولار ما يعادل 10.2% من الواردات الجزائرية، في حين استوردت باريس 5.05 مليارات دولار ما يعادل 14% من الصادرات الجزائرية، جلها طاقة وغاز.
وتُعد الجزائر أول زبون للقمح الفرنسي، بمعدل مليار ونصف المليار دولار سنويا، إضافة لقرابة 700 مليون دولار من الأدوية وقرابة المليار دولار من المواد الغذائية الزراعية والنباتية ومشتقات الحليب.
وفي المقابل، تبلغ الاستثمارات الفرنسية المباشرة في الجزائر 2.5 مليار دولار نهاية 2017، حسب أرقام حصلت عليها "العربي الجديد" من الوكالة الجزائرية لتطوير الاستثمار.
وتتمثل هذه الاستثمارات بـ500 مشروع، تنخرط فيه نحو 400 شركة تشغل نحو 40 ألف منصب شغل مباشر، وترتكز هذه الاستثمارات، في قطاع الطاقة، ثم الصناعات الميكانيكية والصيدلانية، وصولاً إلى الخدمات في المرتبة الأخيرة.
وكثيرا ما يتعاطى الجزائريون بحساسية كبيرة مع المواضيع ذات الصلة مع فرنسا، لأسباب تاريخية كون فرنسا استعمرت الجزائر لـ132 سنة، وحتى لأسباب سياسية، فالشارع الجزائري يرى في باريس حامي النظام الجزائري منذ عقود، مقابل صفقات في مجال الطاقة والغذاء، ما جعل فرنسا الشريك التجاري الأول للجزائر طيلة عقود، قبل أن تغزو المنتجات الصينية الأسواق الجزائرية.