«فورين بوليسى»: هل ضيع الغرب فرصة إنهاء الحرب في سوريا عام 2012؟

السبت 19 سبتمبر 2015 10:09 ص

قال تقرير لمجلة «فورين بوليسي» نشرته الثلاثاء 15 سبتمبر/أيلول الجاري أنه كانت هناك فرصة لإنهاء الحرب الأهلية في سوريا، في فبراير/شباط 2012 عندما قدمت روسيا حلا بخروج أمن للرئيس السوري «بشار الأسد» ثم استكمال المفاوضات بين الحكومة السورية وقوى المعارضة، ولكن التضارب في الآراء والشكوك في العرض الروسي أضاعا الفرصة.

وقالت المجلة في تقريرها حول تفاصيل ضياع فرصة إنهاء الحرب السورية، أنه وسط محاولات مجلس الأمن حينئذ التوصل إلى حل قبل استفحال الأزمة التي تحولت الآن إلى مأساة تهدد أمن المنطقة، قال الرئيس الفنلندي السابق والحائز على جائزة نوبل للسلام عام 2008  «مارتي أهتيسارى» لصحيفة الجارديان إن مبعوث روسيا بمجلس الأمن «فيتالى تشوركين» عرض على القوى الغربية حلا سياسيا يتلخص في خروج آمن للرئيس السوري «بشار الأسد» مع استكمال المفاوضات بين الحكومة السورية وقوى المعارضة.

وأضاف أن العرض الروسي كان سيناقش من قبل المجلس يوم 4 فبراير/شباط 2012، ولكن في اللحظات الأخيرة طلب المبعوث الروسي تعديلات في القرار ما اعتبره الغربيون سيؤدي إلى صدور قرار هش ووقعت خلافات انتهت باعتراض روسيا والصين على القرار الذي صدر.

وأضافت أن ذلك العرض قوبل بآراء متضاربة، ولم يحقق في النهاية أي نتائج ملموسة بعد أن صوتت كل من روسيا والصين ضد القرار الذي توصل إليه المجلس آنذاك، ما ترك الباب مفتوحا للعديد من التكهنات والتخمينات حول «من المسئول الأول عن استمرار الصراع بسوريا الذي خلف أكثر من 200 ألف قتيل ويشرد الملايين».

وقد ذكر الرئيس الفنلندي السابق «مارتي أهتيساري»، لصحيفة الجارديان البريطانية حينئذ أن «الغرب رمى بعيدا غصن الزيتون الروسي التي كان يمكن أن ينتهي الحرب»، لتتحول روسيا من وسيط للسلام، إلى داعم عسكري لنظام «الأسد» حاليا، بمده بالسلاح وإنشاء مهبط للطائرات وإرسال معدات عسكرية ثقيلة إلى سوريا على متن السفن والطائرات الروسية.

وفي مقابلة مع صحيفة الغارديان، اتهم «أهتيساري» الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا بتجاهل الاقتراح «لأنهم كانوا مقتنعين في ذلك الوقت أن الأسد كان على وشك السقوط»، ما أضاع فرصة في عام 2012 لإنهاء الحرب السورية.

ووفقا لـ «أهتيساري»، فقد قال المبعوث الروسي وقتها «يجب أن نجد وسيلة أنيقة لتنحي الأسد».

وقالت «فورين بوليسي» إن تصريحات «أهتيسارى» التي رأى فيها أن الغرب أضاع فرصة لإنهاء الأزمة بسوريا، أغضبت الأوساط الدبلوماسية بالولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، فالمتحدث باسم «هيلارى كلينتون» وزيرة الخارجية الامريكية آنذاك قال إن المبعوث الروسي «تشوركين» لم يقدم مثل ذلك المقترح، وأنه حتى في حال تقديمه فإن هذا المقترح لا يتماشى مع سياسة «موسكو» الراغبة في بقاء «الأسد»، مما يقلل من قدر جديته.

أيضا مبعوث فرنسا بالأمم المتحدة في ذلك الوقت «جيرارد أرود» قال إن تصريحات الرئيس الفنلندي السابق «عارية عن الصحة وتأتى في الوقت الذي ترفع فيها روسيا من سقف دعمها العسكري لسوريا مما يطيل أمد الحرب الأهلية هناك».

وهو نفس ما قاله الدبلوماسي البريطاني «ريزا أفشار» الذي قال إن روسيا دائما ما أظهرت إصرارها على شرعية النظام السوري وحتمية بقائه بالسلطة وضرورة مواجهة الحركات المسلحة المعارضة له لما ترتكبه من أعمال إرهابية.

أما «بيتر فيتيغ»، سفير ألمانيا لدى الولايات المتحدة، الذي شغل منصب مبعوث الأمم المتحدة في برلين في فبراير/شباط 2012، فقال معقبا: «في النهاية، ما يهم هو كيف تصرف الروس في مجلس الأمن»، مشيرا لثقته في أن «بوتين» كان ينوي استخدام حق النقض ضد قرار الأمم المتحدة.

ونقلت المجلة عن «روبرت فورد»، السفير الأمريكي السابق في دمشق، قوله أن وزير خارجية روسيا «لافروف» كان يذكرهم بثلاث نقاط هي أن «الأسد يقود حكومة شرعية، وأن القوى الخارجية لا ينبغي أن تجبره على التنحي، وأن الديكتاتور السوري كان يقاتل الإرهابيين الخطرين».

وقال «أحمد فوزي»، الذي شغل منصب المتحدث باسم مبعوثين للأمم المتحدة هما «كوفي عنان» و«الأخضر الإبراهيمي» معلقا على المحادثات السورية في عام 2012، «كان الموقف الروسي ثابت ولا يتزعزع: انتخب الأسد من قبل الشعب السوري، وكان فقط للشعب السوري الحق في عزله».

وقال مسؤولون أمريكيون إنهم لم يسمعوا قط عن الاقتراح الروسي برحيل «الأسد»، لكن السكرتير الصحفي لوزارة الخارجية «جون كيربي» قال أن سجل موسكو واضح من دعمهم الديكتاتور السوري، والتاريخ يتحدث عن نفسه: من الذي دعم الأسد تاريخيا؟.

وبعد أن أورد التقرير الأمريكي تفاصيل التضارب في الآراء، تساءل: «هل كانت هناك ثمة فرصة لتفادى الحرب الأهلية بسوريا؟»، مشددا علي أنه «يجب علينا ألا ننسى أبدا».

أمريكا ستدفع الثمن

وفي مقال نشره الدبلوماسي الأمريكي السابق «فردريك هوف» في مجلة فورين بوليسي 11  سبتمبر/أيلول الجاري قال أن أمريكا ستدفع ثمن تركها السوريين تحت رحمة براميل «الأسد».

وقال الدبلوماسي الأمريكي «أن الولايات المتحدة بعد أن قررت التخلي عن السوريين وتركهم عرضة للتجويع والقتل والعقاب الجماعي وتحت رحمة البراميل المتفجرة، تحصد هي وأوروبا اليوم ما زرعته».

كما تساءل في مقالته عن موقف الدول الأوروبية من الإدارة وهل حثت «أوباما» على تغيير موقفه، كما فعلت فرنسا التي حثت حليفتها الأمريكية على تغيير طريقة تعاملها مع الحرب السورية.

ويرى «هوف» أن فشل الغرب في تقديم حماية قليلة للمدنيين السوريين لم يكن من دون ثمن، وانتقلت الأزمة إلى الغرب الذي رضي بمشاهدتها وهي تكبر على الحدود مع لبنان والأردن وتركيا، بالحصاد المر من خلال تدفق البشر على حدودها، إلا أن الثمن الذي ستدفعه أمريكا سيكون أكبر، فسمعتها تشوهت أكثر من أي وقت مضى، كما أغرى تردد «أوباما» «بوتين» بالتحرك في سوريا.

 

  كلمات مفتاحية

روسيا سوريا الولايات المتحدة بوتين بشار الأسد

لماذا ستضطر الولايات المتحدة إلى العمل مع روسيا في الملف السوري؟

روسيا لا تستبعد إنشاء قاعدة عسكرية جوية في سوريا

تحركات موسكو في سوريا: 5 رسائل ترسلها روسيا إلى العالم

«كارنيجي»: لماذا ينبغي للغرب أن يغض الطرف عن تدخل روسيا لدعم «الأسد»؟

التحول الروسي من دعم نظام «الأسد» إلى «التوسط بين الطرفين»

لماذا تصر روسيا على دعم «بشار الأسد»؟

روسيا تقلب الموازين في سوريا والمنطقة