قرارات أمريكية تمهيدا لضم إسرائيل للضفة الغربية.. لماذا الآن؟

الاثنين 2 نوفمبر 2020 02:28 ص

عندما أعلنت الإمارات تطبيع العلاقات مع إسرائيل، برر الإماراتيون القرار الذي لم يحظ بشعبية كبيرة في العالم العربي، بادعاء أنه يأتي في مقابل تعليق إسرائيل خططها لضم جزء كبير من أراضي الضفة الغربية.

ورد النقاد بأن الضم عبارة عن عملية مستمرة، وأن توسيع المستوطنات ودمج تلك البنية التحتية في إسرائيل أمر مستمر، لذلك لم يكن ذلك بمثابة تنازل من جانب تل أبيب.

وهذا الأسبوع، أثبتت الولايات المتحدة وإسرائيل وجاهة رأي هؤلاء النقاد عندما أعلنا عن مراجعات للاتفاقيات التي تحكم التعاون العلمي الثنائي.

وفي السبعينيات من القرن الماضي، أسست الولايات المتحدة وإسرائيل المؤسسة ثنائية القومية للبحث والتطوير الصناعي، والمؤسسة ثنائية القومية للعلوم، والمؤسسة ثنائية القومية للبحث والتطوير الزراعي.

ونصت الاتفاقيات التأسيسية الثلاثة على أن المؤسسات سيتم تمويلها فقط للعمل داخل الحدود الدولية المعترف بها لإسرائيل، داخل ما يسمى بـ "الخط الأخضر"، الذي تم إنشاؤه عند الاتفاق على هدنة حرب عام 1949.

وعلى مر السنين، تمت مراجعة الاتفاقيات، لكن شرط الخط الأخضر صمد بالرغم من التغييرات العديدة في الحكومة الإسرائيلية وخلال كل إدارة أمريكية، ديمقراطية أو جمهورية. ولكن انتهى كل هذا مع الإعلان الأخير.

وبحسب التغييرات الأخيرة، فيمكن للمؤسسات ثنائية القومية الثلاثة الآن تمويل الأبحاث والمشاريع التي تجري في أي مكان في الضفة الغربية ومرتفعات الجولان. وقد يبدو القرار تافها حيث لم يتم هدم أي منازل فلسطينية بسبب هذا التغيير، ولم يتم توسيع المستوطنات، ولم يتم إطلاق النار على أحد أو سجنه.

إذن ما الذي يجعل هذا تطورا مهما؟

تمثل مراجعة هذه الاتفاقيات تحولا جذريا في سياسة الولايات المتحدة تجاه الضفة الغربية ومرتفعات الجولان.

وبالنسبة للأخيرة، فهو امتداد منطقي لاعتراف إدارة "ترامب" عام 2019 بضم إسرائيل للجولان، التي احتلتها عام 1967.

ولكن كما حذر الكثيرون، يشكل هذا القرار سابقة لاعتراف الولايات المتحدة بضم إسرائيل للضفة الغربية. وفي حين أن التغيير الحالي لا يرقى إلى مستوى الاعتراف الكامل، إلا أنه خطوة كبيرة في هذا الاتجاه.

ومنذ أعوام، يضغط أنصار إسرائيل في الولايات المتحدة بقوة لحمل الحكومة على معاملة الضفة الغربية المحتلة كجزء من إسرائيل.

وقد انتقدوا اللوائح التي تميز بين الأعمال التجارية في مستوطنات الضفة الغربية وإسرائيل. 

والآن، منحت إدارة "ترامب" حركة الاستيطان الانتصار الذي سعت إليه منذ فترة طويلة.

  • لماذا الآن؟

يعد توقيت هذه الخطوة مثيرا للاهتمام.

وتكهن الكثيرون بأن قيام إدارة "ترامب" في الآونة الأخيرة بإغراق إسرائيل بالهدايا المجانية مدفوع بمخاوف انتخابية.

وقد يكون هذا صحيحا بالنسبة للضغط على الدول العربية لتطبيع العلاقات مع إسرائيل بسرعة، ولكن من غير المرجح أن يكون هذا هو الحال مع هذه التحركات الأخيرة.

وفي حين أن المراقبين المهتمين بهذه القضية سيفهمون أهمية هذه الاتفاقيات، فإن معظم الناخبين في الولايات المتحدة لن يفعلوا ذلك.

ولا تشتبه تلك التحركات بالتأكيد التصريحات المبتذلة، وإن كانت مخادعة، عن الإنجازات تجاه السلام التي رافقت اتفاقيات التطبيع بين إسرائيل وعدة دول عربية مؤخرا.

وفي الواقع، كان للتغييرات التي تم الإعلان عنها هذا الأسبوع تأثير ضئيل على دورة الأخبار، ولا يبدو أن أي شخص في إدارة "ترامب" قد أراد الحديث عن ذلك.

ورفضت السفارة الأمريكية في إسرائيل التعليق على الأمر عندما تم سؤالها عن الأمر.

وجاء الإعلان من مكتب رئيس الوزراء "بنيامين نتنياهو"، ورافق "نتنياهو" في حفل التوقيع السفير الأمريكي لدى إسرائيل، "ديفيد فريدمان"، الداعم المتحمّس منذ فترة طويلة لحركة الاستيطان في إسرائيل.

وقد يفسر تطور آخر سبب حدوث ذلك الآن.. ففي يوم الأربعاء الماضي، أكد مسؤول في إدارة "ترامب" أن وزارة الخارجية عكست سياسة طويلة الأمد وسمحت للمواطنين الأمريكيين المولودين في القدس بإدراج إسرائيل على أنها دولة الميلاد في جوازات سفرهم.

ونظرا لأن معظم العالم يعتبر القدس مدينة دولية لا يمكن حل وضعها النهائي إلا من خلال اتفاق إسرائيلي فلسطيني، فقد كانت الممارسة العالمية منذ فترة طويلة هي معاملة المدينة بأكملها كمنطقة دولية.

لكن "ترامب" حطم هذا التقليد من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى هناك.

وكانت مسألة المواطنين الأمريكيين المولودين في القدس نقطة خلاف لأعوام.

ومؤخرا في عام 2015، قضت المحكمة العليا أنه نظرا لأن الرئيس لديه السلطة الحصرية للاعتراف بالدول الأجنبية، يمكنه أن يقرر ما إذا كان سيعترف بالمدينة المتنازع عليها كجزء من إسرائيل أم لا.

وادعى والدا المواطن الأمريكي، "مناحيم زيفوتوفسكي"، أنه منذ أن أصدر الكونجرس قانونا يسمح للمواطن الأمريكي المولود في القدس بإدراج إسرائيل كبلد ولادته في جواز سفره، فيجب أن يكونوا قادرين على القيام بذلك.

واختلفت معهم المحكمة ووقفت إلى جانب إدارة "باراك أوباما"، التي لم تكن لديها رغبة في تفاقم القضية الحساسة المتعلقة بوضع القدس.

وفي عام 2018، أعادت وزارة الخارجية التأكيد على سياستها القديمة بخصوص المواطنين الأمريكيين المولودين في القدس.

ومما لا شك فيه، أن الدافع وراء ذلك هو الرغبة في تقليل رد الفعل العنيف ضد نقل السفارة والاعتراف بالقدس عاصمة لـ إسرائيل من قبل الحلفاء العرب للولايات المتحدة.

ولكن الآن، ينفد وقت هذه الإدارة على ما يبدو، ويبدو أن وزير الخارجية "مايك بومبيو"، وهو مسيحي صهيوني متدين وتؤثر معتقداته الدينية بلا شك على مقاربته لسياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل، يريد ضمان أن يتم حل الأمر وفقا لوجهات النظر المتطرفة التي يشاركها مع نائب الرئيس "مايك بنس" ورئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، والتي يتبناها "ترامب" على الأقل.

وستمكّن هذه التحولات في السياسة إسرائيل من متابعة جميع الأعمال والبحوث والبناء وتطوير البنية التحتية، ما يعني ربط تلك البنية التحتية بـ إسرائيل ككل، دون خوف من مطالبات الجماعات والأفراد الأمريكيين الذين يحاولون إنقاذ حل الدولتين أو الدفاع عن حقوق الفلسطينيين.

ومن المرجح أن تحافظ أوروبا على تمييزها بين إسرائيل والضفة الغربية المحتلة، لكنها ستفعل ذلك الآن في مواجهة صريحة للسياسة الأمريكية، التي تتعامل مع إسرائيل والضفة الغربية كوحدة إقليمية واحدة. وهذا بالتأكيد تحول عميق.

وسيكون من الصعب عكس هذه التغيرات في الإدارات القادمة، نظرا للدعم الهائل الذي من المحتمل أن تكتسبه من العديد من المجموعات.

ولم يكن لـ "لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية" نفوذ كبير في إدارة "ترامب"، لكنها بالتأكيد ستقدم دعما قويا لهذه التغييرات، وتنضم إلى مجموعات أكثر راديكالية مثل "المسيحيون المتحدون لدعم إسرائيل" و"المنظمة الصهيونية الأمريكية".

ومع الأزمات العديدة التي من المحتمل أن تجتاح الولايات المتحدة في العام المقبل، فإن هذا النوع من القرارات التي تحظى على الأقل ببعض الدعم من الحزبين، ستجعل التغييرات لا رجعة فيها لفترة طويلة أينما هبت الرياح السياسية الأمريكية.

المصدر | ميتشيل بليتنيك/ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المؤسسات ثنائية القومية العلاقات الأمريكية الإسرائيلية القضية الفلسطينية إدارة ترامب دعم إسرائيل تطبيع الإمارات

الشيوخ الأمريكي يثبت قرار نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس