كورونا وإسلاموفوبيا وتطبيع!

الاثنين 2 نوفمبر 2020 08:55 ص

كورونا وإسلاموفوبيا وتطبيع!

اشتركت بذلك أشكال ثلاثة من الوباء الخبيث على الفتك بالبشر وتبرير السياسات الوحشيّة وغير الإنسانية وقمع الثورات.

التطبيع أعطى المشروع الصهيوني دماء جديدة بانضمام أقطار عربية إليه وهو ما تُرجم سريعا بتعزيز الاستيطان في فلسطين المحتلة.

دول التطبيع تفاقم انتهاك القرارات الدولية حول فلسطين ومحاصرة أهلها واستهدافهم بدعاوى نفاق عن التسامح الديني واجتماع المسلمين واليهود.

*     *     *

يواجه العالم موجة كبرى ثانية من انتشار وباء كورونا، وتتنافس أخبار ارتفاع أعداد الإصابات الهائل الذي يقترب في الولايات المتحدة الأمريكية حثيثا من 10 ملايين حالة، وإعلان بلدان أوروبية جديدة، آخرها بريطانيا، قرارا بغلق عام للبلاد، وتزايد الإصابات والوفيات في بلدان عربية وإسلامية عديدة، بحيث تواجه السلطات أزمة لا سابق لها.

ويفتك المرض الصعب لا بالمصابين فحسب، بل كذلك بالأطباء الذين يعالجونهم، ويضرب الجهات المنوطة بمواجهة الوباء، ويفقد الحكومات والنظم مصداقيتها أمام شعوبها.

من الطبيعي، في أجواء الخوف من الوباء، وتراجع موارد الرزق التي تتعرّض لها قطاعات شعبية عديدة، أن تزداد مشاعر اليأس والضيق، وفي الوقت الذي يسعى فيه كثيرون إلى الله ليعينهم نفسيا على مواجهة عدو مميت غير منظور، يقابلون بإغلاق دور العبادة.

فيتخذ الضيق أشكالا من الغضب ومحاولة إلقاء اللوم على السلطات التي منعت عنهم أسباب العمل، فرأينا أشكالا من الاحتجاج على سياسات الغلق ما تزال مستمرة في بلدان غربية عدة.

لكنها قمعت في بلدان عربية، التي استغل بعضها الأمر فقمع أيضا كل أشكال الاحتجاج السياسي، والحراك الشعبي، وسجّل العراق آخر معالم هذا القمع أمس مع إقفال ساحات الاحتجاج.

إحدى السياسات التي شهدت تصاعدا كبيرا بالتناظر مع الأجواء «القياميّة» للوباء كانت توجيه بعض أطراف اليمين المتطرّف الأوروبي اللوم على الأقليات في انتشار المرض.

ونال المسلمون، كالعادة، نصيبا كبيرا من تداعيات هذه الدعايات، في الوقت الذي كان لافتا تسجيل نسبة وفيّات كبيرة من الأطباء الذين ينتمون إلى هذه الأقليات خلال عملهم لمكافحة انتشار المرض.

وحاولت جهات رسميّة أو حقوقية أن تدرس أسباب ذلك، وتزامن ذلك مع ارتفاع مدّ اضطهاد المسلمين في العالم، والذي تشكّل مصائب الأويغور الصينيين والروهينغا البورميين إحدى أسوأ أمثلته.

غير أن الحدث الأكثر بروزا في هذا المجال خلال الفترة القصيرة الماضية هو التبني الرسمي الفرنسي لسياسات الإسلاموفوبيا عبر إعلان الرئيس إيمانويل ماكرون الدفاع عن رسوم تسيء للنبي العربي محمد ﷺ، مستغلا الحادثة البشعة لذبح معلم فرنسيّ على يد فرنسي شاب  مسلم.

وبدلا من محاولة رأب الصدع فقد قام بالتصعيد مما اعتبر إهانة معممة لاعتقادات المسلمين بدعوى «حرية التعبير» و«قيم الجمهورية» التي أضحت أبقارا مقدسة تفوق أهميّة السلم الأهلي الفرنسي نفسه إضافة إلى العلاقات مع البلدان الإسلامية.

وكما أن كل هذه الكوارث الطبيعية والسياسية غير كافية فقد قامت ثلاث دول عربية، الإمارات والبحرين والسودان، بإعلان التطبيع مع إسرائيل، وهو ما أعطى المشروع الصهيوني دماء جديدة بانضمام أقطار عربية إليه.

وهو ما تُرجم بسرعة إلى قرارات جديدة بتعزيز الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، ولتحدي القرارات الدولية حول فلسطين، ولمزيد من محاصرة الفلسطينيين واستهدافهم، وتزيين كل ذلك، بدعاوى مرائية عن التسامح الديني واجتماع المسلمين واليهود في «اتفاق ابراهيمي» والسلام والازدهار الاقتصادي الخ.

اشتركت بذلك أشكال ثلاثة من الوباء الخبيث على الفتك بالبشر وتبرير السياسات الوحشيّة وغير الإنسانية وقمع الثورات.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

كورونا، تطبيع، إسلاموفوبيا، الإيغور، الروهينغا، فلسطين، المشروع الصهيوني، فرنسا،

رغم التطبيع.. الإمارات والبحرين والسودان تؤيد قرارا أمميا يغضب إسرائيل