معهد واشنطن: تراجع أسعار النفط يبرز أهمية دور أمريكا بالخليج

السبت 7 نوفمبر 2020 09:17 ص

"يجب أن يدرك صانعو السياسة الأمريكية أن تراجع وجود الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الخليج، قد يكون له عواقب وخيمة يمكن أن تؤثر بشكل مباشر على واشنطن من خلال مزيج مميت من الإرهاب والصدمات في سوق النفط العالمية".

بهذه الكلمات خلص تقرير حديث لـ"معهد واشنطن"، مشددا على أهمية الحاجة إلى مشاركة أمريكية أوسع في الخليج بعد التراجع الحاد في أسعار النفط، الذي شهد خلال العام الجاري، انخفاضا كبيرا، نتيجة تفشي وباء "كورونا".

وأدت سياسات احتواء الفيروس، والإغلاق الذي مارستها حكومات أغلب الدول إلى تراجع الطلب عل النفط، وزيادة المعروض منه؛ وهو ما تسبب في انخفاض الطلب العالمي على الخام، وترك أثرا دائما على تلك البلدان التي تعتمد عائداتها عليه.

ومثل تراجع أسعار الخام مصدر قلق كبير لبلدان منطقة الشرق الأوسط والخليج على وجه الخصوص؛ لاعتمادها بشكل أساسي على الإيرادات النفطية لتغطية نفقاتها؛ حيث اضطرت العديد من دول الخليج للشروع في تنويع اقتصاداتها عوضا عن الاعتماد على النفط.

ووفق "معهد واشنطن"، فإن الابتعاد عن الدبلوماسية حول سوق النفط، وخاصة في الخليج، يجب أن يُفهم على أنه مصدر تهديد للمصالح الأمريكية، ويجب التعامل معه وفقا لذلك.

ويزعم البعض أن انخفاض أسعار النفط والمستويات التي تم تحقيقها مؤخرا من إنتاج النفط في الولايات المتحدة ستؤدي حتما إلى تراجع دور واشنطن في المنطقة، خاصة بعد أن أرسل الرئيس "دونالد ترامب" عدة رسائل مفادها أن "الشرق الأوسط لم يعد أولوية لبلاده التي أصبحت منتجا كبيرا للنفط"؛ حيث ربط ذلك صراحة بصعود الولايات المتحدة كمنتج رئيسي للنفط.

ومع ذلك، تتجاهل هذه الحجة الأهمية المستمرة للمنطقة بالنسبة للولايات المتحدة من منظور الأمن القومي والطاقة.

أما بالنسبة لأسواق النفط العالمية، فان زيادة إنتاج النفط الأمريكي لا يعنى بالضرورة استقلال الولايات المتحدة عن السوق العالمية، وعن علاقاتها بمنتجي الشرق الأوسط؛ حيث أبرزت حرب الأسعار بين السعودية وروسيا مطلع هذا العام أن الولايات المتحدة ستتأثر بذلك بشكل مباشر.

وكان لقيام السعودية بإغراق الأسواق بالنفط الرخيض، بعد رفض روسيا تخفيض إنتاجها، أثرا كبيرا على شركات النفط الصخري الأمريكي، التي أصبحت على وشك إعلان إفلاسها وتسريح مئات الموظفين منها.

ومع ذلك، ونتيجة التدخل الأمريكي، تم جمع الفرقاء (السعودية وروسيا) إلى طاولة الحوار لإجراء المفاوضات للخروج من أزمة هبوط أسعار النفط التي دفع ثمنها الكل بلا استثناء؛ حيث جاء هذا التدخل نتيجة قناعة الولايات المتحدة بأن استمرار انهيار أسعار النفط بهذا الشكل ليس من مصلحتها، بل يؤثر على الداخل الأمريكي أيضا.

وتمخضت هذه المفاوضات بالتوصل أخيرا إلى اتفاق أطلق عليه اتفاق "أوبك بلس"، كان ضروريا لجميع الأطراف الثلاثة، الولايات المتحدة وروسيا والسعودية؛ حيث جنبتهم حدوث كارثة في قطاعات الطاقة الخاصة بهم.

وفي شأن آخر، قال تقرير "معهد واشنطن" إن استقرار أسعار النفط يمثل أهمية اقتصادية للمصالح الأمريكية في الشرق الأوسط. إذ يشكل هبوط أسعار الخام تحديا كبيرا للبلدان التي تعتمد إلى حد كبير على مداخيل النفط لدعم ميزانياتها الحكومية والإنفاق الحكومي.

وهذا التدهور في الإنفاق الحكومي، يمكن أن يؤدي إلى تقويض استقرار النظام في العديد من دول الشرق الأوسط (لا سيما تلك التي تعتمد بشكل أساسي على عائدات النفط)، وإثارة الاضطرابات المحلية، كما حدث في الحرب الأهلية الجزائرية في التسعينيات.

وتمتلك الولايات المتحدة أصدقاء وحلفاء في المنطقة يتطلعون إلى الدعم مقابل التزامهم برعاية مصالحها، وأصدقاء قدامى أخرين واجب عليها حمايتهم.

ولولا الضغط الأمريكي، ما قامت السعودية بتخفيض إنتاج النفط الخام وقيادة المفاوضات مع روسيا للتوصل إلى اتفاق والتوقف عن إغراق السوق لغرض إعادة التوازن إلى أسواق النفط العالمية وإنقاذ شركات النفط الصخري الأمريكي.

وقال التقرير إن تراجع الولايات المتحدة عن لعب دورها في الشرق الأوسط، سيجعلها أقل استعدادا للعمل كوسيط في ظروف مهمة؛ مما يضر بالقدرة الأمريكية والإقليمية على تجاوز الصراع المستمر حول تسعير النفط وخفض الإنتاج.

وختم التقرير بالقول: "مع استمرار صانعي السياسة في الولايات المتحدة في تتبع دورها في الشرق الأوسط، يجب على صناع القرار ألا يتغافلوا عن المشاكل التي تسبب فيها عدم الاستقرار الإقليمي بشكل متكرر للولايات المتحدة".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات الأمريكية الخليجية دور أمريكي أسعار النفط إنتاج النفط أوبك بلس

أمريكا تستعد لإغراق العالم بالنفط.. ماذا ستفعل دول الخليج؟