أوبك ستفتقد الصديق.. كيف سيغير بايدن سياسات الطاقة الأمريكية؟

الأحد 8 نوفمبر 2020 10:09 ص

قد يحدث الرئيس الأمريكي المنتخب "جو بايدن" تغييرا في سياسة وصناعة الطاقة الأمريكية.. هكذا يمكن الحديث عن مستقبل العلاقات الأمريكية مع منظمة الدول المنتجة للنفط "أوبك"، وعدد من الدول خارجها.

فبالتأكيد ستفتقد "أوبك" الرئيس الصديق "دونالد ترامب"، الذي تحول من انتقاد المنظمة، إلى مساعدتها في تطبيق خفض ضخم غير مسبوق على إنتاج النفط.

وكان "ترامب" أكثر انخراطا في شؤون "أوبك"، عن أي من سابقيه، وقد أثر في بعض الأحيان على سياسة "أوبك" بتغريداته ومكالماته الهاتفية، مطالبا بسعر نفط منخفض بما يلائم المستهلكين ومرتفع بما يلائم المنتجين الأمريكيين.

وقد أضعفت عقوباته أيضا نفوذ صقري الأسعار داخل "أوبك"، فنزويلا وإيران، مما أزال عقبتين تاريخيتين في وجه انتهاج المنظمة لسياسة تراعي مصالح واشنطن.

وركز ذلك النفوذ في يد السعودية، أكبر منتج، إلى جانب روسيا، في إطار ما بات يعرف بمجموعة "أوبك+".

إيران وفنزويلا

بيد أن "بايدن" الذي يتوقع أن يتخذ مسافة مع المنظمة، يبدي قناعة بأهمية الدبلوماسية متعددة الأطراف على غرار توجهات الإدارات الديمقراطية السابقة، قد يعني ذلك مسارا يقود إلى رفع العقوبات التي تفرضها واشنطن على إيران وفنزويلا، واستئنافهما الضخ، إذا توافرت الشروط الملائمة.

ففي حالة إيران، قد يتضمن ذلك المسار نهجا تشاركيا بين واشنطن وأوروبا، على غرار الاتفاق الذي أُبرم إبان إدارة "أوباما".

ورحب مصدر مطلع على سياسة النفط الإيرانية بفوز "بايدن"، لكنه شكك في أن يرفع العقوبات سريعا.

وسيعطي هذا أعضاء "أوبك+"، فترة كافية لتعديل اتفاقهم، بما يفسح المجال لمزيد من النفط الإيراني.

وقال: "حتى إذا رُفعت العقوبات عن إيران، فسيستغرق الأمر من شهرين إلى أربعة أشهر كي تعود صادرات النفط الإيرانية إلى مستويات ما قبل العقوبات لأسباب فنية.. لذا، أمام (أوبك+) وقت كاف للاتفاق على سقف إنتاج جديد".

أما في فنزويلا، فيبدو من المرجح أن يواصل "بايدن" تحبيذ العقوبات كأداة ضغط على نظام الرئيس "نيكولاس مادورو"، لكنه قد يكثف الجهود الدبلوماسية لإنهاء الجمود عن طريق التفاوض على إجراء انتخابات جديدة أو تقاسم السلطة مع المعارضة.

والعقوبات الأحادية التي فرضها "ترامب" على البلدين، حجبت حوالي 3 ملايين برميل يوميا من النفط الخام عن الأسواق العالمية، بما يزيد قليلا على 3% من المعروض العالمي.

روسيا

ووفق مصدر في "أوبك"، قبل اتضاح نتيجة الانتخابات: فإن "عقوبات إيران قد يعاد تقييمها وعندئذ ستعود إلى السوق، ومن ثم ستعود تخمة المعروض وسيكون اتفاق الخفض الحالي في خطر".

وأضاف: "يوجد أيضا خطر انسحاب روسيا من اتفاق أوبك+ وهو ما يعني انهيار الاتفاق، إذ أن ترامب هو الذي أقنع موسكو بالمشاركة".

ويقول "بايدن" عن روسيا إنها مصدر أخطر تهديد عالمي تواجهه واشنطن.

وروسيا أكبر منتج للنفط بين الدول المتحالفة مع المنظمة، في إطار ما بات يعرف بمجموعة "أوبك+".

وسبق أن شارك "ترامب"، خلال أبريل/نيسان، في محادثات أفضت إلى اتفاق تعاونت بموجبه منظمة البلدان المصدرة للبترول والسعودية مع منتجين حلفاء بقيادة روسيا، لإجراء خفض ضخم غير مسبوق على معروض النفط في ظل تفشي فيروس "كورونا" الذي عصف بالطلب.

وتدخل "ترامب" وضغط سياسيا على السعودية وروسيا، لإنهاء نزاع أوقد شرارة حرب أسعار، أفرزت خططا لكلا البلدين لزيادة الإنتاج، بينما كانت الجائحة تقود إلى قيود على السفر، ومن ثم على طلب الوقود.

وكانت النتيجة اتفاقا عالميا غير مسبوق لتقليص المعروض النفطي حوالي 20 مليون برميل يوميا، بما يعادل نحو 20%، حيث اتفقت "أوبك+" وحدها على خفض قدره 9.7 ملايين برميل يوميا.

وحول هذا الاتفاق قال المصدر: "أصبح ترامب صديقنا، بعد التحول التاريخي في المواقف".

السعودية

أما فيما يتعلق بالسعودية، فيفتقر "بايدن" إلى الحميمية التي اتسمت بها العلاقات بين "ترامب" والحاكم الفعلي للمملكة ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، والذي تعتمد بلاده على الأسلحة والحماية الأمريكية في مواجهة منافسين إقليميين، مثل إيران.

والمملكة هي الأكثر نفوذا داخل منظمة البلدان المصدرة للبترول، مما يعني أن "بايدن" قد لا ينخرط بنفس الدرجة في سياسة إنتاج المنظمة.

ومن المرجح أيضا أن يعتمد على القنوات الدبلوماسية الهادئة للتأثير على "أوبك"، بدلا من نهج "ترامب" المعتمد على "تويتر".

لم توضح حملة "بايدن" بعد كيف ستتناول تلك المسائل، لكن أي نفوذ له كرئيس من المرجح أن يخدم الهدف ذاته، وهو سعر نفط متوسط، فأي رئيس أمريكي يحتاج إلى وقود في متناول المستهلكين.

وبالنسبة لـ"بايدن"، ينبغي أن يكون السعر مرتفعا بما يكفي لكي تستطيع أصناف الوقود النظيف البديلة للوقود الأحفوري المنافسة بما يدعم خطته الطموح بخصوص المناخ.

لكن رغم تصريحات "بايدن" عن العلاقات الأمريكية السعودية، من المستبعد فتح صفحة جديدة تماما، حتى أن مصادر خليجية ودبلوماسية قالت إن فوز "بايدن" لن يقوض تحالفات قائمة منذ عقود.

تحول أخضر

وفي شان آخر، ستتطلع إدارة "بايدن" إلى العودة إلى اتفاقية باريس للمناخ، وهي المعاهدة الدولية التي جرى التفاوض عليها تحت إدارة الرئيس السابق "باراك أوباما" لمكافحة ارتفاع درجة حرارة الأرض، لكن "ترامب" انسحب منها، قائلا إنها قد تضر بالاقتصاد الأمريكي.

وتعهد "بايدن" كذلك بخفض صافي الانبعاثات الأمريكية إلى الصفر بحلول 2050، بوسائل من بينها تقليص صافي انبعاثات قطاع الكهرباء إلى الصفر بحلول 2035، وهو هدف لن يكون سهلا دون أغلبية ديمقراطية في الكونجرس.

ويرى "بايدن" في تغير المناخ تهديدا وجوديا للكوكب، وأن التحول عن الوقود الأحفوري يمكن أن ينطوي على فرصة اقتصادية، إذا تحركت الولايات المتحدة سريعا لتحقيق الريادة في تكنولوجيا الطاقة النظيفة.

وعملت إدارة "ترامب"، على إضعاف أهداف الانبعاثات أو إلغائها، وتضمن ذلك تخفيف وكالة حماية البيئة الأمريكية معايير انبعاثات السيارات، وإلغاءها خطة الكهرباء النظيفة التي اعتمدها "أوباما" والتي كانت تشترط تخفيضات من صناعة الكهرباء.

ويسهم قطاعا النقل والكهرباء معا بنحو نصف انبعاثات الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري في الولايات المتحدة.

وفي حين بدأت شركات النفط والغاز الأوروبية مثل "بي بي" و"رويال داتش شل"، تطبيق استراتيجيات لتحول عالمي في مجال الطاقة، لم تحد الشركات الأمريكية العملاقة مثل "إكسون موبيل" و"شيفرون" عن تركيزها على أعمال الطاقة التقليدية، محتمية سياسيا برئاسة "ترامب".

نفط وغاز

وفي حين عمل "ترامب" على تعظيم إنتاج النفط والغاز المحلي، تعهد "بايدن" بحظر إصدار تراخيص حفر جديدة على الأراضي والمياه الاتحادية من أجل محاربة تغير المناخ.

وأنتجت الولايات المتحدة نحو 3 ملايين برميل من النفط الخام يوميا من الأراضي والمياه الاتحادية في 2019، إلى جانب 13.2 مليار قدم مكعبة يوميا من الغاز الطبيعي، وفقا لبيانات وزارة الداخلية.

ويعادل ذلك نحو ربع إجمالي إنتاج النفط المحلي وأكثر من ثُمن إجمالي إنتاج الولايات المتحدة من الغاز.

ويعني فرض حظر اتحادي على التراخيص الجديدة، أن تتراجع تلك الأرقام حتى تتلاشى في غضون سنوات.

وسيؤثر ذلك أيضا على الإيرادات العامة المحققة من إنتاج النفط والغاز، والتي بلغت حوالي 12 مليار دولار في 2019، وهي موزعة بين الخزانة الأمريكية والولايات والمقاطعات وقبائل السكان الأصليين.

فقد تلقت نيو مكسيكو، على سبيل المثال، 2.4 مليارات دولار العام الماضي، استخدمت جزءا كبيرا منها في قطاعها التعليمي الذي يعاني تاريخيا من أزمة نقص في التمويل.

وكانت حاكمة الولاية "ميشيل لوجان جريشام" (ديمقراطية)، قالت إنها ستسعى للحصول على استثناء من حكومة "بايدن" للسماح بمواصلة الحفر في حالة انتخابه.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

أسواق النفط جو بايدن دونالد ترامب أوبك أوبك+ اتفاق المناخ النفط والغاز

وكالة إيرانية: لا تأثير لانتخاب «ترامب» على العقود الجديدة للنفط والغاز

خلال أكتوبر.. أوبك رفعت إنتاجها النفطي 322 ألف برميل

بايدن وسياسات الطاقة.. إيران وفنزويلا كلمتا السر في مستقبل نفط الخليج

صدام بين أوبك والكونجرس الأمريكي بسبب أسعار النفط