بعد انتصاره على ترامب.. هل يتجه بايدن لإعادة إحياء الاتفاق النووي؟

الأحد 8 نوفمبر 2020 08:14 م

مع فوز "جو بايدن" في الانتخابات الأمريكية، حان الوقت الآن لدراسة كيف ستنظر الإدارة الأمريكية الجديدة إلى إيران، فقد أحدث "دونالد ترامب" صدمة عبر وزارات الخارجية في العالم عندما انسحب من الاتفاق النووي الإيراني بحجة عدم التزام طهران، بالرغم أن الاتفاق قيّد قدرة إيران على إنتاج أسلحة نووية من خلال تعطيل معظم برنامجها النووي والحد من المدى الذي يمكنها فيه تخصيب اليورانيوم، تحت إشراف دولي صارم.

تم التوقيع على الاتفاقية من قبل مجموعة 5 +1 (الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بالإضافة إلى ألمانيا) من جهة وإيران من جهة أخرى. كان الأوروبيون منخرطين بشكل خاص في الصفقة. وشارك ممثلو الاتحاد الأوروبي المتعاقبون للشؤون الخارجية والسياسة الأمنية عن كثب في المفاوضات، وكذلك وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة. من يستطيع أن ينسى المؤتمرات الصحفية العديدة لوزير الخارجية الألماني السابق "فرانك فالتر شتاينماير" أمام الفنادق السويسرية على ضفاف بحيرة جنيف في عمق الشتاء؟

عندما انسحب "ترامب" من الاتفاقية في 2018، حاول الأوروبيون إقناع طهران بالالتزام من جانبها بالصفقة، وهو ما فعلته لفترة طويلة بشكل لم يكن متوقعا. ويبدو أن "بايدن" يريد النظر في تجديد الاتفاق.

يدرك "بايدن" جيدا عيوب الاتفاق، ويشاع أنه يريد تحسينه، لكن من المعروف أنه تم إنشاء حقائق اقتصادية وسياسية جديدة منذ صيف 2018. وقد أثرت العقوبات الأمريكية على إيران بشدة حيث انخفض إنتاج النفط من 3.8 مليون برميل يوميًا في يونيو/حزيران 2018 إلى 1.9 مليون برميل في أغسطس/آب 2020، مع الحد الأدنى من الصادرات.

لم تكن هناك طريقة لتجنب الذراع الطويلة لوزارة الخزانة الأمريكية عندما يتعلق الأمر بآليات الدفع. حاول الأوروبيون إيجاد غرفة مقاصة باليورو تتجنب الدولار وتسمح بالدفع باليورو بدلاً من ذلك. ولم تنطلق آلية "انستكس" (وهي أداة دعم التبادل التجاري)، لأن أي بنك مشارك كان سيواجه عقوبات على عملياته في الولايات المتحدة.

وواجهت البنوك وشركات الخدمات المالية الأوروبية مثل "UBS" و"Commerzbank" و"Barclays" وبنوك أخرى خيارات محدودة: إما العمل مع الاقتصاد الذي يحتل المرتبة 28 في العالم أو مع أكبر اقتصاد. وعندما انتهى حظر الأسلحة الذي فرضته الأمم المتحدة في أكتوبر/تشرين الأول ابتهجت إيران لكن الولايات المتحدة فرضت المزيد من العقوبات.

صحيح أن روسيا والصين أجرتا أعمالاً تجارية مع إيران، ولكن فقط لتعزيز مصالحهما الخاصة في الشرق الأوسط حيث تعاونت موسكو مع طهران في دعم "بشار الأسد" في سوريا، كما أن الصين عازمة على توسيع قوتها الاقتصادية والجيوسياسية في الشرق الأوسط وآسيا الوسطى. وتجدر الإشارة إلى أن إيران تشارك في مبادرة الحزام والطريق وهي أيضًا مراقب في منظمة شنجهاي.

أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لإيران، بحجم تبادل بلغ 20.7 مليار دولار للسنة المنتهية في مارس/آذار 2020. وتستكشف إيران مزيدًا من التعاون الاقتصادي مع الصين في قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والمجالات العسكرية والبحرية.

على الصعيد السياسي، أوضح النظام الإيراني أنه ليس بالضرورة مستعدًا للدخول مرة أخرى في مفاوضات على الاتفاق النووي، موضحًا أن التفاوض يتم مع الدول، وليس مع الإدارات الأمريكية المتعاقبة. ولكن التأثير الاقتصادي للعقوبات الأمريكية قد يخفف من حدة هذا الموقف، كما قد يساهم الدمار الناجم عن جائحة "كورونا" في ذلك أيضا.

ومع ذلك، يراهن الرئيس "حسن روحاني" على الاتفاق النووي حيث ستجري الانتخابات الرئاسية في إيران في مايو/أيار المقبل، الأمر الذي سيترك لإدارة "بايدن" 3 أشهر فقط للتوصل إلى اتفاق جديد لأنه في حال فاز المتشددون بالسلطة مرة أخرى في طهران، فسيوقف ذلك أي اتفاق نووي.

دعونا أيضًا لا ننسى أنه أياً كان الرئيس الأمريكي الجديد، فإن محاربة الوباء واستعادة الاقتصاد ستكون على رأس قائمة أولوياته.

أما بالنسبة للأوروبيين، فسيرحبون بإحياء الاتفاق النووي فالشرق الأوسط هو الجار القريب لأوروبا. وبالنسبة لبروكسل والعواصم الأوروبية الأخرى، كلما قلت التوترات كان ذلك أفضل. كما تشعر أوروبا بالقلق من المكاسب الجيوسياسية لروسيا في الشرق الأوسط، ويخشى العديد من القادة الأوروبيين من تنامي العلاقات السياسية والاقتصادية بين بكين وطهران.

وإذا اختارت إدارة أمريكية جديدة إعادة الانخراط في الاتفاق النووي، فيمكنها الاعتماد على دعم الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، "جوزيب بوريل"، ووزراء الخارجية في لندن وباريس وبرلين.

يجب أن تتجنب أي مفاوضات مستقبلية عيبًا فادحًا في الاتفاق الأخير، وهو إغفال دول الخليج بشكل كامل. فإذا كانت أوروبا مهتمة بجيرانها، فإن الرياض وأبوظبي، أقرب إلى طهران من أي عاصمة أوروبية. وتجدر الإشارة إلى أن هناك حقائق جديدة على الأرض حيث تسمح اتفاقيات "إبراهام" لبعض الدول الخليجية بمشاركة مخاوف (إسرائيل) بشكل أكثر علانية بشأن الترسانة النووية الإيرانية والتدخل الإقليمي.

وبغض النظر عن مزايا أو عيوب الاتفاق النووي الذي انسحب منه "ترامب"، فسيكون من الصعب على أقل تقدير إحياء روح عام 2015.

المصدر | كورنيليا ماير/أوراسيا ريفيو – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الاتفاق النووي الإيراني جو بايدن العقوبات على إيران الاتحاد الأوروبي

من السعودية إلى إيران.. كيف سيتعامل بايدن مع هذه الملفات؟

مرشحة بايدن لنائب الرئيس الأمريكي تعارض ضرب إيران

بايدن يدعو إلى تخفيف العقوبات على إيران لمساعدتها في مواجهة كورونا