بعد خسارة ترامب.. كيف يواصل داعموه التأثير في السياسة الخارجية لأمريكا؟

الأحد 8 نوفمبر 2020 03:13 م

كان انتصار "جو بايدن" على "دونالد ترامب" مؤشرا على الرفض الحاسم لسياسات "ترامب" المثيرة للانقسام وسوء إدارة جائحة "كوفيد-19"، والسياسة الخارجية الصاخبة تجاه إيران التي شملت الانسحاب من الاتفاق النووي واغتيال الجنرال "قاسم سليماني" في بغداد وتصعيد عقوبات "أقصى ضغط" في الوقت الذي كانت فيه مستشفيات البلاد على حافة الهاوية خلال جائحة عالمية.

لكن دفع الولايات المتحدة إلى حافة الحرب مع إيران كان هدفا رئيسيا لثلاثة من أكبر المتبرعين لحملة "ترامب" وهم قطبي صالات الكازينو "شيلدون وميريام أديلسون"، ومؤسس "هوم ديبوت" "بيرني ماركوس". ومن غير المرجح أن ينتهي دور هؤلاء في تمويل الصقور من السياسيين والباحثين في مراكز الأبحاث في واشنطن بهزيمة مرشحهم الرئاسي المفضل.

وكان تأثير "آل أديلسون" على سياسة "ترامب" تجاه الشرق الأوسط واضحا. وكان "شيلدون أديلسون" (الذي اقترح عام 2013 تفجير قنبلة نووية في "صحراء إيرانية والتهديد بشن هجوم نووي على طهران إذا لم تتخل إيران عن برنامجها النووي) هو من رشح "جون بولتون" لمنصب مستشار الأمن القومي لـ "ترامب".

وكان دعم "أديلسون" المالي لحملة "ترامب" عام 2016 هو ما دفع "ترامب" لتغيير موقفه بشأن السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، ما جعله يتماشى بشكل وثيق مع آراء "أديلسون" المتشددة والمؤيدة لحزب الليكود الإسرائيلي.

وقدم "ترامب" خدمات فيما يخص القضايا المهمة لعائلة "أديلسون"، بما في ذلك إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس. وتكريما لكبار المانحين، أعطى "ترامب" وسام الحرية الرئاسي إلى "ميريام أديلسون"، ما ساعد بلا شك في تمهيد الطريق لدعم "آل أديلسون" لمحاولة إعادة انتخابه.

واستمر "آل أديلسون" في دعم "ترامب"، حيث ساهموا بمبلغ 75 مليون دولار للحفاظ على تأييد الأمريكيين لـ"ترامب". أما "بيرني ماركوس"، الذي قال في حوار مع "فوكس بيزنس" إن "إيران هي الشيطان"، واتهم ضحايا الهولوكوست بأنهم ضعفاء وخاضعون، فغالبا ما تتضاءل جهوده أمام سخاء "أديلسون"، لكنه ليس متبرعا صغيرا، فقد ساهم بـ 5 ملايين دولار في برنامج "حافظوا على أمريكا"، ما جعله ثاني أكبر مانح لحملة "ترامب" بعد "آل أديلسون".

وبينما أدت خسارة "ترامب" إلى خروجه من الحياة السياسية، على الأقل في الوقت الحالي، من غير المرجح أن ينتهي تأثير كبار المانحين له على الحزب الجمهوري ومناقشات السياسة الخارجية داخل أروقة الحزب.

وربما كان "آل أديلسون" أكبر داعمي "ترامب"، لكن حجم دعمهم للحزب الجمهوري أكبر بكثير. وفي الدورة الانتخابية لعام 2020، من المتوقع أن يكون "شيلدون" و"ميريام" قد ساهما مجتمعين بما مجموعه 250 مليون دولار، عند احتساب دعمهما لانتخابات الجمهوريين في مجلسي النواب والشيوخ الأخيرة.

من جانبه، ساهم "ماركوس" بأكثر من 10 ملايين دولار في انتخابات مجلسي النواب والشيوخ الجمهوريين في دورة انتخابات 2020.

باختصار، ربما خسر هؤلاء ورقة "ترامب"، لكنهم يستمرون في تشكيل العمود الفقري لجهاز تمويل حملات الحزب الجمهوري. ويأتي هذا، بلا شك، مع تأثير كبير على مواقف السياسة الخارجية للحزب. وقد أنفق كل من "آل أديلسون" و"ماركوس" بسخاء على التأثير في النقاشات حول السياسة الخارجية للحزب.

وبالبحث عن مثال قريب يمكن النظر في مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات، وهي مؤسسة فكرية مؤثرة يدعو موظفوها بانتظام إلى عمل عسكري ضد إيران، وتشيد بسياسة "أقصى ضغط" الفاشلة لإدارة "ترامب"، وعملت كمركز لبرنامج مثير للجدل تموله وزارة الخارجية في عهد "ترامب" يستهدف مضايقة المعارضين لسياسة البيت الأبيض الخارجية في الشرق الأوسط.

وساهم "شيلدون أديلسون" بأكثر من 1.5 مليون دولار للمجموعة بين عامي 2008 و2011، وساهم "ماركوس" بأكثر من 10 ملايين دولار في نفس الأعوام. وبينما تقول المجموعة إن "أديلسون" لم يعد ممولا، يواصل "ماركوس" المساهمة بأكثر من ثلث الميزانية السنوية للمجموعة، حيث أرسل 4.3 مليون دولار للمجموعة في عام 2018 وحده. كما مولت "عائلة أديلسون" منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، وهي مجموعة غامضة مناهضة لإيران دعت إلى فرض حظر فعلي على الغذاء والدواء لإيران.

وتمثل خسارة "ترامب" انتكاسة للصقور الذين استثمروا ملايين الدولارات في انتخاب وإعادة انتخاب "ترامب" وحثه على المواجهة مع إيران. لكن أدوارهم المتضخمة في تمويل حملات الجمهوريين للكونجرس قد تمنحهم الأمل في مستقبل جيد لجناح الصقور داخل الحزب الجمهوري.

وفي حين سيكون موقف "ترامب" في كتب التاريخ محل نزاع حاد، كشفت "ميريام أديلسون" عن إعجابها بواحد من أكثر رؤساء أمريكا إثارة للانقسام في عمود في يوليو/تموز 2019 في "لاس فيجاس ريفيو جورنال"، وهي صحيفة مملوكة لعائلة "أديلسون"، حيث احتفت بنقل السفارة الأمريكية إلى القدس وانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني.

وكتبت "أديلسون"، التي تحمل الجنسيتين الأمريكية والإسرائيلية: "يتجمع العالم حول أمريكا قوية، وتظهر هذه القوة بشكل أفضل من خلال الحفاظ على الثقة مع حلفاء الولايات المتحدة، و(إسرائيل) على رأسهم".

وكان من المتوقع أن يتمتع "ترامب" بدعم كاسح بين يهود الولايات المتحدة، تماما كما يفعل بين الإسرائيليين. لكن ليس هذا هو الحال، وهو أمر غريب سيبحثه المؤرخون لفترة طويلة. ولا شك أن رجال الدين المسيحيين يمكنهم إخبارنا بقصص أبطال وحكماء وأنبياء من العصور القديمة رفضهم أقوامهم!

وأظهرت عائلة "أديلسون"، التي تمتلك ثروة تبلغ 31 مليار دولار، و"ماركوس"، الذي تبلغ ثروته 6 مليارات دولار، استعدادهم للإلقاء بدعمهم المالي خلف المرشحين والمؤسسات التي تقرب الولايات المتحدة من الحرب مع إيران وتمكن لنهج حزب الليكود الإسرائيلي التوسعي لحدود (إسرائيل).

وكانت هذه هي شروط ثلاثة من أكبر ممولي الحزب الجمهوري من أجل دعم جيل جديد من السياسيين الجمهوريين الذين لديهم طموحات على الساحة الوطنية.

المصدر | إلي كليفتون/ريسبونسيبل ستيتكرافت - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

الانتخابات الرئاسية الأمريكية جو بايدن دونالد ترامب الصقور الجمهوريين آل أديلسون

تحقيقات أمريكية في تورط بنك مصري بتمويل حملة ترامب 2016

ترامب يكرر تهم التزوير.. وتويتر يحذره من التضليل