كيف يمكن أن تتغير السياسة الأمريكية بالشرق الأوسط في عهد بايدن؟

الثلاثاء 10 نوفمبر 2020 08:22 م

عمل "جو بايدن" على رسالة "استعادة روح أمريكا" على أمل جذب الأمريكيين الذين كانوا يتوقون للعودة إلى الفترة التي سبقت "دونالد ترامب". في مجال السياسة الخارجية، يتوافق هذا إلى حد كبير مع الحنين إلى القيادة الأمريكية على المسرح العالمي. في الشرق الأوسط، تميل "القيادة الأمريكية" إلى التدخل العسكري. لذلك، فإن رسالة العودة إلى الوضع الراهن قبل "ترامب" يجب أن تثير قلق الأمريكيين الذين سئموا الحروب التي لا نهاية لها في المنطقة.

للتوضيح، بالرغم من كل تصريحاته حول عمليات الانسحاب المزعومة للقوات وعلى الرغم من "اتفاقيات السلام" التي تم التباهي بها (والتي تُفهم على أنها صفقات أسلحة)، ترك "ترامب" نفس العدد تقريبا من القوات في الشرق الأوسط في نهاية عام 2020. كما كان هناك قبل 4 سنوات. لا ينبغي لأحد أن ينخدع بأكاذيبه حول إنهاء الحروب التي لا تنتهي. ومع ذلك، بدا أنه يفهم أن الأمريكيين قد سئموا الهدر الهائل للدم والثروة في الشرق الأوسط.

وفقا لاستطلاعات الرأي العام، يريد الأمريكيون المزيد من الدبلوماسية والقليل من العمل العسكري في الخارج. إن اعتبار انتخاب "بايدن" بمثابة تفويض للبقاء في الشرق الأوسط هي رسالة خاطئة يجب التخلص منها.

ومع ذلك، يرث "بايدن" التحديات المحلية المتداخلة لـلوباء والانهيار الاقتصادي؛ لذلك من المحتمل أن يركز الرئيس الجديد طاقته على هذه الأزمات، وبالتالي ربما يترك الشؤون الدولية لفريق السياسة الخارجية، الذي من المرجح أن يتكون إلى حد كبير من مؤسسة السياسة الخارجية للعاصمة أو "الفقاعة".

هناك إجماع بين جماعة "الفقاعة" على مر السنين أن الوجود العسكري الأمريكي الكبير في الشرق الأوسط يوفر قدرا أكبر من الاستقرار للسكان المحليين والمزيد من الأمن للأمريكيين. ولا يزال هذا الرأي قائما في وجه كل الأدلة المتناقضة، بما في ذلك أعلى حالات الإرهاب والحرب والاستبداد.

ينظر العديد من هؤلاء المحللين أنفسهم إلى الولايات المتحدة باعتبارها أفضل أمل لحماية حقوق الإنسان في الشرق الأوسط، بالرغم من عقود من دعم الديكتاتوريين.

يوضح البحث الأكاديمي أن الدعم الأمريكي العسكري والعام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يميل إلى تعزيز الاستبداد بدلا من معارضته. طالما بقي الهدف الأساسي للحكومة الأمريكية في المنطقة هو الهيمنة العسكرية، فإن جميع الأهداف الأخرى ستكون ثانوية وسيتم التضحية بها كثيرا.

ومع ذلك، فإن بعض غرائز "بايدن" تجاه الشرق الأوسط مشجعة. لقد قال في المناظرة الرئاسية الأخيرة إنه سيجعل السعودية منبوذة. نأمل أن يعني ذلك إنهاء كل الدعم الأمريكي للحرب الوحشية المستمرة للسعوديين على اليمن، وكذلك إنهاء مبيعات الأسلحة الأمريكية لـ"آل سعود".

ومع ذلك، فإنه يحتاج أيضا إلى معالجة السلوك الإشكالي للإمارات، التي تُعتبر مسؤولة أيضا عن بؤس اليمن. لطالما كانت الإمارات بارعة في بناء سمعة دولية للتسامح، مع مبادرات رفيعة المستوى مثل إنشاء وزارة التسامح عام 2016، واستضافة "البابا فرنسيس" عام 2019، وغرس صورة عالمية من الانفتاح. ومع ذلك، استخدمت الإمارات قشرة التسامح الديني كورقة توت لتغطية حملات القمع العنيفة ضد المعارضة وأي تعبير عن النقد.

حاولت السعودية في عهد ولي العهد الأمير "محمد بن سلمان"، اتباع نهج مماثل. سلط ولي العهد الضوء على القضايا التي يميل الأمريكيون والأوروبيون إلى التركيز عليها، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وفتح دور السينما، مع قمع شعبه بعنف. وحتى حادث القتل الوحشي للصحفي "جمال خاشقجي"، بدا الأمر كما لو أن جهود "محمد بن سلمان" ستنجح في تحسين سمعة السعودية الدولية.

يجب أن يتعامل "بايدن" وفريقه مع الإمارات والسعودية على أنهما ملتزمان بالوضع الراهن للديكتاتورية الملكية، التي يحافظون عليها من خلال أي مستوى من الوحشية اللازمة. يجب على الولايات المتحدة وقف جميع مبيعات الأسلحة إلى كلا البلدين، بما في ذلك البيع المثير للجدل لطائرات "إف-35" إلى الإمارات.

وفي سياق متصل، يجب على "بايدن" وفريقه إنهاء كل الدعم المالي للرئيس المصري "عبدالفتاح السيسي"، الديكتاتور القمعي؛ حيث تقدم الولايات المتحدة حاليا 1.3 مليار دولار لمصر سنويا، كما أرسلت مبالغ ضخمة من المساعدات العسكرية سنويا منذ عام 1987. وقد علقت إدارة "أوباما" المدفوعات بعد أن قام "السيسي" والجيش بانقلاب ضد الرئيس المنتخب ديمقراطيا "محمد مرسي" عام 2013، ومع ذلك أعادت المساعدات في العام التالي.

تعتبر المساعدات العسكرية الأمريكية لمصر هي إرث لاتفاق السلام المصري مع إسرائيل، ولكن في ظل الظروف المعاصرة، لم يعد من الضروري رشوة الحكومة المصرية للحفاظ على السلام مع إسرائيل؛ فالاثنان شريكان استراتيجيان وثيقان.

لن يفعل "بايدن" وفريقه ذلك، لكن يجب على الإدارة المستقبلية إنهاء المساعدات الأمريكية لإسرائيل. يمكن القول إن إسرائيل تمتلك أقوى جيش في المنطقة؛ وذلك بفضل أسلحتها النووية غير السرية، فضلا عن عقود من المساعدة الأمريكية. تُظهر اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الإمارات والبحرين والسودان أن إسرائيل لم تعد محاطة بأعداء يهددون بتدميرها.

وقد جعل هذا الأمر بعض الأعضاء البارزين في واشنطن يعترفون بأن إسرائيل لم تعد بحاجة إلى الولايات المتحدة لدعمها. على الأقل، يجب على إدارة "بايدن" أن تجعل المساعدة الأمريكية لإسرائيل مشروطة بجهود هادفة لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

وحتى يتم تحقيق سلام دائم، سيظل الأمن الإسرائيلي هشا وستستمر الانتهاكات الشنيعة للفلسطينيين.

ومع ذلك، فإن تغيير السياسة الذي من شأنه أن يساعد في تحقيق كل هذه الأهداف هو إنهاء الدعم الأمريكي للديكتاتوريات الوحشية مثل السعودية والإمارات ومصر، ودعم السلام بين إسرائيل وفلسطين، وحماية حقوق الإنسان، ويعد خفض ميزانية البنتاجون خطوة أولى مهمة. لكن إصلاح تمويل الحملات وإغلاق الباب الدوار بين شركات الضغط والمواقف الحكومية أمر بالغ الأهمية ليس فقط لدعم مستقبل أكثر سلاما في الشرق الأوسط، ولكن أيضا لمستقبل الديمقراطية في الولايات المتحدة.

توفر رئاسة "بايدن" فرصة لإعادة ترتيب دور أمريكا في الشرق الأوسط والعالم، وستضيع هذه الفرصة إذا حاولت الإدارة المقبلة العودة إلى سياسات الماضي الفاشلة.

المصدر | أنيل شلين/ستيتكرافت – ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

جو بايدن الشرق الأوسط القضية الفلسطينية

معهد الشرق الأوسط: رئاسة بايدن تهدد أجندة محور الثورات المضادة في ليبيا

وسط دعم جمهوري.. ترامب يتسبب بفوضى غير مسبوقة بأمريكا

لماذا تتراجع سوريا في قائمة أولويات الإدارة الأمريكية الجديدة؟

صدام أم التقاء مصالح.. ماذا تعني إدارة بايدن بالنسبة لتركيا؟