كيف تستغل الإمارات المسجد الأقصى لتسويق التطبيع؟

الخميس 12 نوفمبر 2020 11:50 ص

أثارت صفقة التطبيع الأخيرة بين الإمارات وإسرائيل التوترات في المسجد الأقصى، والذي كان بالفعل نقطة اشتعال رئيسية.

وتهدف الصفقة إلى زيادة عدد المصلين الإماراتيين في المسجد، ما أثار ردة فعل قوية من الفلسطينيين الذين طردوا الزوار الإماراتيين من الأقصى الشهر الماضي.

تتعرض حقوق الفلسطينيين والعرب والمسلمين في الأقصى للانتهاك وسط ضجة إعلامية حول صفقة التطبيع.

وتشير "خطة السلام" الأمريكية، والتي صدرت في وقت سابق من هذا العام، إلى أنه يجب السماح لـ"الناس من كل دين" بالصلاة في الأقصى، بدلاً من الوضع الراهن، الذي يتم فيه السماح للمسلمين فقط بالصلاة في الموقع.

وقد أثار قرار الإمارات بتطبيع العلاقات مع إسرائيل في صفقة تدعمها الولايات المتحدة موجة من الرفض الفلسطيني، حيث عُلقت ملصقات ضخمة في المسجد الأقصى تحمل شعار "محمد بن زايد خائن"، في إشارة إلى ولي عهد أبوظبي الذي أشعلت النار في صوره، وأصدر مفتي القدس فتوى تمنع المسلمين من الصلاة في الأقصى في إطار الصفقة الإماراتية الإسرائيلية.

وقد شجع المستشار الرئاسي الأمريكي "جاريد كوشنر" المسلمين من دول الخليج العربي على التدفق على الأقصى، مشيرًا إلى أن هذه الحشود يمكن أن ترى بنفسها أن "المسجد ليس في خطر على عكس ما يدعي الفلسطينيون".

وبحسب ما ورد ناقش مسؤولون إسرائيليون وأمريكيون هدف وصول مليوني زائر مسلم إلى إسرائيل سنويًا، سيزور معظمهم الأقصى تحت شعار "السلام الديني"، وكان هذا العدد قد وصل إلى 98 ألف سائح مسلم في 2018.

وقال "خالد أبوعرفة"، وزير شؤون القدس الأسبق، إن "الصفقة الإسرائيلية الإماراتية تثير القلق والخوف داخل الأوقاف الأردنية وبين الفلسطينيين، لأنها تهدف إلى إعطاء الإمارات دورًا جديدًا داخل الأقصى".

وأضاف أن "الاحتلال الإسرائيلي سيدفع باتجاه اتخاذ إجراءات أمنية لحماية سياحه من خلال شق طرق جديدة، وإغلاق الشوارع، وتقييد مسار السائحين الإماراتيين للمجيء عبر المرشدين السياحيين اليهود، الذين سينشرون روايتهم عن الأقصى والقدس".

وبات واضحا أن كل المسؤولين العرب الذين سيزورون المسجد الأقصى سيكونون تحت رعاية دولة الاحتلال.

وقد استقبلت إسرائيل في السنوات الأخيرة، عددًا من وزراء الخارجية العرب الذين زاروا المسجد الأقصى، بمن فيهم وزير الخارجية المغربي "ناصر بوريطة" ووزير الخارجية العماني "يوسف بن علوي" في عام 2018، كما زار وفد كويتي القدس العام الماضي.

ولم ينس الفلسطينيون المقدسيون ما حدث قبل عام عندما طردوا المدون السعودي "محمد سعود" من ساحة الأقصى وألقوا الكراسي عليه، ولم يكن أول من تلقى مثل هذا الاستقبال؛ ففي عام 2003، تعرض وزير الخارجية المصري الأسبق "أحمد ماهر" للضرب ووصف بـ"الخائن" و"المتعاون".

وقال "أحمد أبوحلبية"، رئيس لجنة القدس في المجلس التشريعي الفلسطيني، لموقع "ميدل إيست آي" إن "الخطة الإسرائيلية هي تأكيد للتطبيع الكامل بين إسرائيل والإمارات تحت مظلة الصلاة في المسجد الأقصى. وبالرغم من هذه الصفقة، فإن المقدسيين لن يسمحوا للإماراتيين وغيرهم بتدنيس حرمة الأقصى باستخدام الصلاة لإضفاء الشرعية على اتفاقهم الباطل مع إسرائيل".

ووفقًا لتقرير صدر مؤخرًا عن منظمة "تيريستريال جيروزاليم"، تشير الصفقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل والإمارات إلى "خروج جذري عن الوضع الراهن، مع تداعيات بعيدة المدى ومتفجرة".

وقد أشار البيان المشترك للدول الثلاث في أغسطس/آب الماضي إلى أن "جميع المسلمين الذين يأتون بسلام يمكنهم زيارة المسجد الأقصى والصلاة فيه، ويجب أن تظل الأماكن المقدسة الأخرى في القدس مفتوحة للمصلين السلميين من جميع الأديان".

وقد يكون هذا هو البند الأكثر خطورة في الصفقة، لأنه ينطوي على تغيير كبير في الوضع الراهن للمدينة المقدسة لصالح إسرائيل.

ووجد تقرير "تيريستريال جيروزاليم" أنه بالإشارة فقط إلى المسجد الأقصى نفسه وليس إلى مجمع الحرم الشريف بأكمله، فإنه بالنسبة لإسرائيل والولايات المتحدة لا تعتبر بقية المناطق في الحرم جزءا من المسجد الأقصى. وبناءً على ذلك، قد يُسمح لليهود الآن بالصلاة في الحرم القدسي.

وقال "خليل تفكجي"، خبير الخرائط السياسية في القدس، إنه يعتقد أن النهج الإماراتي تجاه القدس سبقته خطة سعودية للتواصل مع شخصيات في القدس لإيجاد موطئ قدم في المدينة، لكن الفلسطينيين رفضوا مبادراتهم.

وإذا وصل المصلون الإماراتيون للصلاة في المسجد الأقصى، فإنهم سيؤدون الصلاة فقط في الأماكن المغلقة خوفا من رد الفعل الفلسطيني.

وإلى جانب هدف جلب مليوني مسلم إلى الأقصى، فقد أعلن وزير شؤون القدس الإسرائيلي "رافي بيرتس"، عن خطة لجلب آلاف السائحين من الإمارات إلى القدس للصلاة والإقامة في فنادقها، ويتم كل هذا في محاولة لترسيخ مكانة القدس كعاصمة لإسرائيل.

ويعتقد بعض المحللين الفلسطينيين أن خطة الإمارات لجلب المصلين إلى المسجد قد لا تنجح، مشيرين إلى أن الإماراتيين قد لا يتوافدون بأعداد كبيرة، حيث سيزور معظمهم تل أبيب بغرض السياحة والترفيه.

كما أثار النهج الإسرائيلي - الإماراتي مخاوف لدى سلطات الوقف التي تدير المسجد الأقصى والتي تخشى من تهميش الأدوار الأردنية والفلسطينية.

وتزعم آلة الدعاية الإماراتية، في سياق تسويق التطبيع مع إسرائيل، أن الاتفاقية تزيد من حرية وصول المسلمين لزيارة المسجد الأقصى، وكأن هذه الزيارات تعني التحرر من الاحتلال الإسرائيلي.

توصلت الإمارات بالفعل إلى اتفاق مع بلدية القدس لبناء منطقة صناعية تكنولوجية في حي وادي الجوز بالقدس الشرقية المحتلة، بتكلفة تقدر بملياري شيكل، أي حوالي 600 مليون دولار.

وقال "جمال عمرو"، الخبير في شؤون القدس إن "هناك فلسطينيين مقدسيين مشاركين في المشروع، ويعتبرون أنفسهم مبعوثين للإمارات في الساحة الفلسطينية، لقد قاموا بعملية غسيل مخ  لبعض المقدسيين لإقناعهم بالمشاركة في هذه المشاريع".

المصدر | عدنان أبوعامر | ميدل إيست آي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

المسجد الأقصى التطبيع الإماراتي الإسرائيلي القدس

مفاجأة.. بند في اتفاق التطبيع الإماراتي يسمح لليهود بالصلاة داخل الأقصى

بعد التطبيع.. مفتي القدس يحرّم على الإماراتيين الصلاة بالمسجد الأقصى

كاتب سعودي مروجا مزاعم إسرائيلية: الأقصى بالمملكة وليس القدس

اتفاق رباعي لدخول سياح الإمارات والبحرين المطبعين إلى الأقصى

فتح تنفي الموافقة على دخول السياح الإماراتيين والبحرينيين للأقصى

سفير فلسطين في إيران يعد خامنئي بالصلاة في الأقصى

مؤسسة دولية: تدخل إماراتي بانتخابات القدس لصالح إسرائيل