أردوغان وصهره.. الرئيس يتحرك لإنقاذ الاقتصاد والحزب الحاكم

الجمعة 13 نوفمبر 2020 07:58 م

اكتشاف الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، الوضع الحقيقي للاقتصاد، بعد تقارير عدة من الحكومة وحزبه الحاكم "العدالة والتنمية"، كان وراء انسحاب صهره "براءت ألبيرق" من المشهد السياسي؛ وهي الخطوة التي اعتُبرت إنقاذا لاقتصاد البلاد والحزب الذي بدأ يتململ من نفوذ الوزير القوي.

والأحد، أعلن "ألبيرق" استقالته بشكل مفاجئ عبر بيان نشره على حسابه الرسمي على "أنستجرام"، مرجعا قراره إلى ما قال إنها أسباب صحية.

ولم يكن هناك أي ذكر في الاستقالة للرجل الذي جعله ثاني أقوى رجل في الحكومة والمدين له بمسيرته السياسية، أي "أردوغان".

واستغرق الأمر أكثر من 24 ساعة قبل أن ترد الحكومة، مع بيان مقتضب من الرئاسة قالت فيه إن "أردوغان" قبل الاستقالة، وقرر تعيين "لطفي علوان" وزيرا جديدا للخزانة والمالية.

هذا التطور دفع صحيفة "فايننشال تايمز" الأمريكية، للقول إن الأزمة الاقتصادية الكبيرة التي تعاني منها تركيا، كانت وراء استقالة "ألبيرق" من الحكومة، وجاءت بعد أشهر من التحديات المتزايدة.

وأضافت أن تركيا شهدت أسبوعا من دراما سياسية وعائلية، بدأت برحيل "ألبيرق"، لكنها كانت متوقعة منذ أشهر، نتيجة المشاكل الاقتصادية المتزايدة وانهيار العملة المستمر.

وقالت الصحيفة إن سبب اندلاع الانفجار السياسي والعائلي، هو اكتشاف "أردوغان" الوضع الحقيقي للاقتصاد.

وتعرض "أردوغان" في الأسابيع الماضية لضغوط من داخل حزب العدالة والتنمية الذي عانى من تراجع في شعبيته، بسبب فيروس "كورونا"، وارتفاع أسعار المعيشة، ومعدلات البطالة، وانهيار قيمة العملة التركية.

وظل "ألبيرق" طوال الأشهر الماضية، يؤكد أن تركيا في وضع اقتصادي أفضل من الدول المنافسة لها، وتعيش وسط عملية تحول اقتصادي كبرى.

وردد نفس الكلام في اجتماع مع نواب حزب العدالة والتنمية، في الأسبوع الماضي، حسب الإعلام التركي.

وأكد أن الليرة التي فقدت ثلث قيمتها أمام الدولار الأمريكي، منذ بداية العام الحالي، يجب ألا تكون المعيار الوحيد للحكم على صحة الاقتصاد.

ولكن "أردوغان" قرر التحرك أخيرا، عندما قُدمت له كشوفات عن حجم الأزمة الاقتصادية، وذلك حسب مسؤولين من داخل حزب العدالة والحكومة، خاصة الوضع الخطير للعملة الصعبة داخل المصرف المركزي.

وعند استبعاد الأموال المقترضة والمسؤوليات الأخرى جانبا، فوضع العملة الأجنبية خطير، حيث وضعتها تقديرات بحوالي 50 مليار دولار في نهاية شهر سبتمبر/أيلول.

والعجز هذا سببه التدخل "الفاشل" في العملة الذي قاده "ألبيرق"، بحسب الصحيفة، والذي كلف أكثر من 140 مليار دولار خلال العامين الماضيين.

ولكن البعض يجد صعوبة في عدم معرفة "أردوغان"، الذي يلتقي عادة برجال الأعمال من كل المجالات، بالوضع الاقتصادي. ولكنّ آخرين يرون أنه عزل نفسه عن الواقع بسبب تهميشه النقاد الداخليين وإحاطته نفسه بالموالين الأشداء.

وقال مسؤول بارز داخل حزب العدالة والتنمية: "يحصل الرئيس على معلوماته من تقارير صهره.. وهو مشغول لكي يحصل على معلومات من مصادر أخرى".

وقال مصدر آخر: "هذا أمر لا يصدق، لكنه صحيح".

ووفق "فايننشال تايمز"، فقد بدأت الأحداث، السبت، عندما أعلن "أردوغان" عزل مدير المصرف المركزي، وتعيين "ناجي أغبال"، وهو حليف قديم وناقد لسياسات "ألبيرق"، والرجل الذي فتح عينيه على حجم الوضع الاقتصادي، وتحرك لتأكيد سيطرته على الاقتصاد.

وكان رد "ألبيرق" غاضبا وشديدا، وبعد أن نشر استقالته التي فاجأت مساعديه وحذفها عن "إنستجرام" و"تويتر"، اختفى عن الأنظار.

والأربعاء، قال "أردوغان" إن مدير المصرف المركزي والاقتصاد، يخططان لحملة تهدف لاستعادة ثقة المستثمرين والعملة الأجنبية التي يحتاجها الاقتصاد.

كما وعد "أردوغان" في البرلمان، هذا الأسبوع، باستراتيجية للنمو الاقتصادي على أساس الاستقرار وخفض التضخم والاستثمار الدولي، وهو تحول ملحوظ في لهجة الرئيس الذي كثيرا ما ألقى باللوم على الأجانب في المشاكل الاقتصادية لتركيا.

وبناء عليه استعادت الليرة التركية بعضا من قيمتها.

انتصار للمستائين

وبالعودة إلى استقالة "ألبيرق"، فإن قلةً ستشعر بالأسى لرحيل رجل كان محلا للسخط الواسع وصنع أعداء له داخل الدولة التركية.

وقال مسؤول في الحكومة: "شعر معظم الناس بالراحة لرحيله".

ولم يكن "ألبيرق" (42 عاما) مسؤولا عن إدارة الاقتصاد رقم 19 في العالم فقط، لكنّ المدير التنفيذي السابق المتزوج من ابنة الرئيس "إسراء أردوغان"، جمع تأثيرا واسعا داخل الحكومة وخارجها.

وشعر الكثيرون داخل حزب العدالة والتنمية، أنه كان يجهز لكي يكون خليفة لـ"أردوغان".

فيما نقلت وكالة "رويترز"، عن مصادر حزبية قولها إن الاستقالة تمثل فرصة لاستعادة الأعضاء الساخطين داخل حزب العدالة والتنمية، الذين شعروا بالتهميش بسبب الصعود السريع لـ"ألبيرق"، وعارضوا إدارته للاقتصاد المضطرب.

وكان أعضاء الحزب المحبطون، بمن فيهم بعض البرلمانيين، يفكرون في ترك "العدالة والتنمية" والانضمام إلى واحد من حزبين منشقين جديدين أنشأهما مؤسسو الحزب وحلفاء سابقون لـ"أردوغان"، وفقًا لثلاثة مسؤولين.

وقال مسؤول إن أحداث هذا الأسبوع تعني أنه "سيكون من الممكن استعادة المستائين أو الذين بدأوا يفقدون الأمل"، في إشارة إلى استقالة "ألبيرق".

وقال مسؤول كبير آخر مقرب من الحزب الحاكم: "كانت هناك انتقادات جدية فيما يتعلق ببعض سياسات ألبيرق وموقف الرئيس له"، مضيفا: "الآن يتم تنفيذ بداية جديدة".

ويرى المتشككون، أن مصاعب تركيا لا تحل بتغيير مسؤول أو بلغة لطيفة، كما أن "أردوغان" سيظل الشخصية الأقوى في السلطة ولديه مواقف غير تقليدية من الاقتصاد.

بدوره، قال مسؤول تركي كبير إن رحيل "ألبيرق" قد يؤدي إلى تعديل وزاري أوسع نطاقا للوزراء وموظفي الرئاسة.

وفي حالة قرر المصرف المركزي رفع سعر الفائدة الأسبوع المقبل، فقد يساعد على عودة الاستثمارات الضرورية.

وفي الوقت الذي يقول فيه المحللون إن مشاكل الاقتصاد التركي هي من صنع "أردوغان"، إلا أن أحداث الأسبوع الماضي، كشفت عن براجماتية، وتكيّف الرجل الذي تسيّد السياسة التركية على مدى العقدين الماضيين.

فيما قال مسؤول كبير آخر مقرب من الحزب الحاكم، إن تغيير اللهجة في الداخل قد ينعكس في سياسة أقل المواجهة في الخارج، حيث تتكيف تركيا مع التحول المتوقع في واشنطن نحو خط أكثر حزماً تجاه أنقرة.

يشار إلى أن بيان استقالة "ألبيرق" لم يكشف عن أي خلاف سياسي، لكنه ألمح إلى الخلاف في وصفه لـ"وقت صعب مثل هذا، حيث يختلط الخير والشر، حيث يصعب التفريق بين الحقيقة والأكاذيب".

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

اقتصاد تركيا براءات ألبيرق رجب طيب أرودغان العدالة والتنمية الليرة التركية

مستوى متدن لليرة التركية وألبيرق يقلل من أهمية تقلبات العملة

بلومبرج: رئيس صندوق الثروة السيادية التركي على وشك مغادرة منصبه