المخابرات السويسرية كانت تعلم فضيحة كريبتو للتجسس.. كيف؟

الأحد 15 نوفمبر 2020 10:45 ص

كشف تحقيق أجرته لجنة التدقيق البرلمانية السويسرية أن جهاز المخابرات السويسري، كان على علم، بل واستفاد من تورط شركة "كريبتو" ومقرها مدينة تزوغ السويسرية، في عمليات تجسس قادتها الولايات المتحدة الأمريكية وامتدت عدة عقود، ما عرض سمعته للخطر.

وكشف التحقيق الذي استمر لـ9 أشهر، أن جهاز المخابرات السويسري على علم بكون وكالة المخابرات المركزية الأمريكية كانت وراء شركة "كريبتو" التي تتخذ من سويسرا مقراً لها وذلك منذ عام 1993.

ويقول التحقيق إن جهاز المخابرات السويسري "قد تعاون معهم فيما بعد، لجمع المعلومات من مصادر أجنبية".

وخلص التقرير، حسب صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، إلى أن "السلطات السويسرية كانت مدركة، وفي بعض الأحيان متواطئة في عملية تجسس دقيقة، والتي امتلكت بموجبها المخابرات الأمريكية سرا إحدى الشركات السويسرية المعروفة باسم (كريبتو آي جي)، والتي كانت تسيطر عليها".

وأشار إلى أن "هذه الشركة كانت تبيع أجهزة التشفير المغشوشة للحكومات الأمريكية".

وانطلقت تحقيقات لجنة التدقيق البرلمانية بعد أن كشفت قناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالألمانية (SRF) وقناة التلفزيون الألماني (ZDF) وصحيفة "واشنطن بوست"، أن شركة "كريبتو" ومقرها سويسرا، كانت متورطة في عملية تجسّس دولية ضخمة، بقيادة وكالة المخابرات المركزية الامريكية، وقد تورط في هذه العملية أيضًا جهاز المخابرات الألمانية (بي إن دي BND).

واشترت أكثر من 100 دولة حول العالم، أجهزة تشفير مصنوعة من طرف شركة "كريبتو آي جي"، والتي كانت تمارس أعمالها تحت ستار الحياد السويسري.

شملت تلك الدول الضحية كلا من السعودية والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وعمان، وقطر، وسوريا، والإمارات، والجزائر، ومصر، وليبيا، والمغرب وتونس إضافة إلى إيران ودول أخرى.

وجرى إنشاء شركة "كريبتو" عام 1970، وتخصصت بصناعة أجهزة تشفير وبيعها لأكثر من 120 دولة، لتهيمن عبر العقود الماضية على هذا السوق منذ البداية، وهي مسيطرة على أكثر من 40% من القنوات الدبلوماسية السرية، وقد حققت من خلال بيع وإنتاج هذه الأجهزة ملايين الدولارات.

كما شكلت إيران والدول العربية ودول أمريكا اللاتينية، والهند وباكستان أهم عملائها، بالإضافة إلى عدة دول حليفة خلال الحرب الباردة، وفي فترات التنافس المحموم على صناعة الأسلحة النووية.

ولكن روسيا والصين لم تثقا أبدا في هذه التقنيات، ورفضتا التعاون مع الشركة.

ووفق التحقيق، اتضح أن الشركة كانت تتبع إلى وكالة المخابرات المركزية الأمريكية وجهاز المخابرات الألماني، والتي كان بإمكانها قراءة ما شفرته الأجهزة المباعة للدول، بحرية كاملة.

كما أن تلك المعلومات التي تم اعتراضها بمساعدة أجهزة شركة "كريبتو"، قد غيرت مجرى الأحداث، بما في ذلك قضية الرهائن في إيران في عام 1979، وتزويد بريطانيا بمعلومات عن الجيش الأرجنتيني إبان حرب (الملوين/فوكلاند).

كما سهلت متابعة حملات الاغتيال في أمريكا اللاتينية، ومباغتة مسؤولين ليبيين خلال إشادتهم باعتداء على ملهى ليلي في برلين الغربية عام 1986، أسفر عن مقتل جنديين أمريكيين.

واستمر التعامل مع تلك الشركة لعقود الطويلة، ما يشير إلى حجم معلومات ضخم جمعها جهازا المخابرات بشكل سري، ودون علم زبائن الشركة، لكن هناك دلائل أولية، أشارت إلى وجود قناة سرية لدى واشنطن يتم من خلالها تهريب المعلومات إلى البيت الأبيض.

لم تقدم شركة "كريبتو" أجهزة تشفير إلى السلطات السويسرية، ومع ذلك، استفادت سويسرا من التنصت الذي أتاحته هذه الأجهزة وفقًا للتقرير.

وقال "فيليب باور"، عضو اللجنة البرلماني والذي يقود التحقيق، كانت هذه خدمة لبلدنا، وبشكل خاص في قضية الرهائن في ليبيا.

وسعى التحقيق إلى تحديد من كان على علم من أفراد الحكومة السويسرية بالقضية ومتى.

وكجزء من التحقيق، تساءلت اللجنة عن كيفية تمكّن جهاز المخابرات السويسري وأجهزة المخابرات الأجنبية، نظرًا للأهمية السياسية، من استخدام شركة مقرها سويسرا بشكل مشترك، دون علم البرلمان.

وجاء في التقرير أن "حقيقة أن هذا التعاون كان من الممكن إخفاءه عن الحكومة لفترة طويلة يسلط الضوء أيضًا على أوجه القصور في الإدارة والإشراف التي تمارسها الأخير"، ولذلك فإنّ أعلى سلطة في سويسرا تتحمل بعض المسؤولية عن أنشطة شركة كريبتو.

ولم يتم إبلاغ وزراء الحكومة الحاليين بهذه القضية، إلا في خريف 2019، قبل أشهر قليلة من نشر قناة التلفزيون العمومي السويسري الناطقة بالألمانية لتقريرها.

وردّ الكثير من السياسيين السويسريين على نتائج التحقيق، بالدعوة إلى اتخاذ المزيد من الخطوات لفهم المدى الكامل للعلاقة بين جهاز المخابرات السويسري وخدمات "كريبتو" ووكالة المخابرات المركزية الأمريكية.

وقال "بالتازار غلاتلي"، من حزب الخضر إن "سلوك جمهورية الموز هذا لا يليق بدولة القانون، ويجب أن يكون له عواقب سياسية وشخصية".

ومما يثير القلق بشكل خاص، حقيقة أن أشخاصاً في وزارة الدفاع السويسرية أتلفوا الملفات بين عامي 2011 و2014.

ويقدم وفد التدقيق 12 توصية للحكومة تتراوح بين شروط تتعلق بضرورة إبلاغ السلطات بسرعة في مثل هذه الحالات إلى اقتناء القوات المسلحة لأدوات التشفير وأرشفة الوثائق الاستخباراتية.

كما انتقد التقرير، قرار أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية بإلغاء رخصة التصدير لشركة "كريبتو إنترناشونال"، وهي من يمتلك حالياً شركة "كريبتو" محل التحقيق، وهي شركة للأمن الحاسوبي (السيبراني) تمتلكها السويد ومقرها في تزوغ، وليس لها أي علاقات، كما يقال، مع أجهزة الاستخبارات الأجنبية، حيث اضطرت الشركة السويدية بسبب الحظر، إلى تقليص أنشطتها في سويسرا.

وبدأ المدعي العام السويسري، إجراءات جنائية ضد "كريبتو إنترناشونال" في يونيو/حزيران بشأن معلومات خاطئة أو غير كاملة في طلبات التصدير الخاصة بها، تم تقديمها إلى أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية (SECO).

وتعتقد الأمانة، وهي السلطة المسؤولة من بين أمور أخرى عن تراخيص صادرات المعدات الحربية، أن الشركة التي يقع مقرها في تزوغ قد ضللتها عندما قدمت طلبات تصدير لأجهزتها.

أمّا لجنة التدقيق البرلمانية فقد وجدت أنه لا أساس قانوني للشكوى الجنائية، وأوصت الحكومة بإعادة فحص تراخيص التصدير المعلقة وسحب الشكوى الجنائية.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

التجسس المخابرات السويسرية المخابرات الألمانية المخابرات الأمريكية تحقيق برلماني

تقرير: 6 دول تمارس أنشطة تجسس في ألمانيا.. بينها سوريا والأردن

استخبارات بريطانيا تتوعد الدول المارقة بجيل التجسس الرابع