بعد قرار وزارة الخارجية (الكويتية)، طلب إبعاد دبلوماسي من السفارة الإيرانية، إثر التأكد من انكشاف علاقته بـ«خلية العبدلي»، وربط ذلك مع علاقة المجموعة بـ «حزب الله» اللبناني، ورحلات التدريب على العمليات الإرهابية، وكذلك الأسلحة التي تُنقل عن طريق البحر ـ مصدرها على الأغلب الساحل الشرقي للخليج ـ إزاء كل ذلك، نجد أننا أمام مخطط في غاية الخطورة، قد لا تنحصر أهدافه في استهداف رموز سياسية أو مؤسسات دينية أو سياسية أو اقتصادية، كما حدث في الثمانينات.
فالتهم الموجَّهة من النيابة للمقبوض عليهم تضمَّنت «الانضمام والدعوة إلى (جماعة حزب الله)، التي غرضها نشر مبادئ ترمي إلى هدم النظم الأساسية، والانتفاض بالقوة على النظام الاجتماعي والاقتصادي»، وهي تُهم قد ترقى إلى مرتبة الخيانة العظمى.
وبعد أن أصبحت القضية في يد القضاء، فإن المأمول أن تأخذ مداها بالإجراءات القضائية العادلة والحازمة.
وفي انتظار صدور الأحكام، ماذا ينبغي على النخب السياسية والاجتماعية والشخصيات وأعضاء المجالس اتخاذه من مواقف؟
التحلي بالحكمة
ومع تقدير ردود الأفعال، التي تثيرها، انكشف المخطط، إلا أن الأمر يتطلب التحلي بشيء من الحكمة والرصانة.
القضية الآن في يد القضاء، وتحت أنظار الشعب ورقابته، وهذا الموقف الحرج يتطلب الابتعاد عن إطلاق الشعارات والمطالب المُغالى فيها.
فالمطالبة بتوقيع أشد أنواع العقوبات، وفق ما أُثير في اجتماع مجلس الأمة (البرلمان الكويتي)، هو أمر بديهي، ويخضع لتقدير القضاء، كما أن المطالبة باتخاذ إجراءات بحق السفارة الإيرانية أمرٌ فيه تعجُّل.
وكذلك، فإن مطلب الجماعات الإسلامية في بيانها، بألا يقتصر الأمر على معاقبة مَن تم إلقاء القبض عليهم، وأن تطول الأشخاص والمحاضن، التي ترعرع وتغذى فيها هذا الفكر، هو مطلب ينادي بتوسيع دائرة الفتنة، لا محاصرتها..
أما مطلب الاتحاد الفيدرالي، فهو هدف منشود ومطلوب، لكنه في ظل واقع دول الخليج بعيد المنال، ما لم تحدث تغيُّرات في بنية الأنظمة، وتوجد بيئة تتشابه فيها نظم الدول، يتوافر استعداد لدى الحُكام لتقديم تنازلات عن بعض سلطاتهم على الأقل.. فإذا كانت دول الخليج عاجزة عن تحقيق حرية التبادل التجاري، فما بالنا باتحاد فيدرالي يفترض أن تنال فيه شعوب المنطقة بعض حقوق الإنسان!
مخـاطـر
من الخطورة بمكان أن ننتهز فرصة ما نتعرَّض له من مخاطر لتعميق الانقسام الاجتماعي، وتأجيج الصراع الطائفي، فتجارب ما حولنا تشير إلى أن ذلك لا منتصر فيه.
الحكمة تقول «الأكثر حرصاً، الأكثر تحملاً»، وفي الوقت نفسه، فإن على النخب والشخصيات في الجانب الآخر، وأقصد المكون الشيعي، أن يتحلوا بالعقل، والحرص على الوطن، واتخاذ مواقف تساعد في وأد الفتنة، وإطفاء نار الصراع، فالصمت والسكوت على أمر خطير يهدد ويزعزع كيان الوطن ولحمة المجتمع، ولا يخدم تعزيز التلاحم الوطني والاجتماعي.
معـالجـة الوضـع
الكثير من الكُتاب من إخواننا في الجانب الآخر لا همَّ لهم إلا إدانة تطرُّف الجماعات المحسوبة على السُنة، ولا يرون في محنة الشعب السوري إلا دول الخليج، وأنها من أشعل الحرب الأهلية هناك، وكأن الجزار «بشار الأسد» و«حزب الله» وإيران وروسيا لا دور لهم في قتل أكثر من ثلاثمائة ألف سوري وتشريد 12 مليوناً من المواطنين السوريين.
معالجة الوضع، ومحاصرة شرارة الفتنة، واجب الجميع الحريصين على مصلحة المجتمع ووحدة الوطن، وهي فوق المصالح الفئوية والمذهبية، وأكبر معول لنخرها وهدمها، هو التعصب الأعمى والاصطفاف في طابور بعيد عن متطلبات مصلحة المجموعة، فنحن في النهاية في سفينة واحدة إذا غرقت غرق الجميع.