السيسي في باريس: صفقات الأسلحة أولاً والإنسان آخراً

الأربعاء 9 ديسمبر 2020 08:22 ص

السيسي في باريس: صفقات الأسلحة أولاً والإنسان آخراً

أقصى النفاق أن يتجاهل ماكرون حملات منظمات حقوق الإنسان تفضح انتهاكات جسيمة ترتكبها أجهزة السيسي.

يفصل ماكرون بين صفقات الأسلحة وبين مكاشفة ضيفه حول الانتهاكات المريعة ويتخذ خيار تجميل الاستبداد ودعم المستبد.

ماكرون لا يخرج عن نهج غالبية رؤساء فرنسا وقادة الديمقراطيات الغربية في دعم أنظمة الفساد والعسف والاستبداد وخيانة الشعوب وحقوقها.

*     *     *

فشلت جميع الجهود التجميلية التي بذلتها الحكومتان الفرنسية والمصرية في سبيل طمس الأهداف الحقيقية وراء زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى باريس في وقت يتعرض ملف الحريات العامة والمدنية في مصر إلى حملات استنكار واحتجاج واسعة النطاق وشديدة اللهجة من جانب عشرات المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان.

وكان كينيث روث المدير التنفيذي لمنظمة «هيومن رايتس ووتش» قد أحسن اختصار المحتوى الحقيقي لزيارة السيسي إلى فرنسا حين قال إن السيسي «لعب بمهارة لدعم المصالح الأوروبية، وصوّر أنه حصن ضد الإرهاب والهجرة، وصديق لإسرائيل، ومشتر غزير للأسلحة».

وبالفعل، ورغم أن السيسي هو «الدكتاتور المفضل» لدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فإن فرنسا وليس الولايات المتحدة هي بائع السلاح الأول إلى النظام المصري.

في هذا المضمار لم يكن في وسع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن يضلل الرأي العام داخل بلده، حين اعترف خلال مؤتمر صحافي مشترك مع السيسي بأن «مبيعات الأسلحة إلى مصر لن تكون مشروطة بتحسين وضع حقوق الإنسان».

وهذا موقف غريب بقدر ما هو فاضح، خاصة وأن ماكرون تفاخر أمام السيسي بأن بلاده تعتمد فلسفة الأنوار و«قيمة الإنسان تسمو على أي شيء آخر» فتبارى في هذا مع السيسي الذي بدأ بالقول إن «القيم الدينية أعلى مرتبة» من القيم الإنسانية.

الجانب الآخر الفاضح في إصرار ماكرون على عدم الربط بين مبيعات الأسلحة وحقوق الإنسان هو إدراك الرئيس الفرنسي أن العديد من الأسلحة الفرنسية مختلفة الأصناف يجري تسريبها إلى قوات الماريشال الانقلابي خليفة حفتر.

فلا تُستخدم في معارك نظامية ضد حكومة الوفاق فقط، بل ضد الإنسان الليبي المواطن المدني في غالبية المناطق الخاضعة لسلطة حفتر.

وليس بعيداً في الزمان انكشاف أمر الأسلحة الفرنسية المباعة إلى السعودية واضطرار وزيرة الدفاع فلورانس بارليه إلى الإقرار بأنها تُستخدم ضد أبناء الشعب اليمني في نهاية المطاف.

وإلى جانب جشع الحكومة الفرنسية في استدراج مبيعات الأسلحة إلى مصر، بتمويل سعودي أو إماراتي في غالب الأحيان، هنالك منافع انتهازية مشتركة بين ماكرون والسيسي، يأتي على رأسها توافق الطرفين على دعم حفتر في ليبيا، والدخول على خط النفوذ التركي في المتوسط وليبيا من جانب أول.

ومن جانب ثان يحتاج ماكرون إلى الدعم المعنوي المباشر من نظام السيسي لما يعتبر أنه معركة مفتوحة مع الإسلام السياسي في فرنسا، إذ لم يتردد الرئيس المصري في مساندة نظيره الفرنسي خلال أزمة الرسوم الكاريكاتورية.

ورغم أن ماكرون زعم أنه خاض تلك المعركة تحت شعار الإنسان وحقه في التعبير الحر عن الرأي، فإن أقصى النفاق أن يتجاهل حملات منظمات حقوق الإنسان الدولية في فضح الانتهاكات الجسيمة التي ترتكبها أجهزة السيسي.

ويفصل ماكرون بين صفقات الأسلحة وبين مكاشفة ضيفه حول تلك الوقائع المريعة، بل يتخذ على العكس الخيار النقيض في تجميل الاستبداد وتشجيع المستبد، ليس في أي مكان آخر سوى فرنسا بلد الثورة وحقوق المواطن والحريات المصانة.

لكن ماكرون لا يخرج في هذا عن نهج غالبية رؤساء فرنسا ومعظم قادة الديمقراطيات الغربية في التعامل مع أنظمة الفساد والعسف والاستبداد، وخيانة آمال الشعوب وحقوقها.

المصدر | القدس العربي

  كلمات مفتاحية

مصر، السيسي، فرنسا، ماكرون، صفقات الأسلحة، الإسلام السياسي، تمويل سعودي أو إماراتي، حفتر، ليبيا،

خيبة أمل.. حقوقيون دوليون ينتقدون تسامح ماكرون مع قمع السيسي

إدارة ترامب توافق على بيع أسلحة إلى السعودية والكويت ومصر