هل يربح المغرب من التطبيع مع إسرائيل؟

السبت 12 ديسمبر 2020 11:03 ص

"الاعتراف بسيادة المغرب على إقليم الصحراء مقابل تنازل بموقف الأخير من الملف الفلسطيني".. هكذا بدت صيغة "الصفقة" التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، الخميس الماضي، لتطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، ما أثار تساؤلات المراقبين حول حسابات الربح والخسارة بميزان الرباط.

وتمثل تطورات الموقف الدولي من قضية الصحراء عام 2020 محورا أساسيا للإجابة على هكذا تساؤلات؛ إذ كان بامتياز "عام الاختراق المغربي في إقناع دول عدة بفتح قنصليات لها في الإقليم".

 ورفع من أسهم تعزيز موقف الرباط من قضية الصحراء إدارتها لأزمة معبر الكركرات بشكل لم يخلق له أيّ احتكاك مع الأمم المتحدة؛ ليأتي إعلان الاعتراف الأمريكي بشأن سيادة الإقليم ليعطي دفعة كبيرة للتحركات المغربية.

ويرى الباحث المغربي في القانون الدولي "عزيز إدامين" أن قرار "ترامب" سيساعد المغرب كثيراً؛ لأن واشنطن لها حق النقض في مجلس الأمن، ولأنها هي التي تعدّ مشروع القرار المتعلّق بتمديد صلاحيات المينورسو (بعثة الأمم المتحدة للاستفتاء في إقليم الصحراء)، وفقا لما أورده موقع إذاعة "صوت ألمانيا" (DW).

ويملك المغرب خصوصية عن باقي الدول العربية في العلاقة مع إسرائيل؛ فهو صاحب أكبر جالية يهودية في دولة الاحتلال، كما أنه لعب دورا كبيرا على يد الملك الراحل "الحسن الثاني" في اتفاقية أوسلو بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

 وكانت مساهمة المغرب محدودة جدا في الحروب العربية الإسرائيلية، كما كان له اتصالات رسمية مع إسرائيل لأكثر من 6 سنوات حتى توقفت بعد اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية.

ولأن الإعلان المغربي بشأن التطبيع لم يذكر تبادل للسفراء، يرى عديد الخبراء أن المغرب باتجاه إجراء "تطبيع جزئي" يختلف عن تطبيع الإمارات والبحرين مع إسرائيل.

وفي هذا الإطار، تقول المحللة بـ"معهد دراسات الأمن القومي" في إسرائيل "سارة فوير" إن الأمر لا يتعلق باتفاق سلام، بل بما يشبه العودة إلى ما كان عليه الحال بين الطرفين قبل عام 2002، عندما كان هناك مكتب اتصال إسرائيلي في الرباط.

 ويؤيد التحليل ذاته "إدامين"؛ إذ لا يرى أن هناك مستجدات كبيرة بين المغرب وإسرائيل، سوى وجود إعلان رسمي عن "استئناف" علاقات كانت مستمرة وإن لم تكن معلنة.

في هذا الإطار، جاء تشديد بلاغ الديوان الملكي في المغرب بأن تدابير "استئناف العلاقات الدبلوماسية" مع إسرائيل "لا تمس الالتزام الدائم والموصول للمغرب في الدفاع عن القضية الفلسطينية العادلة".

وجاء تأكيد الرباط كذلك في بلاغ آخر عن اتصال جمع العاهل المغربي "محمد السادس" بالرئيس الفلسطيني "محمود عباس" جاء فيه أن المغرب "يضع دائما القضية الفلسطينية في مرتبة قضية الصحراء المغربية، وأن عمل المغرب من أجل ترسيخ مغربيتها لن يكون أبدا، لا اليوم ولا في المستقبل، على حساب نضال الشعب الفلسطيني من أجل حقوقه المشروعة".

ويعتقد أستاذ الإعلام في جامعة بيرزيت الفلسطينية "نشأت الأقطش" أن "تبرير الدول العربية التي تطبع علاقاتها مع إسرائيل بأنها لن تتراجع عن موقفها من القضية الفلسطينية ليس أمرا جديدا، فقد بدأه أنور السادات في اتفاقيات كامب ديفيد"، لكن "كل هذه مبرّرات غير مسنودة، فأيّ تطبيع مع إسرائيل دون أن يأخذ الفلسطيني حقوقه يضرّ بالقضية الفلسطينية مهما حاولنا تجميله".

ويرى "الأقطش" أن "هناك تفاهما ضمنيا بين السلطة الفلسطينية والمغرب؛ لأنه ليس للأولى أي شيء تقوله إذا كانت تطبع بدورها مع الاحتلال منذ اتفاق أوسلو".

لكن ذلك لا يعني أن صفقة الرباط خالية من الخسائر، حسبما ترى "فوير"، مشيرة إلى أن اتفاقا من هذا النوع سيكون له ثمن "غال" ذو علاقة بالطريقة التي سترّد بها الجزائر وجبهة البوليساريو.

ولا تستبعد "فوير" احتمال تصاعد العنف في إقليم الصحراء على خلفية مواجهة ثقل الدعم الأمريكي للمغرب في ملف النزاع حول الإقليم.

ومنذ 1975، هناك نزاع بين المغرب و"البوليساريو" حول إقليم الصحراء، بدأ بعد إنهاء الاحتلال الإسباني وجوده في المنطقة.

وتحول الصراع إلى مواجهة مسلحة استمرت حتى 1991، وتوقفت بتوقيع اتفاق لوقف إطلاق النار اعتبر الكركرات منطقة منزوعة السلاح.

وتصر الرباط على أحقيتها في إقليم الصحراء، وتقترح حكما ذاتيا موسعا تحت سيادتها، فيما تطالب "البوليساريو" باستفتاء لتقرير مصير الإقليم، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تأوي لاجئين من الإقليم المتنازع عليه.

المصدر | الخليج الجديد + متابعات

  كلمات مفتاحية

المغرب إسرائيل تطبيع المغرب تطبيع