استطلاع رأي

أي من هذه الدول تمارس الدور الأكثر إيجابية في حرب غزة؟

السعودية

مصر

قطر

إيران

تركيا

أهم الموضوعات

طبقات اليمين الإسرائيلي وبصيرة دا سيلفا

عن أوهام التفاؤل الأميركي

أزمة اقتصاد مصر وانتظار الفرج من الخارج

نحو وقف الحرب على غزة

سيناريو اليوم التالي للحرب

هل الاهتمام بالقومية تخلف؟

الأربعاء 30 سبتمبر 2015 04:09 ص

هناك نظرة متخلفة للقومية، وهي النظرة التي تعتبر القومية متخلفة. ففي الأوساط العربية، في أواخر السبعينات إلى أوائل التسعينات، انتشرت نظرة - غالباً تنتسب إلى الليبرالية- تعتبر القومية شيئاً من الماضي، وأن «روح العصر» -أيّاً يكن معنى هذا الشيء- قد تجاوزها.

إن هذه النظرة هي المتخلفة، بمعنى أن مجال البحث في العلوم الاجتماعية والإنسانية قد تجاوزها -هذا إن كان مرّ بها أصلاً- منذ أكثر من 20 عاماً. يقول أنطوني سميث، الذي يوصف بأنه (إضافة إلى مزايا أخرى، يعتبر أهم راصدي الدراسات القومية)، أن «حجم ما كتب عن الموضوع يمكن أن يغطي مدينة بحجم لوس أنجلس... والنقاشات فيها واسعة ومتنوعة ولا تنحصر في كونها نقاشات بين رؤى آيديولوجية متعارضة حول القومية، أو حتى صدام بين النظريات التفسيرية، بل هو نقاش يتضمن خلافات حادة حول تعاريف المصطلحات الرئيسية».

قبل الحديث عن سبب هذا الاهتمام المتزايد بموضوع القومية في الدراسات الحديثة، يجب أن نتحدث عن أسباب تخلف نظرة قطاع كبير من الليبراليين لهذا الموضوع. السبب الأول هو -بطبيعة الحال- أنهم لا يقرأون، فمن بين الكائنات الكثيرة التي ناقشتها، فإني لم أجد أكثر من أمثال هؤلاء دوغمائية، ترديداً لكليشيهات محددة وكأنها ترنيمات دينية، وركوناً لمسلمات ثابتة متحجرة لا قبول لإعادة النظر والتفكير فيها. الأمر الثاني، والرئيس، هو تبنيهم نظرة مبسطة ومختزلة للقومية، أي أنها نوع من العنصرية العرقية المتحجرة المنغلقة المفعمة بالمشاعر وغياب العقل.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي، كانت النظرة الغربية المتفائلة متفائلة بأن انخراط بلدان شرق أوروبا في النظام الاقتصادي الرأسمالي وتبنيهم الأنظمة الديموقراطية سيدفعهم إلى الازدهار والنمو والحرية، إلا أن الصدمة كانت في أن هذه التحولات أنتجت موجة من الحركات القومية، والصراعات القومية، بين تلك البلدان، دفعت الباحثين إلى إعادة اكتشاف هذه الظاهرة مجدداً.

قبل سقوط الاتحاد السوفياتي، كان النقاش الرئيس حول القومية بين مدرستين رئيستين يدور حول سؤال: «كيف تتشكل القومية؟»، المدرسة الأولى تقول إنها ظاهرة ما قبل حداثية موجودة تشكلت ببطء في لحظة تاريخية قديمة، ثم استمرت بعد ذلك، أما المدرسة الثانية -التي ينتمي إليها بندكت آندرسون، وجيلنر، وغيرهما- فتراها أنها إحدى نتائج الحداثة، مع اختلاف حول التشديد على أي جانب من الحداثة هو المسؤول عن تشكلها - أهي المطبعة ووسائل الاتصال والتواصل أم تشكل الجيوش الحديثة أم تشكل الاقتصادات الحديثة؟

وعلى رغم هذا الخلاف حول كيفية تشكل القومية، إلا أن كلتا المدرستين تتفق على ماهية القومية، أي أنها بعد تشكلها تحظى بنوع من الثبات، ودرجة عالية من الاحتواء والتجانس. ولهذا عندما ظهرت موجة القوميات بعد سقوط الاتحاد السوفياتي، تبنى أصحاب هاتين المدرستين تفسيراً متقارباً لهذا الانبعاث، تفسير يسميه بروبيكر ساخراً «قبلة البعث»، أي أنهم نظروا إلى هذه القوميات بأنها كانت مثل الأميرة الحسناء النائمة يحرسها تنين هو الاتحاد السوفياتي، وبمجرد ما قتل هذا التنين، وهبتْ هذه الأميرة قبلة البعث فعادت إلى الحياة من جديد. أي أنها كانت دوماً موجودة، لكنها كانت مكبوتة، وكل ما حصل هو أنه زال عنها الكبت.

وأمام مثل هذا الطرح ظهرت دراسات جديدة تتحدى هذه النظرة التي ترى القومية بأنها ظاهرة ثابتة منذ تشكلها، أي النظرة التي ترى الأمة العربية منذ تشكلها أصبحت كياناً ثابتاً، قد يغفو، قد يكبت، لكنها عندما تستفيق وتعود، فإنها تعود كما كانت أول مرة. هذه النظرة، قام باحثون جدد في موضوع القومية بتحديها عبر دمغها بمصطلح «المحتواتية»، أي أنهم يركزون في البحث في محتوى الجماعة القومية مفترضين حدودها الثابتة. أي أنهم يتحدثون عن البريطانيين والفرنسيين والسوريين والعراقيين، كمجموعات معطاة وموجودة، ثم يبدأون بالنقاش في «محتوى» هذه المجموعات.

من هؤلاء الباحثين، هناك بروبيكر في كتابه «إطار جديد للقومية» وكالهون في كتابه «القومية» وڤيرديري وغيرهم، الذين اختاروا نهجاً ينظرون فيه إلى كيفية عمل القومية، عوضاً عن النظر في ماهيتها، إلى ديناميكية إعادة رسم حدود (نحن-هم) التي تتغير بشكل مستمر- بطيء أو سريع، متدرج أو درامي- ورصد هذه التغيرات؛ فعوضاً عن التركيز على التحولات الكبرى طويلة الأمد التي شكلت القومية، يسعى هذا اللون من البحث إلى التغيرات والتحولات التي تجري في الفترات القصيرة، أو نتيجة الأحداث الرئيسة كالربيع العربي، ورصد كيفية عملها.

ومنهم - مثل جيمس سكوت- من رأى البحث في الطرق التي تشكلت فيها الأصناف والفئات الطائفية والعرقية والقومية (فهذه الكلمات تعني الشيء نفسه هنا) بسبب سياسات الدولة في منح الجنسية، في التسمية، في التعداد السكاني، في توزيع الموارد...إلخ. والتقسيمات والتصنيفات غير الرسمية الشعبية التي تستخدم بشكل يومي (فكّر في تقسيمات كـ(قبيلي) و(خضيري) و(حضري) و(بدوي)...إلخ) وكيفية تشكلها واختلافها عن تلك التي تشكلها المؤسسات الرسمية.

الهدف من هذا العرض هو توضيح أن دراسة «القومية» حقل أكاديمي كبير، ويحظى باهتمام متزايد، وأن المؤسسات الأكاديمية أدركت منذ فترة طويلة أهمية هذه الظاهرة وتأثيرها. ومن ثم، فالهدف منه- أي من هذا العرض- ليس الدعوة لاعتناق القومية كآيديولوجيا سياسية، بل توضيح حجم (التخلف) والتبسيط في الآيديولوجيا السياسية التي يتبناها أولئك الذين يدعون أنفسهم ليبراليين.

 * سلطان العامر - كاتب سعودي

  كلمات مفتاحية

القومية العنصرية الرأسمالية الاتحاد السوفياتي الليبرالية

لماذا لا يمكن أن نعتمد على «القومية العربية» لهزيمة «الدولة الإسلامية»؟

موقع عبري: الدوحة تدير حملة لبناء نظام شرق أوسطي يمزج القومية العربية بالإسلام السياسي

«فاينانشيال تايمز»: الروح القومية تغزو المملكة السعودية الجديدة بسبب حرب اليمن

«خامنئي»: أمريكا تستغل «النعرة القومية» لدى أكراد إيران لزعزعة الأمن

صيغة "إدارة" وليس "حل" الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تؤدي إلى دولة ثنائية القومية