صيغة "إدارة" وليس "حل" الصراع الفلسطيني الإسرائيلي تؤدي إلى دولة ثنائية القومية

السبت 13 ديسمبر 2014 06:12 ص

رغم حقيقة أن المسألة الاسرائيلية الفلسطينية هي الاكثر مصيرية لمستقبل دولة اسرائيل، ليست هي التي أدت الى اسقاط الحكومة. حول هذا الموضوع كان الائتلاف موحدا وشعاره: ادارة الصراع. مؤيدو هذه الصيغة يقولون إنه بسبب عدم وجود من نتحدث معه، فلا حاجة الى محاولة التوصل الى حل الصراع، ويجب الاكتفاء بادارته. وطالما أن لهذا الادعاء مؤيدون في القسم المركزي واليساري للخريطة الجماهيرية والسياسية، فمن الممكن أن يقام ائتلاف واسع بعد الانتخابات لـ"مديري الصراع".

مثل سابقتها، فان الحكومة ستتذرع بادعاء أنه لا يوجد من نتحدث معه – هذا الادعاء الذي يُسمع من المعسكرين اللذين كان يفترض أن يتصارعا ايديولوجيا وسياسيا في ظروف اخرى. المعسكر المعارض لحل الدولتين يستخدم هذا الادعاء كذريعة لرفضه. والمعسكر الذي يؤيد هذا الحل يعتقد أنه في المدى المنظور فان الاتفاق ليس عمليا. وصيغة ادارة الصراع هي حل سحري يُمكن المعسكرين من التعاون والتغلب على الفجوة الايديولوجية بينهما.

هذا التزاوج الغريب والضار من شأنه أن يعود. ورافضو اقامة الدولة الفلسطينية سيستمرون في ادارة الصراع بشكل يضمن سلطة اسرائيل على كافة المناطق بين البحر والنهر، أما مؤيدو صيغة الدولتين فسيستمرون في اقتراح المراحل البينية أحادية الجانب، من شأنها تمهيد الطريق لليوم الذي سيأتي فيه من يمكن التحدث معه.

هذه لعبة مباعة مسبقا، نظرا لأن طرف واحد فقط يستطيع الفوز بها: الطرف الذي يعارض صيغة الدولتين. الطرف الذي يريد في نهاية المطاف دولة فلسطينية الى جانب دولة اسرائيل سيفشل مرة وراء الاخرى، لأنه يعاني من فشل أساسي: لا يوجد شيء مرحلي حقيقي لا يشمل اخلاء مستوطنات. إلا أن هذا الاخلاء الذي ثمنه صعبا ايضا في اطار اتفاق كامل، أصبح غير ممكن من الناحية السياسية لأنه لا يعطي اسرائيل أي مقابل حقيقي. من ناحية اليمين فان ائتلاف ادارة الصراع هو وصفة سياسية عبقرية: ايضا تسريع منطق ارض اسرائيل الكاملة واظهار أن هناك اجماع وطني واسع.

إلا أنه تحت شعارات الوضع القائم – لا يوجد من نتحدث معه وادارة الصراع – فان التوجهات السلبية آخذة في الازدياد: الديمغرافيا في الضفة الغربية تعمل بعكس مصلحة هوية اسرائيل كدولة يهودية ديمقراطية، اسرائيل مستمرة في التجذر اكثر في الضفة ومعها تتعمق  المصلحة السياسية الفئوية بعدم المس بالمستوطنين ومؤيديهم. وبهذا تدخل اسرائيل الى واقع لا عودة عنه ومعظم مواطني اسرائيل لا يريدونه: دولة ثنائية القومية.

من اجل انقاذ اسرائيل من ضياع هويتها يجب أولا وقبل كل شيء وضع حدود ثابتة ومعترفا بها في القانون الدولي. وعندما تكون حدود كهذه فسيتلاشى المبرر الذي حرك حكومات اسرائيل بتحديد الوقائع على الارض. ولن تقام مستوطنات جديدة على اراضي مصيرها مقرر. لن يتم استثمار المبالغ الضخمة في منطقة لن تكون تحت السيادة الاسرائيلية، على مر الوقت وفي ظل غياب مبرر حكومي وبواعث ايديولوجية ستزداد حركة المستوطنين باتجاه المناطق السيادية المعترف بها لاسرائيل.

اسرائيل موجودة الآن في موقع مساومة جيوسياسي يمكنها من ضمان حدود كبيرة وترتيبات امنية مشددة. التوقيت المريح يرتبط بالعلاقات الخاصة مع الولايات المتحدة وبوجود مبادرة السلام العربية التي تقترح تطبيع وسلام في حدود 1967 مع تبادل للاراضي متفقا عليه. هذا الواقع الجيوسياسي غير مضمون الى الابد. العمليات الديمغرافية وغيرها في الولايات المتحدة (ايضا الجالية اليهودية هناك) تشير الى أن المكانة المفضلة لاسرائيل ليست أبدية، وايضا مبادرة السلام العربية، التي تنتظر على الرف منذ 2002 لن تنتظر هناك الى الأبد. والمساعدة من الولايات المتحدة ستقل مع الوقت، واسرائيل التي ما زالت تلتصق باستمرار الاحتلال تتحول بالتدريج الى مصدر قلق دبلوماسي للولايات المتحدة والتأييد الجماهيري تجاهها يتراجع وبالذات لدى الجيل الشاب.

نحن نوجد في نهاية الساعة الاستراتيجية. بدلا من أن نخشى مجلس الامن تستطيع اسرائيل بمساعدة الولايات المتحدة وضع هذا الطرف على جهة. واسرائيل ستكون مستفيدة من قرار ملزم لمجلس الامن يحدد النقاط الاساسية للاتفاق الدائم وعلى رأسه الحدود. شيء يشبه قرار 242 محسن، الامر الذي لا يمكن عمل مفاوضات واتفاق مستقبلي بدونه.

الامر الذي نستطيع تحقيقه اليوم بغطاء امريكي، وبمساعدة اوروبية وبتأييد دولي وبموافقة من معظم العالم العربي، ليس مضمونا في المستقبل. عملية كهذه ستحسن مكانة اسرائيل في العالم وتعطي مصداقية بأنها تسعى الى السلام، وتعزز مطالبها للامن وتوقع ضربة قاسمة باولئك الذين يقومون بحملة مقاطعة وعدم شرعية لاسرائيل. الاسرائيليون الذين يؤيدون حل الدولتين ويعتقدون أنه لا يوجد شريك فلسطيني الآن يجب أن يفضلوا خيار مجلس الامن على خيار ادارة الصراع. الاول سينقذ اسرائيل لأنه سيعطيها حدودا معترفا بها والثاني سيؤدي الى واقع كارثي لدولة ثنائية القومية. العملية الانتخابية هي الفرصة للمعسكر الذي يؤيد حل الدولتين من اجل ابراز رسالته والتميز عن المعسكر الذي يعمل من اجل افشال هذا الخيار. والشرط الاول لذلك: التخلص من صيغة ادارة الصراع.

المصدر | هآرتس العبرية

  كلمات مفتاحية

إسرائيل فلسطين ائتلاف نتنياهو إدارة الصراع حل الصراع الاكتفاء بإدارة الصراع دولة ثنائية القومية

هل الاهتمام بالقومية تخلف؟