التدخل العسكري الأميركي في العراق .. رسائل داخلية وإقليمية جديدة؟!

السبت 9 أغسطس 2014 01:08 ص

مشرق عباس - المونيتور

اخيراً تقرر الولايات المتحدة ان الوضع الامني والانساني في العراق، يتطلب تدخلاً عسكرياً عاجلاً، وجاء خطاب الرئيس باراك اوباما الجمعة ليؤكد هذا المعنى، وعبر تحديد المهمة الاميركية في شقين الاول يتعلق بتنفيذ عمليات عسكرية جوية وصفها بـ"المحدودة"، والثاني يخص التدخل الانساني لانقاذ العراق من عمليات ابادة تتعرض لها خصوصاً اقلياته.

لكن التدخل الاميركي، يبدو انه يحمل رسائل مختلفة، سواء من حيث التوقيت، او من حيث الاهداف.

فمن حيث التوقيت، كان واضحاً ان واشنطن مارست ضغوطات جادة على الاطراف العراقية المختلفة، للتوصل الى ترتيبات معقولة لتشكيل حكومة عراقية تنال قبولاً وطنياً عاماً، وان العراقيين عليهم العمل بانفسهم على تحرير ارضهم، ولكن ليس قبل الاتفاق على اسس واضحة للدولة العراقية يقف عليها الجميع.

وقد كان هذا المعنى واضحاً في بيان وزير الخارجية جون كيري الذي اشار الى ضرورة ان ينهي الساسة العراقيون خلافاتهم عبر الاتفاق على صياغة الحكومة بشكل شامل ومقبول من الجميع.

وليس بعيداً عن عامل التوقيت فأن الولايات المتحدة انتظرت كما يبدو ان تنهي الاطراف السياسية العراقية محاولاتها الدائمة لاستثمار الانهيار الامني، سياسياً، وان تدرك احجامها الحقيقية، وتتوصل الى الحقيقة التي ظلت غير معترف بها طوال السنوات الماضية، ومفادها ان لافرصة لحكم العراق بشكل منفرد، سواء من طائفة او حزب، او شخص، وان القرارات التي قد تتخذ في ضوء الازمات والانهيارات الكبرى، مثل الانفصال او الانقلاب او الحياد لن تقود الا الى المزيد من الانهيارات.

وبالطبع لابد من التذكير بأن الازمة العراقية والتحديات التي مثلها تنظيم "داعش" الذي تعملق وتمدد بشكل غير مسبوق وبات يشكل تهديداً يتجاوز حدود العراق وسوريا الى المنطقة باسرها، والعالم، قد تكون مدخلاً مثالياً، لتوصل دول المنطقة برمتها الى حقيقة "هشاشة" الحدود، وان اية دولة لن تكون بمعزل عن الخطر، ما يتيح اعادة تموضع اقليمي، في التعامل الحذر مع محاولة التلاعب بالعقائد والمذاهب، واستخدامها في حرب مفتوحة.

ومن المفيد الحديث عن أن دولاً متقاطعة سياسياً في المنطقة مثل ايران، والمملكة العربية السعودية، والاردن، وتركيا، شعرت بانها امام تهديد جدي لامنها الداخلي، وقد يكون الوقت حان للبدء بصوغ رؤية اكثر واقعية لفرضية صراع الاقطاب المستعر في الشرق الاوسط منذ سنوات.

العامل الثاني، الذي يمثله القرار الاميركي ، يتعلق بأن التدخل العسكري، بات مطلباً للاطراف العراقية المختلفة، بالاضافة الى كونه مطلب الحكومة العراقية نفسها،

ما يضع القرار الاميركي هذه المرة، في وضع مختلف عن ظروف عام 2003 في قضايا جوهرية تتعلق بالموقف الشعبي العراقي، من المساعدة العسكرية الاميركية المنتظرة، كما انه يتزامن مع دعوة مجلس الامن الدولي لمساعدة العراق في حربه ضد "داعش".

وكانت سبقت الاعلان الاميركي تسريبات عن توجيه ضربات جوية ضد تنظيم "داعش"، في مناطق مواجهات يخوضها مع البيشمركة الكردية، شمال العراق، وهي انباء نفتها واشنطن، لكن اوباما اكد في كلمته، ايصال مساعدات الى النازحين المحاصرين في جبل سنجار شمال العراق.

الثابت في تطورات الايام الاخيرة، في العراق، ان الحرب على "داعش" يجب ان تكون قراراً عراقياً شاملاً، قبل ان تكون قراراً اميركياً او دولياً، وهذه الحرب تتطلب اعادة انتاج التوافقات العراقية لتسمح بانهاء القطيعة الكردية – السنية – الشيعية والبدء بتسويات كبيرة، تضمن تجفيف المنابع التي يستمد منها الارهاب، مقومات حياته.

مثل هذا التوافق لن يحدث من دون اجراءات شجاعة على الوسط السياسي العراقي اتخاذها بجرأة، لتسمح بتوسيع قاعدة التمثيل الحكومي، واعادة فرض هيبة الدولة، والعمل على بناء جيش عراقي اكثر قدرة على الصمود في وجه التهديدات.

لكن ذلك لن يتم قريباً على اية حال، ما يطرح اسئلة اضافية، حول حدود التدخل العسكري الاميركي، واذا كان حاسماً في تقديم اعانة للقوى التي تحارب "داعش" على الارض.

هزيمة "داعش" والمدة التي تتطلبها، مرهون ايضاً، بقدرة العراقيين انفسهم على تسوية خلافاتهم، فالامر قد لايتطلب اياماً لنجد ان عناصر داعش قد اصبحوا خارج الحدود، ولكنه قد يستغرق وقتاً اطول في حال كان قرار الحرب على "داعش" لايرتبط بتوافق داخلي، وفي حال كانت الضربات الجوية الاميركية غير قادرة على احداث انقلاب في موازين القوى العسكرية ضد "داعش".

ابعد من ذلك، ان الحرب على "داعش" في العراق لن تكون حاسمة، مع استمرار سيطرة التنظيم على اراضي سورية واسعة، وخوضه حراباً شاملة هناك سواء ضد الحكومة السورية، او ضد القوى المسلحة المعارضة لها.

  كلمات مفتاحية

قضية تشكيل الإقليم السني في العراق تتصدر مناقشات مؤتمر أربيل

العراق: الأمير الأمريكي وقتل المجتمع