معهد هوفر: على بايدن فتح حوار استراتيجي مع تركيا لهذه الأسباب

الثلاثاء 15 ديسمبر 2020 11:37 م

حض معهد هوفر البحثي الأمريكي للسياسات العامة إدارة الرئيس الأمريكي "جو بايدن" على فتح حوار استراتيجي مع تركيا والرئيس "رجب طيب أردوغان" إذا أرادت واشنطن الخروج من الشرق الأوسط وحماية مصالحها.

واعتبر المعهد، في تقرير مطول، أن انسحاب الولايات المتحدة الكامل من الشرق الأوسط سيخلق مشاكل أكثر من التي سيحلها بالنسبة لواشنطن وحلفائها والمصالح الغربية بشكل عام.

وأضاف أن الشرق الأوسط مركز ثقل أسواق الطاقة العالمية ومحور النقل الرئيسي لجميع أوراسيا؛ ولذا فإنه إذا انسحبت واشنطن منه فإن الصين ستملأ فراغها بكل تأكيد، وسيمتد نفوذ بكين إلى أوروبا وأفريقيا.

وذكر الموقع أن الاستراتيجية العالمية السلمية تتطلب أن تظل الولايات المتحدة المهيمنة في الشرق الأوسط، وأن تعمل بقوة لاحتواء الصين وروسيا وإيران، لكن ذلك غير قابل للتحقق.

وأوضح أن هناك طريقة أخرى تتمثل في بناء تحالف من قوى إقليمية تكون قادرة على حماية المصالح الغربية في منطقة الشرق الأوسط، لكن عندما يتم التدقيق في ذلك الطرح، فإن قليلين جدا من حلفاء أمريكا في هذا الإطار من يملكون القدرة على إبراز قوتهم خارج حدودهم.

ووفق الموقع، هناك 3 قوى فقط منهم تبرز عن البقية وهي إسرائيل والسعودية وتركيا، لكن لسوء الحظ وصلت العلاقات التركية الأمريكية إلى أسوأ مستوياتها في السنوات العشر الأخيرة.

وذكر الموقع أن واشنطن ترى أن "أردوغان" يحاول استعادة أمجاد الإمبراطورية العثمانية، ويتبنى سياسة خارجية تتميز بدعم "الإخوان المسلمين" في العالم العربي.

ومن المفترض أن دعم "الإخوان"، وفقا لحجة ساسة واشنطن، ليس مجرد تكتيك. بل التزام أساسي لـ"أردوغان"؛ مما يضعه في مسار تصادمي مع الغرب وإسرائيل والحلفاء العرب للولايات المتحدة.

ووفق التقرير، فإن ما يتعلق بالتصور الموجود في واشطن حول النزعة العثمانية لـ"أردوغان" خاطئ؛ لأن أصحاب هذا التصور يخطئون في فهم الأسباب الرئيسية لهذا السلوك، وهذا يعمي واشنطن عن الفرص التي يمكن من خلالها أن تضع الأساس لتجديد التعاون التركي الأمريكي.

أمن قومي تركي

وأشار التقرير إلى أن العيوب في التصور الأمريكي حول النزعة العثمانية تبدأ بالقراءة الخاطئة للخريطة؛ فتركيا تقع عند تقاطع البلقان والقوقاز والشرق الأوسط.

وتشتهر كل منطقة من المناطق المذكورة بتعقيد وقسوة سياساتها، ومع ذلك يجب على تركيا أن تتعامل مع الثلاثة في وقت واحد.

ونتيجة لذلك؛ يركز القادة الأتراك على التهديدات التي يتعرض لها الوطن على حدود تركيا المباشرة.

ويشمل هذا بالطبع التهديدات القادمة من المناطق الكردية في العراق وسوريا، لكن الظروف في العالم العربي ليست أولوية قصوى لتركيا أو لـ"أردوغان".

وأكد المعهد أن إقامة علاقة مثمرة مع تركيا تتطلب أن يتفهم الأمريكان ويحترموا تحديات الأمن القومي التركي، لكن في السنوات الأخيرة كان سجل واشنطن في هذا الصدد ضعيفا.

واستشهد التقرير بدعم واشنطن للجناح السوري لتنظيم "حزب العمال الكردستاني" (بي كا كا)، الذي بدأ في 2014، رغم أن خصوم "أردوغان" يعتبرون أن هذا  التنظيم "أكبر تهديد للأمن القومي التركي".

وبعد سنوات من الشكوى، لجأ "أردوغان" للرئيس الروسي "فلاديمير بوتين"؛ لشراء نظام صاروخي بعد رفض أمريكي، ودعم الأتراك من جميع الأطراف الصفقة؛ سواء أكانوا قوميين أو علمانيين أو إسلاميين.

إعادة اكتشاف العلاقة مع تركيا

ولفت التقرير إلى أن هناك طريقا للخروج من الأزمة الراهنة، ويبدأ ذلك بإعادة اكتشاف المصالح المشتركة بين تركيا والولايات المتحدة.

وأشار إلى أنه خلال الحرب الباردة، أدرك الأمريكيون أن تركيا تمثل قوة توازن لا تُقدر بثمن للاتحاد السوفيتي، وبعد 1979 مثلت قوة توازن لإيران الثورية.

ويتطلب الوضع العالمي اليوم، تحديث هذا المفهوم، لكن ما يقف عائقا أمام ذلك، هو التصور الأمريكي المشوش عن النزعة العثمانية الجديدة لـ"أردوغان".

ولفت التقرير إلى شجب مؤيدي هذا التصور المشوش عن تركيا خطوة "ترامب" بالانسحاب من سوريا، زاعمين أن خطوة الانسحاب تعني تسليم سوريا إلى روسيا وإيران على طبق من ذهب؛ وهو ما ثبت خطأه تماما عندما أوقف الجيش التركي بمفرده هجوما روسيا إيرانيا في إدلب، مارس/آذار الماضي.

وبعد ذلك بقليل، واجهت القوات التركية روسيا في ليبيا. وفي الشهر الماضي، وجه "أردوغان" ضربة ثالثة لروسيا في إقليم "قره باغ".

وذكر التقرير أن التحالف التركي الآذري يمنع روسيا من وضع إبهامها في القصبة الهوائية لأوروبا، كما أربكت الحرب في "قره باغ" قادة إيران.

وأشار التقرير إلى أنه في السنوات الأخيرة عمل رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" بهدوء بالتوازي مع تركيا لدعم الجيش الآذري، الذي تدمج قدراته الحربية الأنظمة التركية والإسرائيلية، وهذا يلخص الأمر.

ووفق التقرير، فإن "أردوغان"، المهندس المزعوم للسياسة الخارجية الإسلامية السنية، يعمل بالتوازي مع "نتنياهو"؛ لتقوية أذربيجان الشيعية لإخراج إيران من المعادلة، وهذه سياسة واقعية كلاسيكية، وليست إسلامية.

وذكر التقرير إنه باختصار تحقق تركيا مصيرها الجغرافي الاستراتيجي من خلال موازنة روسيا وإيران، لكن حتى عندما تفعل ذلك فإن أنصار تصور النزعة العثمانية لتركيا يضغطون على الكونجرس لفرض عقوبات على تركيا.

وحسب تقرير هوفر، فمن خلال إساءة فهم الحقائق الجيوسياسية الأساسية، يخاطر مؤيدي هذا التصور بوضع أمريكا في موقف لا يمكن الدفاع عنه في الشرق الأوسط.

وأضاف أن أمريكا التي ليست لديها شهية لنشر أعداد كبيرة في الشرق الأوسط لا يمكنها ببساطة احتواء وروسيا وإيران وتركيا في وقت واحد.

وأضاف التقرير أن مثل هذه الجهود ستأتي بنتائج عكسية وتقود إلى التوافق الروسي الإيراني التركي المدعوم من الصين بهدوء.

وخلص التقرير إلى أنه من شأن هذا التوافق أن يسرع ببساطة من رحيل الولايات المتحدة من الشرق الأوسط، ومن أجل تجنب مثل هذا الاحتمال يجب على الإدارة الأمريكية القادمة أن تجعل فتح حوار استراتيجي مع أنقرة أحد أولوياتها القصوى.

المصدر | الخليج الجديد

  كلمات مفتاحية

العلاقات التركية الأمريكية الشرق الأوسط رجب طيب أردوغان جو بايدن

واشنطن بوست: بايدن لديه فرصة لإصلاح ما أفسده ترامب مع تركيا

‏وزير الدفاع الأمريكي الأسبق ينصح بايدن بمحاسبة تركيا وألمانيا

جيوبوليتيكال: أردوغان يسعى لجعل 2021 عام المرونة السياسية والدبلوماسية