فرصة للنفوذ.. كيف استفادت دول الخليج من نتائج الربيع العربي؟

الجمعة 18 ديسمبر 2020 06:15 م

أثار الربيع العربي الذي تسبّب بإسقاط أو إضعاف أنظمة عربية، قبل 10 سنوات، مخاوف في دول الخليج، ولكنه شكّل أيضا فرصة لها لتعزيز مكانتها، فبرزت دول خليجية كمركز ثقل عربي جديد في الشرق الأوسط.

يقول الأستاذ المساعد في التاريخ بجامعة الكويت "بدر السيف": "إضعاف مراكز القوة التقليدية العربية (..) جعل من الخليج للمرة الأولى في التاريخ الحديث مركز القوة العربية".

ومنذ عام 2011، يشهد العالم العربي موجة ثورات تخللتها احتجاجات شعبية في دول عدة رفضا للطبقات الحاكمة التي ينظر اليها على أنها فاسدة وقمعية وغير كفوءة.

وأدت الاحتجاجات إلى سقوط نظامي "زين العابدين بن علي" في تونس، و"حسني مبارك" في مصر. كذلك أسقطت نظامي "معمر القذافي" في ليبيا، و"علي عبدالله صالح" في اليمن، لكن حربين مدمرتين اندلعتا في البلدين ولا تزال قائمتين. وكذلك في سوريا حيث لم يسقط نظام "بشار الأسد"، وإن كانت تقلصت سيطرته على أرجاء البلاد.

في 2013، استعاد الجيش الحكم في مصر، حيث يمارس نظام "عبدالفتاح السيسي" قمعا أسوأ من زمن "مبارك". وأصبحت القاهرة التي لطالما كانت منارة ثقافية ومركزا للعروبة، تحتل عناوين الصحف بسبب خروقات حقوق الإنسان وازدياد نسبة الفقر بين سكانها.

على خط مواز، يشهد العراق منذ الغزو الأميركي عام 2003، عدم استقرار وحروبا. ومثل سوريا، تنتشر فيه مخيمات النازحين، وتحول إلى ساحة للتدخلات الأجنبية.

وتتناقض هذه الصورة مع الازدهار في الإمارات وقطر اللتين تجذبان ملايين الأجانب بناطحات السحاب والطرق الجديدة والبنى التحتية المتطورة.

وطالت احتجاجات الربيع العربي سلطنة عمان والبحرين، ولكن تم إخماد الشرارة بسرعة خصوصا في البحرين إثر تدخل عسكري للجيش السعودي والإماراتي.

"زمام الأمور"

ويوضح "بدر السيف" لوكالة "فرانس برس"، أن الربيع العربي "فتح أعين" دول الخليج الحليفة المقربة من الولايات المتحدة في المنطقة، على غياب أي رد فعل أمريكي على مواجهة الأنظمة في مصر والبحرين صعوبات واحتجاجات شعبية.

ويضيف الباحث الكويتي: "كانت هذه بداية إدراك دول الخليج بأنها بحاجة للإمساك بزمام الأمور بنفسها؛ بسبب عدم وجود ضمانات باستقرار أمني ثابت من جانب الولايات المتحدة".

وبحسب "السيف"، فإن دول الخليج كانت تتحضر لتعزيز نفوذها حتى قبل عام 2011.

ويرى الأكاديمي الإماراتي "عبدالخالق عبد الله" أن "الربيع العربي سرّع من هذا التوجه وقام بترسيخه وإبرازه".

ويتجلى هذا التوجه خصوصا في الإمارات وقطر. أما بالنسبة إلى السعودية، فهي تشكل أصلا مركزا للثقل العربي بقوتها الاقتصادية كونها أول مصدر للنفط الخام في العالم، ومكانتها الدينية إذ يوجد فيها أقدس المواقع في الإسلام.

ويرى الأستاذ الإماراتي أن الدوحة "قلبت الربيع العربي لصالحها" و"لعبت دورا فيه" خصوصا مع تغطيتها للاحتجاجات عبر قناة "الجزيرة" الشهيرة التي أعقبها نجاح مؤقت للأحزاب الإسلامية خصوصا في تونس ومصر.

ومن جانبها، استفادت الإمارات من موقعها "كملاذ آمن" لا سيما مع جذب الاستثمارات إلى إمارة دبي.

في الشرق الأوسط المليء بالصراعات والفقر، تستعد قطر لاستقبال كأس العالم لكرة القدم 2022، وأرسلت الإمارات رائد فضاء قبل إطلاق مسبار باتجاه المريخ، بينما ترأست السعودية مؤخرا مجموعة العشرين.

تنافس على النفوذ

وتشير الباحثة في معهد دول الخليج في واشنطن "إيما سوبرير"، إلى أن هذه الدول الثلاث تجد نفسها، بالتزامن مع صعود نجمها،  في "تنافس على القوة".

في الخامس من يونيو/حزيران 2017، قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الدبلوماسية مع قطر. واتهمت الدول الأربع الدوحة بدعم جماعات إسلامية متطرفة، الأمر الذي نفته قطر.

في ليبيا، تدعم الإمارات القائد العسكري النافذ المشير "خليفة حفتر" ضد حكومة الوفاق المدعومة من تركيا وحليفتها قطر.

وبحسب "سوبرير"، فإن هذا التدخل في غياب أي تفويض من الأمم المتحدة يشكل منعطفا. "فقد تم إرسال رسالة للشركاء الغربيين مفادها أن الإمارات أصبحت الآن قوة إقليمية قادرة على ضمان مصالحها من خلال الضربات العسكرية إذا لزم الأمر".

بينما تقود السعودية منذ 2015، تحالفا عسكريا يضم الإمارات، في اليمن؛ لدعم الحكومة في مواجهة المتمردين الحوثيين المدعومين من إيران.

وبدأت دول خليجية أيضا باتخاذ قرارات دبلوماسية مثل التقارب مع إسرائيل، مع تطبيع الإمارات والبحرين علاقاتهما مع الدولة العبرية.

وخلال الأيام الماضية، صدرت إشارات عن احتمال التقدم نحو حل بين قطر ودول الخليج.

وترى الباحثة السعودية "إيمان الحسين"، أنه خلافا للقوى العربية القديمة، ترفض بعض الدول الخليجية  "القومية العربية أو النزعة الإسلامية العابرة للحدود" التي أعادت التذكير بها ثورات الربيع العربي.

وتضيف لـ"فرانس برس": "مفهوم القومية ليس مقتصرا على منطقة الخليج، بل هو اكتسب زخما في كل العالم"، مشيرة إلى عدم إيلاء هذه الدول أهمية كبرى الى مشاعر "الشارع العربي".

المصدر | أ ف ب

  كلمات مفتاحية

الربيع العربي احتجاجات شعبية الثورات العربية

تضارب مصالح دول الحصار يعرقل حل الأزمة الخليجية

فورين أفيرز: الانتفاضات العربية لم تمت.. وهكذا سيكون المستقبل

دروس الربيع العربي.. الثورة عمل صعب لكن التنظيم السياسي أصعب